بعد تأييد التحفظ على أموال 1589 إخوانياً..
أموال جماعة الاخوان الإرهابية بين قانونى "التحفظ على الأموال" و"الكيانات الإرهابية"
الأحد، 23 سبتمبر 2018 04:00 ص
قضت محكمة النقض، اليوم السبت، بتأييد إدراج حسن مالك و56 آخرين على قوائم الكيانات الإرهابية، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«ضرب الاقتصاد القومي»، فى الوقت الذي قررت فيه لجنة التحفظ على الأموال التحفظ على أموال 1589 شخصاَ وبعض الشركات والمدارس والجمعيات ثم تأييد هذا القرار أمام محكمة الأمور المستعجلة.
وبهذه القرارات أصبحنا أمام قرارين يصدران من جهتين مختلفتين الأول المحكمة كأحد الجهات القضائية بينما الجهة الثانية هي لجنة التحفظ على الأموال، إلا أن هناك فوارق بين قانونين الأول قانون الكيانات الإرهابية والثاني التحفظ على أموال الإرهابيين.
القرارات الصادرة تكشف الفوارق بين القانونين باعتبار أن تلك الفوارق خلقها في المقام الأول القانون رقم 22 لسنة 2018 بشأن تنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، المُصدق عليه من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسى في 22 أبريل الماضي وتم نشره في الجريدة الرسمية.
والمنصوص عليه في القانون 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، أولهما جاء من تسمية القانونين، فالأول جاء ليختص فقط بما هو يتعلق بالتحفظ على أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، فيما ينظر الثانى فى أمر إدراجهم على قوائم الكيانات أو الأشخاص الإرهابية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
والواقع يؤكد أننا أمام قانونين مختلفين لكل منهما إجراءاته واختصاصه فى شتى النواحي بداية من صدور القرار وحتى إجراءات الطعن عليه، الذي يرسمه كل قانون منهما طريقا مختلفا، وذلك في الوقت الذي تأتى فيه الإضافة على قانون التحفظ على أموال الجماعات والأشخاص الإرهابية، فى فكرة تمثلت فى إنشاء لجنة قضائية ذات تشكيل قضائي يوصف بـ«الخالص» اختلفت عن اللجنة السابقة والتى كان يترأسها المستشار محمد ياسر أبو الفتوح، والتى كانت بمثابة لجنة إدارية تشكلت بقرار من رئيس الوزراء فى 2 أكتوبر عام 2013
اقرأ أيضا: بعد تأييد التحفظ على أموال 1589 إخوانياً.. خطة الجماعة الإرهابية للخروج من أزمتها المالية.
لجنة حصر أموال الإخوان
بداية هذه القرارات كانت بتشكيل لجنة حصر والتحفظ على أموال جماعة الإخوان، والتى شُكلت بناء على الحكم الصادر في الدعوى رقم 2315 لسنة 2013 من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر أنشطة وممتلكات وأموال جماعة الإخوان، وذلك فى غضون 23 سبتمبر 2013.
اللجنة حينها تشكلت من ممثلين عن عدة وزارات وهى وزارة العدل، والتنمية المحلية، ووزارة المالية، ووزارة الداخلية، ووزارة التضامن الاجتماعي، وممثلين عن البنك المركزي، وجهاز اﻷمن القومي، وهيئة الرقابة المالية، والهيئة العامة للاستثمار، برئاسة ممثل وزارة العدل للجنة.
انجازات اللجنة بلغت 50 مليار
وفى يونيو 2014، لم تتوقف القرارات عند هذا الحد حيث أصدر رئيس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، قرار رقم 950 لسنة 2014 بتوسيع صلاحيات اللجنة وتحويلها إلى لجنة عمل دائمة، حيث بلغت أعمال اللجنة التى ترأسها فى البداية المستشار عزت خميس مساعد أول وزير العدل السابق، التحفظ على أموال تجاوز 50 مليار جنيه، ومنذ تشكيلها وحتى أبريل 2016 تحفظت على أموال 1375 عضوا بالجماعة، وعلى 1166 جمعية، وعلى 460 سيارة و318 فدانا زراعيا وغيرها-بحسب مصادر قضائية-.
