الاتحاد الأوروبي يشعل حرب المقالات في بريطانيا.. هل فخخت تيريزا ماي لندن بسبب «بريكست»؟
الأحد، 09 سبتمبر 2018 08:00 م
تمسكت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي بخطتها لمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي بين لندن والتكتل الأوروبي، متحدية في الوقت نفسه بريطانيا أعضاء حزبها وسياسيين من كافة الأحزاب، الذين طالبوا بإجراء استفتاء ثان على شروط الخروج.
وفي مقال لها بصحيفة «صنداي تليجراف» البريطانية، قالت ماي، إنها لن تقبل أي ضغوط من الاتحاد الأوروبي بشأن البريكست، مشددة على أن استفتاء ثان على الخروج من أوروبا يعد «خيانة».
الغريب في الأمر، أن وزير الخارجية البريطاني السابق، بوريس جونسون، شن (الأحد)، هجوما على رئيسة وزراء بلاده تيريزا ماي، بسبب خطتها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معربا عن عدم رضاه عن مفاوضاتها في هذا الإطار مع بروكسل.
وقال جونسون في مقال نشرته صحيفة «ذا ميل أون صنداي» إن ماي طوقت بريطانيا بحزام ناسف، وسلمت الصاعق إلى بروكسل، العاصمة السياسية للاتحاد الأوروبي.
وكتب جونسون: «في كل مرحلة من مراحل المحادثات حتى الآن، تحصل بروكسل على ما تريد. لقد وافقنا على الجدول الزمني للاتحاد الأوروبي، وعلى تسليم أكثر من 39 مليار جنيه إسترليني، مقابل لا شيء».
وأضاف جونسون: «الآن، وفي إطار اقتراح (ماي)، من المقرر أن نقبل جميع قواعدهم (الاتحاد الأوروبي)، إلى الأبد، دون أي إشارة إلى أخذ دور في بناء هذه القواعد. إنها إهانة».
وأكد جونسون أن بريطانيا بدت في «موقف ضعيف جدا» خلال محادثاتها مع الاتحاد الأوروبي بشأن الخروج منه، وقال إن هذا الخوف كان دافعه، ما يسمى الدعم، قائلا: «لقد فتحنا على أنفسنا بابا لابتزاز سياسي دائم».
ومضى جونسون يقول: «لقد قمنا بلف سترة انتحارية حول الدستور البريطاني، وسلمنا صاعق التفجير إلى ميشال بارنييه»، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في المحادثات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد.
ورد العديد من زملاء جونسون في حزب المحافظين على مقاله بغضب، وقال بعضهم «إنه تجاوز الحدود». وكتب عضو البرلمان البريطاني ألان دنكان، في حسابه في تويتر: «إن قول جونسون أن وجهة نظر رئيسة الوزراء هي مثل وجهة نظر الانتحاري، تجاوز للحدود. هذه واحدة من أكثر اللحظات المثيرة للاشمئزاز في السياسة البريطانية الحديثة».
وكتب توم توغندهات، عضو حزب المحافظين في البرلمان، ساخرا من كلام جونسون: «لقد قتل مهاجم انتحاري العديد في فناء مكتبي. كانت المجزرة مثيرة للاشمئزاز واللحم كان يتدلى من الأطراف».
ويأتي هجوم جونسون على ماي بعد أقل من أسبوع من مقال له نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» قال فيه إن رئيسة الوزراء البريطانية «رفعت بالعلم الأبيض» في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي.
كانت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، قالت في مقالها، إن الحكومة تدعم الاقتراحات التي قدمتها في الاجتماع الشهير بالمقر الريفي في «التشيكرز»، الذي حدد نهج التفاوض رغم معارضة نواب المقاعد الخلفية من حزب المحافظين الحاكم.
