رحيل المفكر الفلسطيني الكبير سلامة كيلة.. المواطن العربي أينما حل

الثلاثاء، 02 أكتوبر 2018 06:00 م
رحيل المفكر الفلسطيني الكبير سلامة كيلة.. المواطن العربي أينما حل
سلامة كيلة
وجدي الكومي

رحل عن عالمنا المفكر الفلسطيني الكبير سلامة كيلة، اليوم الثلاثاء، المناضل العربي، الذي تنقل للعيش بين فلسطين والعراق وسوريا، وأقام قليلا في مصر، قبل أن يرحل اليوم في عمان، بعد سنوات من صراعه مع مرض السرطان.

سلامة كيلة
سلامة كيلة

دفع كيلة أثمانا غالية في طريق نضاله من أجل الحرية، وُلد في مدينة بيرزيت الفلسطينية عام 1955، ودرس العلوم السياسية بكلية القانون السياسي في جامعة بغداد سنة 1979، واعتقل عام 1992، في سوريا، بتهمة مناهضة أهداف الثورة، وسُجن لمدة 8 سنوات.

كان سلامة كيلة يعرف نفسه بأنه مواطن عربي، وحينما تخرج من الجامعة شارك في المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى حركة فتح، وفي عام 1976 اضطر لمغادرة فلسطين، ليكمل الدراسة في بغداد، وانتمى إلى تنظيم سياسي، وعاش في دمشق منذ صيف عام 1981.

في يونيو الماضي أجرى سلامة كيلة حوارا تحدث فيه عن انتقاده لحافظ الأسد، وتسببه في إضعاف المقاومة الفلسطينية، وخلف كيلة ما يقرب من ثلاثين كتابا عبر فيها عن أفكاره عن التحرر، والفكر والسياسة والاقتصاد، منها كتابه الأحدث "التراجيديا السورية" و"الماركسية الجديدة" والإسلام في سياقه التاريخي، و" التصور المادي للتاريخ" و"من هيجل إلى ماركس" و"اليسار العربي في أفوله" و"الصراع الطبقي في سوريا".

لم يكف سلامة كيلة حتى رحيله، عن فضح المحاولات الصهيونية لهدم ومحو الإرث الفلسطيني، والإتيان بمصطلحات جديدة، الهدف منها تصفية أي محاولات لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وفي مقاله الذي نشره في شهر يونيو هذا العام، بمجلة رمان الثقافية، ناقش سلامة كيلة فكرة "أي دولة واحدة" تدعو لها إسرائيل، دولة فلسطين؟ أم إسرائيل؟ أم فلسطين / إسرائيل؟، مشددا على أن الفكرة التي قامت عليها الدولة الصهيونية تتمثل في أن في فلسطين دولة واحدة هي إسرائيل، وليس هناك من دولة أخرى، وهذا ما تسعى الآن من أجل تحقيقه من خلال ضم القدس، وجزء كبير من الضفة الغربية.

دافع سلامة كيلة عن طرح الدولة العلمانية الديموقراطية الواحدة في فلسطين وانتقد رافضيها، ووصفهم في مقال آخر خصصه لتفنيد أفكارهم، بقوله: في الغالب لا يبدو المنطلق الذي يؤسس هؤلاء تصورهم عليه واضحاً، حيث أن كل ما يركزون عليه هو رفض فكرة الدولة الواحدة، ويدخلون في ديالوغ شتائم ضد الذين يطرحون حل الدولة الواحدة. هناك من طرح حلاً أكثر سخفاً من حل الدولتين، حيث فكك القضية الفلسطينية إلى قضايا تتخذ طابعاً حقوقياً مؤسّساً على الشرعية الدولية. لكن في المجمل ما يجري بعد نشر وثيقة الحركة الشعبية هو أن هناك من يعلن رفضه بأقصى مستوى من الشتائم، ويبدو أنه لا يجرؤ على طرح رؤيته.

ما يمكن فهمه من كل ذلك هو أن هناك ثلاثة أطراف قررت التصدي لمشروع الدولة الواحدة العلمانية الديمقراطية، التي تقوم على أنقاض الدولة الصهيونية.

رغم أن هناك شيزوفرينا تحكم العديد ممن يتصدى، حيث يرد من منظور وهو في الواقع يتبنى منظوراً معاكساً، حيث أن الرد يأتي من كادرات في فصائل فلسطينية تتبنى حل الدولتين وتدافع عنه، ويأتي الرد متوتراً لا يجرؤ على طرح المعاكس لذلك، لكنه يشتم انطلاقاً منه، أي أن الرد يأتي من التمسك بـ "تحرير فلسطين"، وبـ "الكفاح المسلح"، وبرفض وجود اليهود بعد التحرير، لكنه رد به غمغمة، ويختفي تحت سيل من الشتائم مع التبني الواقعي لحل الدولتين. وهو ضد "اليهود المستوطنين"، ومع تشريدهم، لكنه يقبل دولة على 20% من فلسطين. وهو يريد "تحرير فلسطين" وهو يفقد كل مكامن القوة، ليتحوّل العمل المسلح إلى عمل فردي، ومحدود. أو يأتي الرد من أفراد هامشيين لا يستطيعون سوى "التميّز" بإعلاء الصوت، ورفض كل ما يطرح، في منظومة متكاملة من الشتائم والتخوين والتجريح، هي كل ثقافتهم.

يُعرف سلامة كيلة فلسطين حين انطلاق الثورة بأنها كانت من البحر إلى النهر، مضيفا: لكننا اليوم في فلسطين أخرى، حيث أن مبادئ الثورة تلك لم تصمد سوى سنوات قليلة، ومن ثم أخذ التراجع مداه، تحت شعار إقامة سلطة فلسطينية على أي أرض يتم تحريرها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق