شركات «إلحاق العمالة بالخارج».. حلم الغلابة المسروق

«الغربة مليانة فلوس»، يظن الكثير من شباب المصريين ذلك، فبالتالي يسارعون في طرق الأبواب، علها تفتح لهم محملة بالرزق، لكن أحيانا يصبح الأمل سراب، حينما يقع أحدهم ضحية في جريمة نصب.

الجرائم يتورط فيها بعض شركات إلحاق العمالة بالخارج، عبر اختلاقها أساليب وحيل كثيرة، من بينها زعم حصولها على عمولات، أو حتى عدم حصول الشركة على عمولات قبل سفر الشاب، واستنزاف أموالهم تحت بنود وهمية مثل رسوم إدارية ورسوم استعلام عن أوراق أو إجراء تحاليل طبية.

الحلم يتبدد كثيرا، أحد أبناء محافظة البحيرة يدعي «ياسر» تبدد حلمه مرتين، غير أن الحلم مازال يراوده، يمني نفسه بفرصة عمل في الخارج، علها تحقق آماله وطموحاته في الثراء السريع والعودة لإقامة مشروع تجارى يدر ربحا ثابتا.

لكن لمرتين تم النصب عليه، فبعد أدائه الخدمة العسكرية، ظن أن حلمه اقترب، بعدما أبلغه أحد أصدقائه بأن أحد أقاربه تقدم  للحصول على فرصة عمل في الخارج، فكان التقديم مجاني بالقاهرة، وعليه الانتظار شهر.

شهر يفصل ياسر عن الغني، فظل يعد الساعات كمان لو كانت أخر أيام خدمته العسكرية، يقول: «الاتفاق كان لدولة الإمارات والعمل هناك في مهنة عامل أسانسير أو عامل في مطعم،  براتب 2200 درهم إماراتي، وبعد انقضاء المدة ذهبنا لمتابعة الأوراق، وفوجئنا بطلب تحاليل طبية بسعر 650 جنيها، وظهرت نتيجتها بعد 10 أيام، وبعدها قالوا إن التحاليل جيدة ونحتاج من كل فرد 500 جنيه لاستكمال باقي الأوراق في السفارة، وبالفعل دفعنا وانتظرنا فترة طويلة دون أن يتصل بنا أحد».

بعدها بشهر اتصل المجني عليه بالمكتب للاستفسار عن حالة الطلب وأعطوه موعدا للمجيء إلى المكتب واستلام تذكرة السفر بعد شهر من المكالمة، وبالفعل ذهب إليهم في اليوم المحدد وفوجئت بوجود ضباط من مباحث الأموال العامة تلقى القبض على كل من فى المكتب، وذهلت من المشهد خاصة وأنهم أكدوا لنا وجود ترخيص وأطلعونا على رقم الترخيص».

لم ييأس "ياسر" من تجربته السابقة مع مكتب إلحاق العمالة للخارج، حيث قرر خوض التجربة مرة أخرى مع شركة جديدة، معتقدًا أن ما حدث له لم يكن سوى صدفة أوقعته في شركة محترفة النصب، فذهب إلى شركة جديدة في ميدان الجيزة، قرأ إعلانها في إحدى جروبات شركات التوظيف بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، لكنها كانت نصابة.

الأمر لا يخفى على أحد فمباحث الأموال العامة تكثف جهودها لضبط الشركات الوهمية، آخرها القضايا التي تم ضبطها في الغربية، حيث تم القبض على "ا.ا" 38 سنة، مندوب مبيعات، استولى على 120 ألف جنيه من شباب الغربية بزعم تسفيرهم للخارج، وعدم وفائه بذلك ورفضه رد المبالغ المستولى عليها.

ونجحت مباحث الأموال العامة في ضبط عصابة تزور تأشيرات سفر الشباب للخارج، حيث أكدت تحريات ضباط فرع الإدارة بشرق الدلتا قيام "ر.ن" مهندس زراعي، سابق اتهامه في 5 قضايا "تزوير- ابتزاز - سرقة متنوعة - ضرب"، وابنه "محمد" المقيمان بالدقهلية، بممارسة نشاط إجرامي واسع النطاق في مجال تزوير المحررات الرسمية والاحتيال على الشباب راغبي السفر للعمل بالدول الأوروبية والنصب والاحتيال على ضحاياهما باستخدام محررات وتأشيرات مزورة والاستيلاء على أموالهم.

وتم القبض عليهم وعثر داخل منزلهما على 69 جواز سفر بأسماء أشخاص مختلفة، ومستندات مزورة عبارة عن "تقارير طبية منسوبة لمستشفيات حكومية - كشوف حساب بنكية"، و36 أكلاشيه للعديد من الشركات والأطباء والمستشفيات لاعتماد التقارير الطبية، و40 ألف جنيه من حصيلة نشاطهما الإجرامي، وجهاز حاسب آلي بمشتملاته محمل بالعديد من الملفات التى تحوى صورا للمحررات المضبوطة والتأشيرات وجوازات السفر والسير الذاتية الخاصة بضحاياهما.

وزير القوي العاملة، محمد سعفان، قال إن هناك 885 شركة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج تباشر عملها حاليًا، وتم إلغاء مزاولة عملية إلحاق العمالة  لـ 314 شركة خالفت القانون، فضلًا عن إيقاف عمل 30 شركة لحين توفيق أوضاعها.

وأشار إلى أن القانون حدد شروط إلغاء أو إيقاف الترخيص عند ثبوت بعض الحالات كفقد الشركة شرط من الشروط، أو تقاضى أية مبالغ من العامل نظير تشغيله بالمخالفة لأحكامه، حيث نص على عدم جواز تقاضى مبلغ  يجاوز 2% من أجر العامل عن السنة الأولى، أو إذا قدمت الشركة بيانات غير صحيحة للحصول علي الترخيص.

وتتعامل وزارة القوى العاملة مع شكاوى ضحايا شركات إلحاق العمالة، بجدية حيث يتم استدعاء مسئول الشركة "المالك" أو "الشريك" أو "المدير المسئول" أو "المندوب" بشرط أن يكون مسجل فى ملف الترخيص لكى يوقع على محضر أقوال لبحث الشكوى ويكون مسئولا عن الحل فيها، وإذا ثبت أن الشركة تخدع المواطنين وتحصل منهم أموال دون تقديم خدمة أو توفير عقود عمل، يتم تحويل الشكوى ضدها للأموال العامة ووقف التعامل معها لحين انتهاء التحقيقات.