وعرضت رئيسة وزراء بريطانيا في يوليو خطة نصت على خروج بريطانيا من السوق الموحدة مع إنشاء «منطقة تبادل حر» جديدة للبضائع ومنتجات الصناعات الزراعية مع الاتحاد الأوروبي تقوم على اتفاق جمركي ومجموعة من القواعد المشتركة.
ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى في 30 مارس 2019، على أن تتوصل لندن وبروكسل إلى اتفاق بحلول أكتوبر لترتيب شروط الطلاق وإرساء قواعد علاقتهما المستقبلية، بحيث يكون أمام البرلمانات الوطنية مهلة كافية للمصادقة على الاتفاق.
مشروع «خطة تشيكرز» (اسم المقر الصيفي لرئاسة الحكومة البريطانية)، لقي على الفور معارضة قوية من دعاة بريكست في صفوف حزبها المحافظ نفسه، إذ اعتبروا أنه ينحرف عن نتيجة الاستفتاء الذي أفضى في يونيو 2016 إلى الخروج من الاتحاد.
واستقالا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، والوزير المكلف بريكست ديفيد ديفيس، إثر ذلك في خطوة هزت المشهد السياسي، وأظهرت الانقسامات داخل حزب المحافظين، فيما شكك قادة الاتحاد الأوروبى بإمكان تطبيق الخطة.
ماي شددت في مقالها، إنه «لن يتم إجبارى على قبول تنازلات بشأن اقتراحات التشيكرز تكون فى غير صالحنا»، معلنة في الوقت نفسه رفضها الدعوات إلى «تصويت الشعب» على شروط الانسحاب.
وأضافت ماي: «طرح القضية مرة أخرى سيكون خيانة كبرى لديمقراطيتنا.. بريطانيا ستتخطى سيناريو عدم التوصل إلى اتفاق».
وفى مواجهة معارضة شديدة من مؤيدى بريكست لخطتها، ردت ماي أنها تفضل عدم التوصل إلى اتفاق بدل تقديم تنازلات إضافية لبروكسل.
ووفقا لصحيفة صنداي تايمز، يحاول السير لينتون كروسبي، الذي قدم استشارات لتريزا ماي في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي، عندما خسر المحافظون أغلبيتها في نتيجة مفاجئة، إفساد خطة رئيسة الوزراء للانسحاب من الاتحاد الأوروبى بحملة وطنية منسقة، وفقا لصحيفة صنداى تايمز
بحسب هيئة الإذاعة البريطانية BBC، يرى منتقدون أن خطة «شيكرز»، ستترك المملكة المتحدة مرتبطة بقواعد الاتحاد الأوروبي، كما أنها تمنع بريطانيا من توقيع صفقاتها التجارية الخاصة بها في السنوات المقبلة.
في غضون ذلك، دعت حملة «أصوات الشعب»، وهي مجموعة مكونة ذات ميول حزبية مختلفة حتى أنها تضم بعض النواب، إلى تصويت عام على صفقة خروج بريطانيا النهائي من الاتحاد الأوروبي.
وقال النائب المحافظ نيك بولس، وهو وزير سابق مؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إن سياسة «شيكرز» فشلت، وأنه لم يعد قادراً على دعمها، متابعا: «الاتحاد الأوروبي يعامل الخطة على أنها مناقصة مفتوحة يمكن تعديلها»، معتبرا أن المملكة المتحدة تواجه إهانة صفقة أبرمتها بروكسل.
ويعتقد الوزير السابق، وهو عضو فى مجموعة «البريكست»، أنه يجب إلغاء الفترة الانتقالية التي تبلغ عامين - والتى تصفها الحكومة بفترة تنفيذ - واستبدالها باتفاق يسمح للمملكة المتحدة أن تصبح جزءاً من المنطقة الاقتصادية الأوروبية لمدة ثلاث سنوات، ما يعطي وقتا بالتفاوض على صفقة تجارية أخرى، مضيفًا أن الخطة التى أضعها تمثل أملنا الوحيد بتحقيق خروج أفضل من الاتحاد الأوروبي.