إنهيار مثلث الرعب والفوضي
السبت، 15 سبتمبر 2018 02:12 م
منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات وإلى نهاية عصر الرئيس الإخوانى محمد مرسي، عقود من الزمن كانت هي الأصعب والأسوء في تاريخ مصر، ربما تستوقف القارئ تلك الكلمات الصعبة في بداية مقالي وله الحق والعذر في ذلك، والأن سوف نتجول سوياً في تلك السنوات لكي نشخص أسباب قسوة تلك الكلمات.
جاء الرئيس أنور السادات إلى سدة الحكم، خلفاً لزعيم تاريخي يمتلك مقومات وقدرات الزعامة التي قلما وجدت في القادة عبر تاريخ الرؤساء والملوك، فمهما كانت مساحة الإختلاف أو الإتفاق مع بعض سياساته لكن تبقي سماته وصفاته الشخصية التي تعبر عن شموخ الحضارة والتاريخ المصري محل إعجاب وإتفاق.
ومن ثم كانت المهمة صعبة علي من يخلفه في قيادة مصر، وجاء السادات إلى سدة الحكم وما بينه وبين الزعيم ناصر، هوة وفجوة عظيمة من تلك السمات والصفات الشخصية، وقد تجسد ذلك في علاقته بالناصريين أصحاب الثقافة والفكر والشعبية والتاريخ، هنا بداية التجريف والتجريد لمكونات الهوية المصرية التي هي موروثات الأجداد والأباء والممتدة لألاف السنوات.
عندما إستعان بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية للتخلص من قوتهم وشعبيتهم، وكانت الخطورة في مصادر الإرهاب الفكري والثقافي، التي تمثلت في المؤلفات والكتب التي سمح لها بالتواجد والظهور في الجامعات والنقابات ومؤسسات الدولة الثقافية والعلمية، هنا كان الإختراق الحقيقي الذي حدث للهوية المصرية، وإنتشر هذا السعار كالنار في الهشيم، وبدأت الأحداث الطائفية ضد المجتمع والدولة، وكانت النتيجة ظهور خالد الاسلامبولي أبن محافظة المنيا والذي قام بقتل الرئيس السادات.
رحل الرئيس وبقي خالد الإسلامبولي وأفكاره وكل أعوانه في كل مؤسسات الدولة، وجاء الرئيس مبارك خلفاً واختياراً من الرئيس السادات، وكانت سياسته ليس التخلص من تلك التنظيمات، بل إقتسام التواجد في المجتمع قترك لهم الإقتصاد والعمل النقابي والدعوي، بشرط عدم إقترابهم من السلطة ورويداً رويداً سيطروا علي قاع المجتمع دون رادع ثقافي أو علمي وأتسعت مساحة تواجدهم في كل مكان وإخترقوا كل مؤسسات الدولة ولما لا والرئيس الحاكم يفتقد كل أدوات إادارة الدولة الحديثة.
إعتمد على الحزب الوطني الذي شكل مع جهاز أمن الدولة السابق وسطوة العائلة مثلث قوي، يكون دوره حائط صد ما بين تلك التنظيمات والصعود إلى السلطة، ولكن ترك لهم التحرك الأفقي طولاً وعرضاً، فإنتشروا في كل المؤسسات والأنشطة والنقابات، وأصبحوا واقع مرير علي الهوية المصرية، ولكن كان لقوة هذا الثالوث القدرة علي لجم سعاره ضد المجتمع، في حين لم يكن هناك إرادة سياسية للقضاء عليه.
ومع مرور الزمن حدث إحلال وتجديد لمكونات الهوية المصرية لدي شرحة كبيرة من الشعب المصري، فأصبح الوطن وتاريخه مجرد حفنة تراب، أمام عوامل تعرية قوية إخترقت مكونات الشخصية المصرية ، وفي مرحلة حكم مبارك سقط نظام صدام البعثي القوي الذي كان يمثل عامل ردع شديد يمنع ظهورأفكار تلك التنظيمات وخروجها من مخبأها الصحراوي، وإنتشارها في كل ربوع الوطن العربي.
سقط صدام وتحول ملايين العاملين المصريين في العراق إلى دول الخليج وتوطتد علاقة الرئيس الراحل مبارك بدول الخليج، وهذا كان عامل مهم من ضمن عوامل التعرية التي ضربت وبقوة مكونات الهوية المصرية. سقط نظام مبارك وسقط معه الثالوث المرعب وكانت النتيجة صعود التنظيمات الارهابية الى سدة الحكم.
وأصبحت الهوية المصرية في صراع بزعامة أبو الهول وأتباعة من المصريين وبين خالد الإسلامبولي واتباعة من الارهابين، ومن هنا كان الجيش المصري علي موعد مع ثورة 30 يونيو للإنتصار لمعركة ابو الهول ، ولكن ما زالت جيوب وبقايا أولاد خالد الإسلامبولي تتمدد وتعمل بقوة في معركة إستنزاف لأتباع ابو الهول والهوية المصرية، لبث روح اليأس والهزيمة ومن هنا أطالب النظام المصري بقيادة الرئيس البطل عبد الفتاح السيسي حفيد أبو الهول وتاريخه، بأن يقوم بالضربة القاضية لبقاية فلول خالد الإسلامبولي والتخلص منه حتي لا يستعيد مكانته وقوته مرة أحري، وحتي تستنشق الدولة المصرية رحيق نسمات الهوية التي عاشت بها وسوف تحيا لها في تنمية شاملة مستدامة نستعيد بها مجد مصر المفقود منذ الاف السنوات.