شهادات ما قبل سقوط برجي التجارة العالمي.. مصري يحكي قصة نجاته بأحداث 11 سبتمبر
الأربعاء، 12 سبتمبر 2018 10:00 م
قبل 46 دقيقة فقط من تحول برجي التجارة العالمية إلى كتلة من الرماد واللهب في 11 سبتمبر 2001، كان المهندس المصري الأصل مكرم عبد السيد حنا (الأب مارك حنا) على موعد مع قصة بطولية تحكي نبل وشهامة الرجل المصري الأصيل داخل وخارج بلاده، حيث تصادف أن يذهب إلى عمله في هذا اليوم، والذي كان في الطابق الثامن والثمانين بالمبنى الشمالي لبرج التجارة العالمى حيث يعمل بقسم البناء.
رحلة نجاة مكرم أو ماك "اسمه المختصر"، أو الأب مارك" من الموت في أحداث 11 سبتمبر لم تكن مجرد قصة عابرة قد تحكيها جدة أطلعت عليها لحفيدها قبل النوم، ولكنها قصة تكشف تفاصيلها لحظات من البطولة والمعاناة والانتظار والتمني والدعاء للنجاة من الموت.
المثير هنا ليس رحلة نجاة "مكرم" فقط وكيف كان قادرًا على أن ينجو إلى بر الأمان بكل الطرق، ولكن هو ما فعله عندما فضل أن ينقذ حياة آخرين على الهروب من المبنى بسرعة، بحمله رجلا على عنقه هابطا به على السلالم 84 طابقا.
يحكي مارك كما يطلق عليه حاليًا أنه كان يعمل في الطابق 88 ، وبالتحديد في الجزء الشرقي من البرج الشمالي، وعند الساعة التاسعة إلا ربع صباحًا شعر باهتزاز المبنى يمينًا ويسارًا، لتبدأ بعد ذلك الفواصل تتساقط داخل الطابق، مؤكدًا أنه ظن أن زلزالًا تشهده العاصمة في ذلك الوقت، لكن لم يكن يعلم أن طائرة مخطوفة اصطدمت بالبرج الذي يقبع فيه، مستهدفة الطابق الـ 92 و93 أي فوق عمله بخمس طوابق فقط.
لم يكن أمام مارك إلا أن يسلك طريق سلالم البرج، لاسيما بعد انقطاع التيار الكهربائي، وتوقف عمل المصاعد، وبينما هو على وشك الهبوط على السلالم ومعه رفيقا الرحلة فرانك دى مارتينى وبول أورتيز إلى الجانب الغربى من المبنى، سمع مارك وصديقاه صوت استغاثة وطرق على أبواب "الدور 89" والنار تقترب من الطابق.. أصر فرانك دى مارتينى -كما يحكى مارك- على ضرورة مساعدة الآخرين، فهرعوا ثلاثتهم لإنقاذهم وفتحوا باب المخرج وأخرجوا من وجدوه داخل هذا الدور، وواصل الجميع رحلتهم للنجاة على السلالم.
وفي مشهد تلتهم فيه النيران الأخضر واليابس والدخان بدأ يملأ المكان، رغم ذلك ساعد مارك ورفاقه كل من وجدوه، ثم هبطوا على السلالم إلى الدور 88، بحثا عن آخرين لمساعدتهم، ليجدوا أحد مصممى برجا مبنى التجارة العالمى فى ذلك الطابق، اسمه مو ليبسون رجل يبلغ من العمر 89 عاما، نحيف وضعيف البنية ووزنه نحو 60 كيلو جراما، لم يستطع الهبوط على السلاسم، فقرر مارك أن يحمله على كتفه.
وسمع مارك في الدور 67 ضربة قوية كأنها قنبلة، ليتأكد حينها أن مبنى البرج العالمى الجنوبى تلقى ضربة أخرى من طائرة ثانية، ليواصل مارك طريقه إلى أسفل على السلاسم، ولم يفقده الحمل الثقيل على كتفيه الأمل إلى النجاة من الموت، مؤكدًا أنه بدأ المغادرة حاملا "مو" مرة أخرى الذى أصر على المغادرة معه ليصل إلى الوبى ويختار أن يخرج إلى شارع الغرب.
وبينما كانت الأجساد تتطاير من الهواء والضحايا يقفزون من الطوابق العليا هربًا من النار اتصل مارك بالشرطة التى يراها على مسافة قريبة منه طلبا للمساعدة.. قالوا له: لازم انت توصل لينا.. وحذروه: "خد بالك من الأجساد التى تتطاير لو سقط أحدها عليك سيقتلك.. بعدما وصل مارك ورفيقه "مو" إلى مكان الشرطة بثوان معدودة.. انهار المبنى تماما، ومع انهياره مات كل من فى المبنى".
مارك لم يستطع أن يحرك قدمه لمدة أسبوعين بسبب نزوله على السلالم 89 طابقا حاملًا جسد إنسان آخر على كتفيه، مؤكدًا أن مشاهد ذلك اليوم لا تزال محفورة في ذهنه حتى وقتنا هذا.