نوبل نادية مراد.. جائزة السلام تذهب لضحية القادة الذين أخفقوا في تحقيقه
السبت، 06 أكتوبر 2018 04:00 م
في الوقت الذي أخفق فيه قادة العالم عن إفشاء السلام، اتجهت أكاديمية نوبل في العاصمة السويدية استوكهولم، لمكافأة ضحاياهم، ضحايا هؤلاء القادة الذين تسببوا في ترويع الآلاف، وعجزوا عن إيجاد تسويات، وتحولت البلاد العربية لمواضع تجريب الأسلحة، وأهداف للتقسيم والتفتيت.
نادية مراد الفائزة بنوبل في السلام
نادية مراد التي تداولت وكالات الأنباء أسمها أمس بعد خبر نيلها جائزة نوبل في السلام، إحدى ضحايا هؤلاء القادة، الذين تسببوا في وصول المشهد العراقي إلى الوضع الحالي، ونمو تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وتمدده بأفكاره المتطرفة، وممارسته الإجرامية، واضطهاده طائفة الإيزيديين وسبيه نساء الطائفة، وتعامله معهن كنساء وجواري.
جورج بوش الابن
تسبب الاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003، في تأزم المشهد العراقي، وانفجاره، جاء الاحتلال بمزاعم إقرار الديموقراطية المحروم منها العراقيين منذ عقود، وهي الأكاذيب التي روجت لها الأمبريالية الأمريكية، وهي تستهدف وضع أيديها على النفط العراقي، والعلماء العراقيين، جرفت الولايات المتحدة أرض العراق الخصب، وساهمت في تبديد وتدمير ثروته الأثرية والحضارية، ومتاحفه، انتشرت أعمال السلب والنهب، هرع المجرمون واللصوص إلى المتاحف، ودمروها، وظهرت التنظيمات الإرهابية "داعش" ودمرت مساجد النبي يونس في الموصل، ومسجد النبي شيث، وتدمرت عدة مواضع أثرية كانت مدرجة على لائحة التراث العالمي، التابعة لمنظمة اليونسكو، مثل مدينة الحضر، وآشور.
في كتابه "الطريقة الأمريكية في الحرب" الصادر ترجمته عن المركز القومي للترجمة عام 2006، يطرح الصحفي الأمريكي إيوجين جاريكي، عدة أسئلة تتعلق بتلك الحرب، ويعلن حيرته الكبيرة التي تلت غزو العراق، بقوله: كيف تصرفت الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأمريكية، لكي تكون نتيجة ذلك أن تشق طريقها إلى مطب الحرب التراجيدية في العراق، هل كان ذلك تحت مبرر الرد على هجمات 11 سبتمبر 2001، أم كانت الحرب من أجل الفوز بأعمال تجارية أكبر وأحسن؟
غلاف كتاب الطريقة الأمريكية في الحرب
في الفصل السابع من الكتاب، الذي عنونه "إيوجين جاريكي" بالصدمة والفزع في البلاد، يتحدث "إيوجين" عن تقرير سيمور هيرش في عدد 27 أكتوبر من مجلة "نيويوركر" عن الأكاذيب التي ساقتها الإدارة الأمريكية لتبرير الحرب، وهو ما كشفته مذكرة في قمة السرية تسجل وقائع اجتماع عقد في 23 يوليو عام 2002، بين توني بلير رئيس وزراء بريطانيا، ووزرائه، وتسمت هذه المذكرة باسم مذكرة "داوننج ستريت"، وكشفت أن أعضاء إدارة جورج بوش الابن، رغبوا بعد 11/9، في إزالة صدام من خلال عمل عسكري، تبرره العلاقة بين الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل، وخدعت إدارة بوش الكونجرس، والشعب الأمريكي في أسباب الحرب الحقيقية.
توني بلير رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب على العراق
وفي 5 يونيو 2008، نشرت لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ تقريرها المخابراتي عن المرحلة الثانية ما قبل الحرب، تكشف فيه أن البيض الأبيض وبوش بالغا في تقديم الأدلة ضد صدام حسين، وبشأن تملكه أسلحة دمار شامل، وعند الإفراج عن التقرير أعلن عضو الشيوخ السيناتور جاي روكفللار، رئيس لجنة المخابرات أنه بإعداد أسباب الحرب، فإن الإدارة كررت إبراز معلومات المخابرات على أنها حقيقة، في حين أنها في الواقع كانت معلومات غير جوهرية ومتعارضة وحتى غير موجودة، ونتيجة لذلك اقتيد الشعب الأمريكي إلى التصديق بأنه التهديد من جانب العراق كان أكثر بكثير مما كان.