وفى تلك الأثناء، تولى بعد ذلك المستشار ياسر أبو الفتوح رئاسة اللجنة، حيث تحفظت اللجنة خلال 4 شهور تقريبا على أموال 65 عضوا بجماعة اﻹخوان، و13 كيانا تابعا للجماعة ما بين شركات وجمعيات ومراكز طبية.
عوائق اللجنة
وفى ظل تلك الانجازات التى حققتها اللجنة كانت هناك عدة عوائق تمثلت فى حزمة الأحكام القضائية التي صدرت من محكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، بإلغاء قراراتها استنادا إلى أنها لجنة «إدارية» وليست «قضائية»، حيث تختص محاكم الجنايات بإصدار اﻷحكام القضائية المتعلقة بالتحفظ على الأموال بحسب المادة 208 من قانون اﻹجراءات الجنائية.
اقرأ أيضا: 5 آثار مترتبة على إدراج «أبو تريكة» و1528 آخرين على قوائم الكيانات الإرهابية
قانون الكيانات الإرهابية
الخطوة الثانية تمثلت بصدور القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات والأشخاص الإرهابية، حيث منح القانون للنيابة العامة اختصاص بإعداد قائمتين، إحداهما للكيانات الإرهابية، والأخرى للأشخاص الإرهابيين، على أن يتم تقديمها للنظر فيهما أمام دائرة بمحكمة الجنايات للنظر فى طلب الإدراج على قائمتي الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وتكون لمدة لا تجاوز 3 سنوات.
القانون رقم 8 لسنة 2015 في شأن تنظيم قوائم الكيانات والأشخاص الإرهابية أجاز لذوى الشأن وللنيابة العامة الطعن أمام محكمة النقض على القرار الصادر فى شأن الإدراج على أى من القائمتين خلال 60 يوما من تاريخ نشر القرار بالجريدة الرسمية.
الآثار المترتبة على الإدراج للكيانات
وهناك حزمة من الآثار المترتبة على قرار الإدراج، وذلك بالنسبة للكيانات الإرهابية، يتم حظر الكيان ووقف أنشطته، حظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر اجتماعاته، وتجميد الأموال المملوكة للكيان، أو لأعضائه حال إذا كانت مستخدمة في النشاط الإرهابي.
الآثار المترتبة على الإدراج للأشخاص
أما الآثار المترتبة على الإدراج بالنسبة للأشخاص الإرهابيين تتمثل في الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، سحب جواز السفر أو إلغاؤه، أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة لتولى الوظائف العامة، وتجميد أموال الإرهابي، حيث نص القانون على أنه في حال التجميد على تعيين من يدير هذه الأموال، حيث تحدده المحكمة بعد أخذ رأى النيابة العامة.
القانون الجديد
وبعد ذلك جاء القانون الجديد رقم 22 لسنة 2018 بتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين، الصادر فى 22 أبريل الماضى، حيث اتضح من خلاله أوجه الاختلاف بين هذه القانون وسابقة من حيث أنه يختص فقط بنقطة محددة وهى التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين وإدارتها، دون التطرق لفكرة إدراج الكيان أو الشخص على قوائم الإرهاب من عدمه. \
اقرأ أيضا: مفاجأة.. «البقية تأتي».. إدراج 338 متهما بقائمة الإرهاب (الآثار المترتبة)
القانون رقم 22 لسنة 2018 بتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين نص على إنشاء لجنة مستقلة ذات طبيعة قضائية تختص دون غيرها باتخاذ كل الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو كيان أو شخص ينتمى إلى جماعة أو جماعات إرهابية، وذلك استثناء من أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية.
تشكيل اللجنة واختصاصاتها
اللجنة تتشكل من 7 أعضاء من بين قضاة محاكم الاستئناف على أن يكون منهم بدرجة رئيس استئناف يرشحهم وزير العدل، ويصدر بندبهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى لمدة سنة قابلة للتجديد، وتكون رئاستها لأقدم الأعضاء، وتتولى اللجنة تنفيذا لتلك الأحكام أعمال حصر الأموال الخاصة بجميع تلك الأحكام أيا كانت صورتها، ولها اتخاذ كل الإجراءات التى تكشف عنها والاستعانة بكل الجهات التى ترى الاستعانة بها فى هذا الشأن.
