ما مستقبل الكتاب وصناعة النشر في العالم العربي؟.. الباحث فرانك ميرمييه يجيب
الثلاثاء، 09 أكتوبر 2018 06:00 ص
حلّ الباحث الفرنسي فرانك ميرمييه ضيفا في برنامج محاور اليوم الاثنين، وهو البرنامج الذي تبثه قناة "فرانس 24" ويقدمه المحاور وسيم الأحمر، المتخصص في الشؤون الدولية، ويعني برنامجه بمحاور الواقع العربي والإسلامي الثقافي.
فرانك ميرميه
وكشف فرانك ميرمييه لوسيم الأحمر خلال لقائهما اليوم الاثنين، ردًا على سؤال الأخير: هل يقرأ العرب..؟ وأي مستقبل للكتاب وصناعة النشر في العالم العربي..؟، أن هناك جمهور جديد للكتاب، يتمثل بشكل خاص بالنساء والشباب، ويرى فرانك ميرمييه أن للكتاب مكانة كبيرة في العالم العربي لأنه وسيلة لنشر الأفكار الجديدة.
وعن اهتمام فرانك ميرمييه بمشروع الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية، قال إنه مهموم بتعريف القارئ الفرنسي بأوضاع البلاد العربية في حالة الحرب، مشددًا على ضرورة تعريف المجتمع الفرنسي المنظور الجديد لكارثة الحرب في اليمن وسوريا.
وتطرق الحوار في بدايته عن حالة النشر في العالم العربي، وقال فرانك ميرمييه: "القاهرة تكتب وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ صارت مقولة غير صالحة اليوم، لأننا رأينا في الفترة السابقة، تطور وازدهار الرواية العربية في كل مكان، من المغرب إلى الخليج، مرورا بالعواصم الثقافية مثل بيروت ودمشق، والقاهرة وغيرها، وفي التسعينات حدث تأسيس الكثير من دور النشر في كل بلدان العالم العربي، وكان النشر يندرج في القطاع العام، لكن في التسعينيات شهدنا تطور وازدياد دور النشر في كل البلدان، فصار المشهد العام للنشر العربي مختلف تماما عما كان سابق.
وتابع فرانك ميرمييه: الخليج الآن يلعب دورًا كبيرًا في موضوع النشر العربي، بسبب أهمية معارض الكتاب، ففي مدينة أبوظبي والشارقة، وجدة، والرياض لعبت هذه المعارض دورا كبيرا في استقطاب الناشرين، وكذلك دور الجوائز الأدبية التي مثلت حافزًا للكُتاب والناشرين، وأيضا مثلت حافزا لنوعية الكتابة الروائية في العالم العربي.
وسأله المحاور وسيم الأحمر، عما إذا لم يزل النشر حاملا لأفكار حداثية وإنتاج فكري من حيث المضمون؟ فأجاب فرانك ميرمييه: ليس الإنتاج بالنسبة للخليج، لكن الخليج لعب دورًا في التمويل في حقل النشر، فمثلا مشروع كلمة في أبوظبي، وبالنسبة لتشجيع أدب الأطفال في الشارقة، وأيضا بالنسبة لبعض النشر المشترك، مثلما حدث في بعض بلدان الخليج، واستقطاب المهنيين من مصر ولبنان وسوريا، إلى الخليج، لتطوير حقل النشر في هذه البلدان.
وتابع فرانك ميرمييه: أعتقد أنه يوجد فضاءان، فضاء عربي للنشر، والمتمثل في معارض الكتب التي تلعب دورا مهما في توزيع الكتاب، ويوجد أيضا دائرة أخرى مهمة جدا، وهي دائرة تعزيز الفضاء الوطني الثقافي، حيث لم يكن هناك دور نشر في المغرب سابقا، لكن الآن المشهد اختلف في الجزائر وتونس والمغرب، وتعزز الفضاء الوطني للتعبير عن الثقافة على المستوى الوطني، أي الآن صار لدينا هذين الفضاءان، فهناك نشر عربي على المستوى الإقليمي، وهذه الدور تتمركز أكثر في بيروت والقاهرة، وتوجد دور نشر في المستوى الوطني بدول المغرب العربي.
وتطرق فرانك ميرمييه إلى بيروت كفضاء عربي، قائلا: مثلت بيروت حيزًا عامًا، لأن الكُـتاب الذين لا يستطيعون نشر كتبهم في بلدانهم بسبب الرقابة، وقوانين الرقابة تغيرت في العالم العربي كثيرًا، فمن النادر الآن أن توجد رقابة قبل النشر، لكن توجد هذا في بعض البلدان.
وتابع ميرمييه: استفادت بيروت من الرقابة في البلدان الأخرى، واستفادت من التأميم الذي حدث في مصر في الستينات، وكثيرا من دور النشر جاءت إلى بيروت لنشر الكتب، والاستقرار بها كمقر لممارسة أعمالهم.
وتحدث ميرمييه عن مشكلة أزمة النشر في بيروت وغلق بعض دور النشر، مشيرا إلى أن المشكلة مع النشر العربي، أنه لا توجد الكثير من دور النشر الكبيرة، مثل ما حدث في الغرب، مع التمركز الكبير لدور النشر الكبرى التي تهيمن على حقل النشر في الغرب، وبالنسبة للنشر العربي لا توجد هذه الظاهرة، فدور النشر العربية معظمها مستقل، وهذا له سلبيات، وإيجابيات، فلا توجد دور نشر عربية لديها رأس مال اقتصادي كبير، لكن التعددية هي إيجابية في دور النشر العربية، فلا توجد هيمنة من دور النشر في السوق.
معرض كتاب
وتطرق الحوار بين وسيم الأحمر وفرانك ميرمييه إلى محور: هل يقرأ العرب..؟ وقال وسيم إنه وفقا لتقرير صدر في الإمارات يقول بأن نسبة القراءة في العالم العربي تصل إلى نحو 35 ساعة، وأن متوسط الكتب نحو 16 كتابا، فأجاب فرانك ميرمييه: كثير من الناشرين يشكون من غياب القراء، لكن عندما نشاهد معارض الكتب، ونرى الجمهور الذي يتردد عليها، فبالتأكيد هناك جمهور جديد للقراءة، منهم النساء، والشابات، ونرى أيضا ازدهار ظاهرة الرواية في العالم العربي، وهو ما يجعلها تلاقي جمهورا كبيرا في بعض البلدان، وبالسعودية هناك إقبال على القراءة من جمهور مختلف، غير الذي تعودنا عليه في السابق.
الباحث الفرنسي فرانك ميرمييه أحد الباحثين في مجال الأنثروبولوجيا، تخصص في دراسة المجتمعات العربية والإسلامية في اليمن ولبنان، وعرف القارئ الغربي باليمن تحديدا، وهو في ذلك خالف الباحثين الفرنسيين المهتمين بالثقافة العربية، ممن اختاروا مصر والشام ميدانا لأبحاثهم، وكشف في حوار عن أسباب اهتمامه باليمن، أنه حينما سافر لها عام 1979، مصادفة، بعدما تقدم لإعلان وظيفة في معهد اللغات والحضارات الشرقية بباريس، وكان مطلوبا أن يكون لدى المتقدم معرفة باللغة العربية، ليعمل لدى البعثة الطبية في فرنسا مترجما، فأقام في تعز منذ سبتمبر 1979، حتى مارس 1981.