وفي فضيحة تسريبات ويكليكس الشهيرة لوثائق الحرب على العراق، كشف جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكليكس، المتخصص في نشر الوثائق الحكومية الأمريكية السرية على الإنترنت، والمتعلقة بحرب العراق، أن القيادة العسكرية الأمريكية في العراق كانت على علم بانتهاكات حقوق الإنسان، وأعمال التعذيب التي تعرض لها المعتقلون في السجون، وأشار أسانج إلى أن أكثر من 109 آلاف مواطن عراقي قتلوا في الفترة ما بين 2004، و2009.
ظهور تنظيم داعش الإرهابي
في التاسع والعشرين من يونيو 2014، أعلن المتحدث باسم تنظيم داعش الإرهابى، أبو محمد العدناني، في تسجيل صوتي قيام ما أسماه بالدولة الإسلامية ومبايعة أبوبكر البغدادي لقيام الدولة.
ظهر التنظيم في العراق عام 2003، وهو عام الغزو الأمريكي، حيث قام أبو مصعب الزرقاوي، الذي كان عضوا في تنظيم القاعدة بالعراق، وقاد معسكرات تدريب لمسلحين في أفغانستان، بتأسيس ما عرف حينها بتنظيم الجهاد والتوحيد، ومر بمراحل وانعطافات عديدة إلى أن تم الإعلان عن دولة العراق الإسلامية في عام 2006.
أواخر عام 2011، تم الإعلان عن تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام، وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، بقيادة أبو محمد الجولاني، الذي أوفده تنظيم داعش في العراق إلى سوريا لهذا الغرض مع قادته المترسين في العراق.
وفي أبريل 2013، تم الإعلان عن تنظيم داعش في العراق والشام، وسبق إعلان التنظيم اجتياح واحتلال ثاني أكبر مدن العراق، وهي الموصل في التاسع من يونيو عام 2014.
من هم الإيزيدييون الذين تنتمي إليهم نادية مراد؟
الإيزيديون هم مجموعية عرقية دينية، تتمركز في العراق وسوريا، يعيش أغلبهم قرب الموصل، ومنطقة جبل سنجار في العراق، وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا وألمانيا وجورجيا وأرمينيا، وينتمون عرقيا إلى أصل كردي، ذي جذور هندوأوروبية، ويتكلمون اللغة الكرمناجية، والعربية، خصوصا إيزيدية بعشيقة قرب الموصل.
كان من بين العديد ممن وقعوا ضحايا تنظيم داعش، مجموعة الإيزيديين، الذين حوصروا في الجبال الواقعة في الشمال الغربي من العراق، دون غذاء، أو ماء، وتعرضوا لاضطهاد الدواعش، نتيجة للفهم المغلوط لحقيقة تسميتهم، بأنهم ينتمون إلى يزيد بن معاوية، ثاني حكام الدولة الأموية، إلا أن إحدى الدراسات أثبتت أن تسميتهم لا علاقة لها بالخليفة الأموي، بل تتعلق بالكلمة الفارسية "إيزيد"، والتي تعني الملاك أو الإله.
وحينما هاجم تنظيم داعش الإرهابي جبل سنجار عام 2014، كان الإيزيديين هدفا للتنظيم، في صباح الثالث من أغسطس عام 2014، وسبوا 6500 سيدة وطفل من الإيزيديين، وقتلوا قرابة 5 آلاف شخص في ذلك اليوم، بحد رواية «نادية مراد» نفسها في حوار متلفز مع CNN، كشفت نادية في ذلك الحوار أنهم فصلوا النسوة عن أمهاتهم وأشقائه، لثمانية أشهر، بعضهم قتل، والبعض الآخر مختف حتى الآن، وتعرضت نادية ورفيقاتها، للاغتصاب، والبيع كسبايا في أسواق نخاسة أقامتها داعش.
كان ذلك كله نتيجة للغزو الأمريكي، الذي فتت العراق، ودمرها، وجعلها تقع فريسة للنعرات الطائفية، وضربات الإرهاب.