خطة "تشكيرز" تحرج بريطانيا.. 3 أخطاء ارتكبتها تريزا ماي قبل قمة سالزبورج
السبت، 22 سبتمبر 2018 06:00 م
وجدت رئيسة الوزراء البريطانية نفسها محاصرة بين مطرقة أوروبا وسندان الرأى العام البريطانى بعدما رفض القادة الأوروبيين خطة تشيكرز التى اقترحتها ماى لتنظيم العلاقة بين بريطانيا وأوروبا فى مرحلة ما بعد البريكست.
ما حدث مثل صدمة دبلوماسية جديدة تلقتها تيريزا ماى خلال مشاركتها فى قمة سالزبورج لقادة الاتحاد الأوروبى.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك فهناك حالة شماتة عامة لدى قادة حملة البريكست الأصليين بعد أن أطلق نايجل فاراج حملة جديدة بعنوان "الرحيل يعنى الرحيل" وقام بتعليق ملصقات الحملة على الحافلات فى الشوارع بنفس الطريقة التى بدأ بها الدعاية للبريكست فى 2015.. فى إشارة لاحتمالية عودته لمحاولة اسقاط حكومة تيريزا ماى مثلما حدث مع ديفيد كاميرون.
3 أخطاء ارتكبتها ماى قبل قمة سالزبورج أولها اصرارها على خطتها ودعت لها كثيرا أمام البرلمان لكنها لم تعمل على إقناع السياسيين البريطانيين بها، حيث أعلن قادة حملة البريكست رفضهم للخطة وعلى رأسهم بوريس جونسون الذى استقال من منصب وزير الخارجية احتجاجا على تمرير الخطة، وتبعه ديفيد ديفيز وزير البريكست نفسه، مع ذلك استمرت تيريزا ماى فى الاصرار على الخطة بلا تعديل.
كما رفض السياسيون المؤيدين للبقاء فى الاتحاد الأوروبى أنفسهم الخطة وعلى رأسهم حزب العمال المعارض، والسبب فى ذلك عدم وضوح أى تفاصيل فى الخطة التى تزيل كل مميزات عضوية لندن فى الاتحاد الأوروبى دون أن تضع أى تفاصيل حول ما سيحدث للتجارة والحدود البريطانية لدرجة أن صادق خان عمدة لندن الذى ينتمى لحزب العمال دعا ببساطة لاستفتاء ثان على البريكست يلغى نتيجة الاستفتاء الأول الذى تم فى 2016.
قالت صحيفة "الإندبندنت" فى تقرير إن الشعب البريطانى مل الحديث حول تفاصيل خطة تشيكرز وأصبح مستعدا لقبول أى شئ ينهى حالة الجمود حول الخروج من الاتحاد الأوروبى.
بهذا هناك انقسام حول البريكست واتفاق حول رفض خطة تيريزا ماى التى وجدت نفسها أمام أوروبا موحدة ضدها بدون دعم من الداخل البريطانى.
و اعتمدت ماى على سياسة التخويف لإجبار البريطانيين على القبول بخطة تشيكرز من خلال أوراق دعاية تم نشرها الأسبوع الماضى وتحذر البريطانيين من مخاطر الخروج من الاتحاد الأوروبى فى مارس المقبل بدون صفقة مسبقة، وكانت الدعاية تتمثل فى عدم صلاحية رخص قيادة السيارات البريطانية فى أوروبا، أو وضع الجمارك على البضائع البريطانية مع صعوبات فى حركة السفر كون الباسبور البريطانى الأزرق لم يصدر بعد.
الخطأ الثانى لماى كان تقربها من دول أوروبا على حساب إرضاء السياسيين البريطانيين والرأى العام حيث قامت بزيارة لفرنسا هذا الصيف طالبة الدعم من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حتى يقنع قادة أوروبا بقبول خطة تشيكرز بحسب صحيفة "ديلى اكسبريس" وكانت تصريحات الرئيس الفرنسى وقتها تقول إنه مستعد لمحاولة إقناع القادة الأوروبيين.. ولكن عندما جاءت قمة سالزبورج كان يقود مع دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبى الاجماع الأوروبى الرافض لخطة تشيكرز قائلا "هؤلاء الذين يقولون إن بإمكانهم الحياة بسهولة بدون أوروبا وأن كل الأمور ستكون على ما يرام وأنهم سيجلبون الكثير من الأموال لبلادهم.. يكذبون".
فى النهاية جاء الغضب أعلى من جانب الرأى العام البريطانى بحسب صحيفة "ديلى ميل" التى قالت إن قادة مالطا والتشيك اقترحوا على ماى إجراء استفتاء ثان على البريكست.. الأمر الذى أثار الجدل فى بريطانيا باعتباره تدخلا فى الشأن الداخلى للبلاد وتحديا لإرادة الشعب الذى اختار الخروج بالفعل من الاتحاد الأوروبى.
لا بدائل ولا حلفاء
بينما يردد مؤيدو ماى أنه لا يوجد بديل عن خطة تشيكرز ولا حلفاء لبريطانيا بدون اتفاقية أوروبية، كان هذا ما يتجسد فى أرض الواقع فعلا بدون أن يعمل المسؤولين البريطانيين على توفير البديل التجارى والحليف السياسى لبلادهم.. فبينما ركزت إدارة ماى على وضع خطة تشيكرز والدعاية لها كما هى بدون تعديلات، كانت تهمل فى نفس الوقت التأكد من أن الولايات المتحدة ستقدم الدعم الاقتصادى الذى وعدها به دونالد ترامب متمثلا فى اتفاقية تجارية كبرى.
وأيضا لم تنجح ماى فى عقد شراكات تجارية نتيجة ارتباطها بنفس التحالفات الأوروبية، فاتفاقية تجارية مع روسيا مثلا أمر صعب بسبب توتر العلاقات الروسية الأوروبية وأيضا توتر العلاقات بين موسكو ولندن مؤخرا على خلفية تسميم الجاسوس الروسى السابق سيرجى سكريبال.
كذلك يصعب توقيع شراكة كبرى بسرعة مع الصين، لأن بكين نفسها مرتبطة بعقود أوروبية، وستعمل على انتهاز الموقف بوضع شروط صعبة على البضائع البريطانية، هذا بجانب أن الصين نفسها منافس تجارى قوى لكل من أمريكا وبريطانيا معا وثانى أقوى اقتصاد فى العالم، ولديها حرب تجارية جارية مع أمريكا.
ماذا بعد؟
كما قلنا تيريزا ماى لديها منافسين سياسيين لها حتى داخل حزبها وعلى رأسهم بوريس جونسون الذى فى نظر كثير من المحليين يعمل على الإطاحة بماى من داخل الحزب ليتولى هو رئاسة الحكومة.
بينما جيرمى كوربين زعيم حزب العمال المعارض أعلن أن حزبه سيصوت ضد خطة تشيكرز فى مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الـ "بريكست" املاً فى إجراء انتخابات عامة اَخرى.
لا ننسى أيضا أن الرفض الأوروبى جاء قبل أسبوع من المؤتمر العام لحزب المحافظين الذى تقوده ماى، وهذا يعنى أنها ستقف أمام كل قيادات حزبها بينما لتدافع عن منصبها كرئيسة للحكومة والحزب، فى الوقت نفسه الذى تقول فيه صحف بريطانية أن هناك ورقة سرية من داخل الحزب تدعو للإطاحة بماى بحلول مارس 2019 الموعد الذى يفترض فيه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.