«فرج» خطيب مسجد تزويج القاصرات في الغربية.. والمحكمة: اغتصاب للطفولة
الأربعاء، 19 سبتمبر 2018 09:00 ص
- إمام المسجد متهم بكتابة إيصالات أمانة على الزوج لحين إتمام البنت السن القانونية للزواج
-المحكمة: زواج القاصرات يدخل ضمن صور العبودية والاسترقاق
-الشهود لـ«المحكمة»: «الشيخ مشهور فى بلدنا بالموضوع ده»
-المحكمة: الفتاة فى هذه المرحلة العمرية تكون غير مهيئة من الناحية النفسية والعقلية
لم يكن يتخيل يوما أن يبدأ حياته المهنية والعملية فى بيت من بيوت الله كإمام لأحد المساجد الكبرى فى محافظة الغربية، ثم ينتهى به الأمر بحكم قضائى بإحالته إلى المعاش على خلفية اتهامه ببلاغ مُقدم من النيابة الإدارية بتزويج القاصرات حتى يكون عبرة لمن يعتبر فى مخالفة القانون بحجة العُرف المجتمعى.
بداية الأزمة
الشيخ «فرج.م» بدأت أزمته فى القضية القضية رقم 356/45ق لسنة 2017 مع هيئة النيابة الإدارية عندما أقامت دعوى قضائية ضده بصفته إمام مسجد الأربعين بقرية ميت حبيب مركز سمنود بدرجة كبير تاريخ الميلاد 30 سبتمبر 1953، وذلك لأنه بتاريخ 26 يوليو 2015 خرج على مقتدى الواجب فى أعمال وظيفته وظهر بمظهر يخل بكرامة الوظيفة، وذلك بأن زوج «أية.م»، إلى «رضا.ح»، رغم كونها قاصر بتحريره عقد زواج عرفى وإيصالات أمانة على الطرفين وقيامه بإشهار الزواج بالمسجد، حيث ارتأت النيابة الإدارية أن المتهم بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد67/3 من القانون 47 لسنة 78وتعديلاته والمواد 57، 58من القانون 81 لسنة 2016 وقد أرفقت بتقرير الاتهام مذكرة بوقائعه وأسانيده وقائمة بأدلة الثبوت.
اقرأ أيضا: شرف للبيع.. زواج القاصرات براءة مهدرة في وجه التقاليد (ملف خاص)
حقيقة المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فيما جاء ببلاغ مديرية الأوقاف والواردة إلى النيابة بالمحلة القسم الثالث برقم 3311 بتاريخ 10ديسمبر 2016 بشأن التحقيق فيما ورد بشكوى إظهار على الجلبة المقيمة بقرية ميت حبيب مركز سمنود، ضد المتهم والتى تضرر فيها من قيام الأخير باعتباره إمام وخطيب مسجد الأربعين بقرية ميت حبيب مركز سمنود بزواج البنات الصغار اللاتى لم يبلغن السن القانونية للزواج، بحجة أن هذا حلال، وأنه يقوم بكتابة إيصالات أمانة على الزوج لحين إتمام البنت السن القانونية للزواج، وإن ابنتها قد بلغت السن القانونية للزواج من زوجها «رضا.ح»، إتمام الزواج بصفة رسمية وأنها حينما ذهبت للمتهم للضغط عليه لكونه بحوزته إيصالات الأمانة، قال إن الزوج لا يرغب بالزواج وقررت أن ابنتها حامل بالشهر السابع والزوج رافض حتى الآن كتابة عقد الزواج.
من صور الإتجار بالبشر
وقد ورد بالشكوى عدد من الشهود هم جلال موسى أبو النجا وعلى الله خضر طه وربيع فوزى الفقى، والسيد على الجلبة وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقات فى الموضوع بالقضية رقم 13لسنة 2017 نيابة المحلة الكبرى للتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى، حيث انتهت إلى ثبوت المخالفة المنسوبة للمتهم فى حقه وإحالته للمحكمة التأديبية لما نسب إليه بتقرير الاتهام ومن حيث إن دستور جمهورية مصر العربية المعدل الصادر فى 18يناير 2014 الجريدة الرسمية العدد 3مكرر "أ" المادة 80 منه يعد طفلا كل من لم يبلغ سن الثامنة عشر من عمره ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتيه وتطعيم إجبارى مجانى ورعاية صحية شاملة أو بديلة وتغذية أساسية، ومأوى أمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل وكافة الإجراءات التى تتخذ حياله، وتنص المادة 89 من الدستور «تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للانسان وتجارة الجنس وغيرها من اشكال الاتجار ويجرم القانون كل ذلك، ومن حيث أن المادة الأولى من قانون الطفل رقم 12لسنة 96 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 تنص على تكفل الدولة حماية الطفولة والأمومة وترعى الأطفال وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنشئتهم التنشئة الصحيحة من كافة النواحى فى إطار من الحرية والكرامة الإنسانية، كما تكفل الدولة كحد أدنى حقوق الطفل الواردة باتفاقية حقوق الطفل وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة النافذة فى مصر.
