أجدادنا فى «تل السمارة» .. أقدم قرى مصر تكشف أسرار ما قبل عصر «توحيد القطرين»

من جديد تبوح هذه الأرض الطيبة بالمزيد من أسرارها، هذه المرة أبعد بكثير مما نعرفه عنها وعن تاريخها الفرعونى، بل إلى آلاف السنين قبل ذلك، حين كشفت البعثة الأثرية المشتركة بين مصر وفرنسا، عن قرية كاملة فى منطقة "تل السمارة" بالدقهلية، تعود أصولها إلى الإنسان الأول ونهايات العصر الحجرى، أى نحو 10 آلاف عام قبل الميلاد، حيث قدم الإنسان الأول ليستعمر دلتا النيل، ويبدأ فى استخدام "الزراعة".

وكانت الصحراء الغربية فيما مضى، أرضا تمتلئ بالغابات والحياة الطبيعية الشبيهة بما نراه اليوم فى كينيا وتنزانيا، قبل أن يبدأ الجفاف فى غزوها، ليبدأ الإنسان الحجرى فى التحول من "الصيد" إلى "الزراعة" والانتقال إلى حوض النيل والبدء فى استعماره.

وبحسب ما قالته وزارة الآثار، إن البعثة قد اكتشفت العديد من صوامع التخزين التى احتوت على العظام الحيوانية، والبقايا النباتية، وتوصلت إلى الفخار وأدوات الزراعة الحجرية التى كانت مستخدمة فى هذه المنطقة حين انتقل المصريين إلى الأراضى الخصيبة الموجودة فى دلتا النيل وبدأوا فى استعمارها.

ورغم أن العلماء لم يحددوا بعد عمر القرية الأثرية المكتشفة فى "تل السمارة" إلا أنها وبكل تأكيد تعود إلى ما قبل عصر توحيد "القطرين" على يد الملك "مينا – نارمر" أى إلى ما قبل 5 آلاف عام، أى قبل كتابة التاريخ المصرى القديم.

وسيسعى العلماء لدراسة البقايا المكتشفة فى "تل السمارة" لمعرفة أساليب معيشة الإنسان المصرى الأول الذى قدم إلى وادى النيل، وطرق وأدوات الزراعة التى كان يستخدمها، وكيف تمكن من إنشاء مستعمراته الأولى التى أفضت فيما بعد إلى تشكيل المجتمع المصرى الحديث؟، وكذلك أى محاصيل كان يتم زراعتها فى هذه المنطقة؟.

ويعد الاكتشاف خطا فى رحلة الإنسان المصرى الأول، إذ أننا فى مصر لدينا شواهد وحكايات ترويها آثار هذا الإنسان، حيث أنه وفى عام 1933 كشفت آثار "كهف السباحين" فى هضبة الجلف على الحدود المصرية الليبية، آثار الإنسان المصرى القديم ما قبل التاريخ، حيث رسم أجدادنا الأوائل معايشة لبيئتهم، حيث الزرافات والأسود والغزلان والفيلة والخرتينت والنعام، وكذلك أشخاص يسبحون، فى منطقة كانت شواطئ وغابات قديما، وتحولت اليوم إلى منطقة غير صالحة للمعيشة.

كما اكتشفنا اقتراب المصريين رويدا رويدا من وادى النيل، حيث تم العثور على أدوات للصيد فى منطقة حلوان بالقاهرة وكوم امبو فى القاهرة، ومنها سكاكين واسلحة أخرى، تعود لحضارة العصر الحجرى المتوسط فى مصر أو الحضارة السبيلية كما يطلق عليها.