الأمور المستعجلة فقط المختصة بنظر التظلمات
وللمرة الأولى منح القانون لمحكمة الأمور المستعجلة فقط دون غيرها اختصاص نظر التظلم على قرارات اللجنة بالتحفظ على الأموال، وذلك بعيدا عن محكمة القضاء الإداري أو محكمة النقض، كما هو واقع في قانون الكيانات الإرهابية، وفى قرارات الإدراج.
دور محكمة النقض
يرى الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض، أن محكمة النقض المصرية في الفترة الماضية نظرت عدد من الطعون على قرارات محكمة الجنايات بإدراج أشخاص ومتهمين على قوائم الإرهابيين، فأيدت عدد كبير منهم، بينما ألغت عدد أخر من هذه القرارات، مطالبة بإعادة النظر فيها من جديد أمام دائرة مغايرة للتى أصدرت القرار.
ووفقا لـ«الجنزورى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» فإنه إلغاء النقض لتلك القرارات كانت تُلغى بالتبعية الآثار التى تترتب على قرار الإدراج، والتى من بينها تجميد الأموال أو التحفظ عليها، وذلك وفقا لقانون الكيانات الإرهابية، بينما هنا فى هذا القانون رقم 22 لسنة 2018 بشأن تنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين لا اختصاص لمحكمة النقض بنظر التظلم أو الطعن على قرار التحفظ على الأموال، حيث الاختصاص فقط لمحكمة الأمور المستعجلة.
اقرأ أيضا: حل الإخوان مطلب عربي.. هل تمهد إجراءات موريتانيا ضد الجماعة المنطقة لطرد أحزاب التنظيم؟
الجديد فى هذا القانون أيضا هو ما نصت عليه المادة (11) منه، «مع مراعاة حقوق الغير، حسن النية يكون للجاني متى صار حكم التحفظ نهائيا التصرف فى الأموال محل التحفظ على النحو المبين في القانون المدني والمرافعات المدنية والتجارية، متى كان منطوق الحكم قد نص على التصرف فى المال، وذلك بنقل ملكيته إلى جانب الخزانة العامة بناء على طلب اللجنة من المحكمة المختصة التصرف فى المال»، فلأول مرة يتم النص على أن تؤول هذه الأموال المتحفظ عليها متى كان الحكم نهائيا للخزانة العامة للدولة، حيث كانت اللجنة السابقة تدير فقط هذه الأموال-طبقا لـ«الجنزورى»-.
أموال التحفظ تؤول لخزانة الدولة
كما يرى أشرف سعيد فرحات، الخبير القانوني والمحامى بالنقض، أن هناك اختلاف واضح وصريح بين قانون الكيانات الإرهابية والقانون الأخير بالتحفظ على أموال الجماعات الإرهابية، حيث أن القانون الأخير يعمل على تقنين الأوضاع من خلال النص على وجود لجنة مختصة ذات تشكيل قضائى تكون معنية بتنفيذ الأحكام الصادرة بالتحفظ على أموال الإرهابيين، كما تتولى هذه اللجنة مسئولية إدارة هذه الأموال.
ويضيف «فرحات» في تصريح خاص، أنه فيما يخص الطعن فإن القانون منح وأعطى الحق للقضاء المدني وليس القضاء الإداري بنظر التظلمات، ليس ذلك فقط بل جعل هذه الأموال تؤول إلى خزانة الدولة فى حال إذا ما أيدت محكمة الأمور المستعجلة قرار اللجنة.
ورداَ على الزعم بأن محكمة الأمور المستعجلة ليس من شأنها أو اختصاصها نظر الأمر،أكد «فرحات»: «الأمور في الوقت الراهن صارت مختلفة تماماَ حيث صار النص على اختصاص القضاء المستعجل بموجب تشريع قانوني، حيث أن القانون هنا هو الذي يحدد الاختصاص، وبالفعل قد تم إسناده للقضاء المستعجل.