ماقبل المذبحة.. من وراء مقتل 5 أفراد لأسرة واحدة في بنها؟
الجمعة، 07 سبتمبر 2018 05:00 م
واحدة من القضايا الأكثر غموضا على ساحة الجرائم الأسرية خلال الأونة الأخيرة، كشفت رائحة تعفن جثامين الضحايا النقاب عنها، لتخطر المحيطين بالمنزل بأن هناك كارثة تمت بين جدرانه.
قرية الرملة ببنها، إحدى قرى محافظة القليوبية، وتحديدا منطقة المعهد الديني كانت شاهدة على عودة عرض المعركة الأزلية بين أبناء أدم، ليتخلص بعضهم من بعض، تجسيدا لواقع الخير والشر وصراعهم الدائم، وبين جدران الطابق الرابع بأحد العقارات بالمنطقة، لقى أب وأولاده الأربعة حتفهم، وتُركوا على حالتهم إلى أن بدأت جثامينهم في التحلل وانبعثت منهم روائح كريهة تسللت إلى أنوف المارة بالشارع الذين سارعوا بإخطار أجهزة الأمن لمعرفة كواليس مادار خلال الأيام الأخيرة بالمنزل.
وجبة طعام يبدوا أنها أخر ماتناوله الضحايا، يحيط بها جثامين «محمد. أ. ع» 38 عاما، عامل بمطعم فول، وأبنائه «يوسف»، 15 عاما، و«عمرو»، 12عاما، و«سماح»، 8 أعوام، و«سما»، 3 أعوام، في حالة تعفن وتحلل، هو المشهد الأول أمام أعين رجال الأمن حينما تمكنوا من الدخول لمقر الواقعة ومعرفة أسباب انبعاث تلك الروائح الكريهة، وانتدبت نيابة بنها الطب الشرعي لمناظرة الجثامين، واتخاذ إجراءات إعداد تقرير الصفة التشريحية، لكشف ملابسات الحادث، وتحفظت على الوجبة الموجود أمامهم وأرسلت عينة منها إلى المعمل الجنائي لتحليها، ونقل الجثامين إلى المشرحة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، وتشكيل فريق بحث لكشف مغموض الحادث.
وعلى جانب أخر ألقت قوات الأمن القبض على مالك العقار، ومجموعة من السكان؛ لاستجوابهم وجمع الخيوط الأولى للواقعة، تمهيدا لفك طلاسمها، وأثناء سير التحقيقات اكتشف رجال المباحث عدة رسائل نصية على هاتف الزوج تفيد بوجود مشكلات أسرية عديدة مع زوجته، ويتحدث في إحداها إلى شقيقته عن عزمه على الانتحار للتخلص من تلك المشكلات.
وقررت النيابة انتداب فريق من خبراء المعمل الجنائي لرفع البصمات ومعاينة مسرح الجريمة، كما بدأت في سؤال الجيران وأهل المتوفيين وطلت تحريات المباحث حول ظروف وملابسات الواقعة، وسرعة ضبط وإحضار المشتبه بهم.
تناولت وسائل الإعلام تفاصيل القضية، وتساؤل البعض عن سر اختفاء والده الأطفال، زوجة الضحية الأولى، وسط تكهنات واتهامات غير مثبت صحتها، بأنها هي من دست السم لأسرتها، وفرت هاربة نتيجة المشكلات الزوجية التي تعيشها، معللين ذلك باختفاؤها وقت الجريمة، وأصبح أمام أجهزة الأمن اتجاهين لكشف طلاسم المذبحة، وهي انتحار الأب وقتله لأولاده سما، أو أن تكون الأم هي من تخلصت منهم جميعا بسبب تلك المشكلات.
«هبة. ح. م» زوجة المجني عليه وأم أولاده، خرجت من منزلها قبل الحادث في زيارة لخالتها، لتعلم بالواقعة من خلال وسائل الإعلام وتصاب بحالة من الانهيار العصبي نُقلت على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج - بحسب أقوالها في التحقيقات -، لتعاود الظهور مرة أخرى وتُسلم نفسها إلى قوات الأمن للتحقيق معها ودرء الشبهات حول قتلها لأسرتها.
نيابة بنها أجرت تحقيقاتها مع والدة الضحايا والتي صرحت خلالها بأنها على خلاف دائم مع زوجها، وتتعرض للضرب والإهانة منه طوال الوقت، وأنها تعرضت لوصلة ضرب مبرح الخميس قبل الحادث، توجهت على إثرها إلى الوحدة الصحية بالقرية لتلقي العلاج اللازم للكدمات والسحجات الناتجة عن تعدي الزوج عليها، ومن ثم تركت المنزل في محاولة منها للابتعاد عن التنكيل، وتوجهت إلى خالتها بمصر، بعد اقتراضها خمسون جنيها من إحدى جاراتها للتوجه إلى محل إقامة خالتها في شبرا الخيمة، مؤكد’ أن طوال تلك المدة لم يحدث بينها وبين عائلتها أي اتصال.
17 عاما.. مدة زواج هبة بالضحية الأولى، عانت خلالها كما أشارت في التحقيقات من ضيق الحال، والمشكلات المستمرة، التي تصل دائما إلى الضرب والشجار، وهو ما أفاد به الشهود والجيران في التحقيقات التي أجرتها النيابة معهم، من استمرار الخلافات الزوجية بين الضحية والمتهمة التي علقت خلال التحقيقات قائلة: «عمري ما هقتل ولادي».
شهود النفي من الجيران، أيدوا أقوال المتهمة بأنها لم تكن في المنزل وقت وقوع الجريمة، وأثبتوا وجودها في منزل خالتها بشبرا الخيمة، وهو ماتم في حضور محاميها الخاص، لتقرر النيابة العامة حجز زوجة المجني لحين وصول تحريات المباحث وعرضها برفقة التحريات، كما أمرت باستدعاء جارتها، التي أفادت بأنها أخر من شاهدها قبل خروجها من المنزل ومغادرتها للقرية للإقامة عند خالتها وأقرضتها الخمسون جنيها، لتحقيق معها والتأكد من صحة أقوال زوجة المجني عليه.