القول الفصل في حكم خاتمة المتوفي وتوزيع أجزاء القرأن بذكرى وفاته
الإثنين، 03 سبتمبر 2018 10:00 م
طعام الطعام، والتصدق على الفقراء، من الأمور المستحبة في الإسلام، وصالح الأعمال وأكرمها عند الله، وقد حرص الإسلام على تفعيل مبدأ التكافل والتراحم بين المسلمين كافة، وأن يعمل الغني على توفير احتياجات الفقراء، وإخراج المال في سبيل ذلك، ورهب الإسلامن من منع التصدق على المحتاجين من خلال توزيع المأكولات والمشروبات والأموال عليهم، كما حث الدين الإسلامي، الأبناء على الدعاء للمتوفي من والديهم، وقراءة القرأن لهم، والتصدق على الفقراء والمحتاجين على أرواحهم، ولكن ماذا قال الدين في إطعام الطعام للأهل والمحتاجين بنية أن يكون ثوابها للمتوفي بذكرى يوم وفاته؟.
ورد السؤال للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية حول «حكم عمل خاتمة لمتوفي؟»، أي الاهتمام بيوم وفاته، بأن يتم طهي الأطعمة وتجميع عددا من الناس لتناولها، وتوزيع أجزاء القرأن الثلاثين عليهم، كما يحدث في بعض المحافظات، أو المكوث في مجلس ذكر يتم خلاله تلاوة القرأن بنية أن يكون ثوابها وفضلها للمتوفي.
ردت اللجنة بأن قراءة القرآن وجعل ثواب القراءة للميت جائز شرعًا، ويصل الثواب للميت وينتفع به – إن شاء الله – ويستدل على ذلك بالأدلة الواردة فى انتفاع الميت بعمل الحى فى باب العبادات منها ما رواه الشيخان من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أفحج عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ومنها ما رواه أبوداود من ابن عباس – رضي الله عنهما: أن رجلاً قال: يا رسولَ اللهِ إن أُمَّه تُوفّيَتْ، أفينفعها إن تصدقتُ عنها؟ قال: «نعم».
ومنها: ما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -قال لعمرو بن العاص: «إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ» . ومنها: ما رواه ابن ماجة من حديث ابْنِ بُرَيْدَة َعَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَتْ: يا رسول الله، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ».
فدلت هذه الأحاديث على وصول ثواب قراءة القرآن للميت إذ لا فرق بين انتفاعه بالصوم والحج وانتفاعه بقراءة القرآن، قال ابن قدامة رحمه الله: (وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله ) ثم قال – رحمه الله – بعد أن ساق هذه الأحاديث التي ذكرناها آنفًا : (وهذه أحاديث صحاح , وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب ؛ لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادات بدنية, وقد أوصل الله نفعها إلى الميت فكذلك ما سواها) وقال ابن القيم رحمه الله: ( وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعاً بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم ) .
بناء على ما سبق: لا بأس بقراءة القرآن خالصًا لوجه الله بغير أجر , ووهب ثوابها للميت ويصله الثواب – بفضل الله تعالى - وهو مذهب جماهير أهل العلم من الحنفية والحنابلة ومتأخري المالكية واختيار الإمام النووي- رحمه الله - قال الشيخ الدردير – رحمه الله - :" الْمُتَأَخِّرُونُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ" .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الإنسان إذا قرأ القرآن لابد أن يصحح النية في قراءته بأن يكون خالصًا لوجه الله -تعالى - لا يبتغي بقراءته للقرآن أجرًا ماديا أو غيره من الأمور الدنيوية ، و أن يقرأ القرآن بخشوع و تدبر .