إشهار الزواج بالمسجد
واعتبرت المحكمة أن ما نسب للمتهم من أنه زوج «أيه.م» إلى «رضا.ح» رغم كونها قاصر بتحريره عقد زواج عرفى وإيصالات أمانة على الطرفين وقيامه بإشهار الزواج بالمسجد، ولما كان بالإطلاع على التحقيقات وشهادة كل من على الله خضر إبراهيم طه موظف سابق بشركة غزل المحلة والذى جاء بأقواله أنه حضر أكثر من فرح بالقرية لبنات قصر، وكان الشيخ «فرج.م» هو الذى يشهر العقد ويكتبه ومنه حالة «أيه.م» إلى «رضا.ح» ومشهور فى بلدنا بالموضوع ده وتوجد حوالى 28 حالة طلاق بسبب هذه الزيجات والمشاكل التى تحدث بسببها.
اقرأ أيضا: المرأة ضحية "التراث".. زواج القاصرات فى شروح الأديان الإبراهيمية
بالإضافة إلى أقوال محمد عبده سليم، ضابط، وقال فى أقواله بأن فى بلدنا الشيخ «فرج .م» متخصص فى تزويج القاصرات أما من بلغ السن القانونى فليذهب إلى المأذون الشرعى وتوجد حالات كثيرة فى هذا الشكل فى قريتنا وأنه حضر زواج «أيه.م» إلى «رضا.ح» واعترف بأن الشيخ فرج هو الذى كتب العقد وأشهره فى الجامع، وكذلك أقوال جلال موسى أبو النجا صاحب ورشة ميكانيكى سيارات مقيم بنفس القرية والتى جاءت أقواله بأن الشيخ فرج هو الذى زوج «أيه.م» إلى «رضا.ح» وأخذ إيصالات الأمانة معه ومرضاش يرجعها لأهل البنت وكان بيساومنا على نصف العفش علشان يكتب الكتاب وعملنا كذا قعده ومفيش فايدة-على حد قول الشاهد-.
اغتصابا للحق فى الطفولة
المحكمة قالت أنه بالإطلاع على الأوراق والمستندات وأقوال الشهود بالتحقيقات والمعززة بتحريات المباحث ولما كانت ظاهرة زواج القاصرات هى ظاهرة اجتماعية لها كثير من الأثار السلبية على الأسرة والمجتمع حيث أن الفتاة فى هذه المرحلة العمرية تكون غير مهيئة من الناحية النفسية والعقلية والثقافية والجسدية لتقوم بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال فتتحمل عبء لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا، فمثل هذا الزواج يعد اغتصابا للحق فى الطفولة واعتداءا صارخا على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق بل يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق بناتنا والمجتمع بأكمله، ومن حيث أن المتهم يشغل وظيفة إمام مسجد ولما كانت الامامة فى الإسلام لها منزلة عظيمة ودورا كبيرا فى التعليم والتذكير، فالتعليم يزول الجهل وبالتذكير تذهب الغفلة ومن أجل هذا وغيره تعد الإمامة رسالة عظيمة ومهمة جسيمة يوفق الله القيام به على الوجه المطلوب دعاه الحق وصفوة الخلق حماه الدين فيتعلم على أيديهم الجاهل ويستقيظ من أجل موعظهم الغافل وتسمو بتوجهاتهم النفوس وتتهذب الأخلاق ومن ثم فيجب على شاغل هذه الوظيفة أن يتمتع بمجموع من الصفات الاخلاقية فى حياته لينال هذه المكانة الرفيعة والتى من أهمها التجرد فى السعى وراء اهداف دنيوية من عمله كالجاه أو المال أو المناصب أو التقرب من الناس فالإمام الناجح هو الذى يدعو الناس إلى الصلاح بعمله وفعله قبل قوله فيرون فيه الناس مثالا حيا للإصلاح والاستقامة.
اقرأ أيضا: الشهوة المقدسة.. حب السلفيين لزواج القاصرات وتاريخ مخز في اغتيال البراءة
ومن ثم-بحسب المحكمة- إلى جماع ماسبق فقد وقر فى يقين المحكمة صدق ارتكاب المتهم الجرم المنسوب إليه الأمر الذى يشكل فى حقه ذنبا تأديبيا، لأنه سلك خارج نطاق وظيفته مسلكا مشينا لا يليق بواجبات وكرامة وظيفته، الأمر الذى يستوجب المسائلة والعقاب بما يتناسب ما جسامة الجرم المرتكب ومكانة وعظمة الوظيفة التى يشغلها ويستقضى المحكمة بقضائها الماثل فأنها تناشد السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، تطبيقا لمواد وبنود الميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل وإعمالا للقاعدة الأصولية حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله فى سرعة إصدار قانون يجرم زواج القاصرات على أن يطول العقاب كافة الأطراف المشاركة فى هذا الجرم حفاظا على حياة وكرامة بناتنا فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بمعاقبة المتهم فرج مصطفى فرج صقر بالإحالة إلى المعاش.