لصالح مصر والسودان.. إعادة إحياء مشروعات التكامل الزراعى بين البلدين
الخميس، 30 أغسطس 2018 06:00 م
كان التكامل الاقتصادى بين مصر والسودان، وسيظل الرباط المقدس بين الأشقاء فى وادى النيل، حتى ولو خفت صوته وضجيجه فى فترات معينة، إلاّ أنه سيبقى طوق النجاة للأشقاء بمصر والسودان، فى ظل التقلبات والأزمات السياسية والاقتصادية العالمية التى تجتاح العالم، وخاصة فيما يتعلق بتوفير مقومات الغذاء والصناعات المتعلقة به، لاسيما وأن السودان يمتلك مقومات هامة لتوفير التكامل الاقتصادى، كما تمتلك مصر عناصر الخبرة، وجانبا كبيرا من التمويل عن طريق رجال الأعمال والحكومة.
التكامل الاقتصادى حلم يتحقق
الحديث عن التكامل الاقتصادى بين مصر والسودان، وخاصة فى المجال الزراعى، هو حديث ذو شجون، فقد بدأت بذور هذا التكامل منذ أكثر من 35 عاماً، وطوال هذه السنوات يعلو صوت الحديث واللقاءات والاجتماعات الخاصة بأعماله فترة، ويخفُت فترات أخرى، نظراً لمروره بسحبات صيف تظهر فى الأفق، ثم تنقشع، ويظل الحديث والعمل الجاد فى إرساء قواعد وأسس هذا التكامل.
ففى فبراير عام 1974، تم إطلاق ما يسمى بـ«منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي»، ليصبح أساساً تنطلق منه جهود البلدين، من أجل التنسيق السياسي والعمل الاقتصادي المشترك، لما فيه خير الشعبين المصري والسوداني، وكانت قاعدته الراسخة أن الاستثمار الصحيح للطاقات الزراعية، وترشيد موارد الدولتين من مياه النيل، وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل المنتجة لأبناء الشعبين، من أهم الدوافع وراء توقيع المنهاج، بالإضافة إلى دواعي ومطالب التنسيق السياسي.
وفي 12 من أكتوبر عام 1982، تم توقيع ميثاق التكامل بين البلدين، ووقتها كانت الاستفاضة في الحديث عن الروابط التاريخية بين البلدين، منذ آواخر الدولة القديمة عام 1500 قبل الميلاد، كما تم التأكيد أيضا على الرابطة القائمة بين أبناء وادي النيل، وهي أقوي وأعمق من كل صور الوحدة، فى اللغة والدين والعادات والتقاليد والمصير المشترك والثقافة.
القرار 705 لسنة 1982
وفى عام 1982 صدر القرار الجمهورى بالموافقة على ميثاق التكامل بين مصر والسودان، بهدف توطيد العلاقاته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، على أن يُعامل مواطن أي من البلدين المتمتع بحق الإقامة في البلد الآخر معاملة مواطنيه، في كل الحقوق والواجبات التي حددها الميثاق، وإلغاء جميع القيود بما فيها الرسوم الجمركية التي كانت تعوق حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال، وحرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية، وحرية الإقامة والعمل والتملك والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.
وفي عام 2003 كانت هناك عملية إعادت ضخ الدماء فى جسد اتفاقيات التكامل بين البلدين، ووصفها بالخطوة الناجحة في التجارة والزراعة، وأنها نواة وباكورة يمكن أن تكون ميلاداً لسوق عربية مشتركة، ثم أعلنت لجنة الأمن الغذائي المشتركة بعد ذلك عن تخصيص 50 ألف فدان في السودان، لزراعتها بالذرة الصفراء، علي أن تقوم مصر بتوفير التقاوي عالية الإنتاجية وتقديم التكنولوجيا المطلوبة لها، كما تقرر إنشاء مزرعتين نموذجيتين مساحة كل منهما 10 آلاف فدان، إحداهما في الأراضى السودانية، والأخري في الأراضى المصرية من منطقة أرقين، واستصلاح مليوني فدان وقتها.
بعد ذلك تتابعت القرارات والتوصيات الهادفة للتكامل، وبعد عام تقريباً، وفى مايو من عام 2004، قرر السودان منح كل مستثمر مصري يستثمر داخل القطر 150 ألف فدان بالمجان، للعمل علي زراعتها، بهدف تنمية السودان واستثماراً للأموال المصرية بالشكل الذى يخدم الشعبين الشقيقين.
زراعات القمح فى السودان
الحريات الأربعة
وفى تطور آخر يخدم التنمية والاستثمار والتكامل بين البلدين، تم الإعلان عن الاتفاق علي مبدأ الحريات الأربعة لمواطني البلدين، وهى «العمل، والتنقل، والتملك، والإقامة»، وفى يوم 15 سبتمبر عام 2004، صدر بيانا مشتركا عقب اجتماع اللجنة البرلمانية المصرية السودانية المشتركة، وفى هذا الاجتماع تم التأكيد على انتصار وتتويج لعلاقات التكامل بين البلدين.
وأشار البيان المشترك على أهمية دعم التنمية الاقتصادية وتحقيق الأمن الغذائي والاستقرار السياسي وإعطاء الأولوية للمشروعات الإنتاجية في مجال التكامل، كما شددت اللجنة على أهمية الإسراع فى تنفيذ مشروع التكامل، ووضع الاستراتيجية العشرية لتحقيقه، ويتطور الحديث عن التكامل، ويزف إلينا المسئولون عن الزراعة والرى فى البلدين عام 2008 أن هناك مساحة 1.6 مليون فدان جاهزة للزراعة، وأن الحكومتين المصرية والسودانية سوف تشاركان في إنشاء مزرعة نموذجية علي مساحة 10 آلاف فدان، لتكون مزرعة إرشادية مع تطوير كثير من الأصناف، ثم كانت الطفرة والقفزة فى العلاقات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، والزيارات المكوكية لمسئولى البلدين، لإعادة بث النشاط فى المشروعات الزراعية والحيوانية المعلقة منذ فترة.
اقرأ أيضا:
على الرغم من كثرة المحاذير.. الزراعة الحديثة هي الحل
الأراضى الزراعية القديمة تفقد قوتها.. هل تتدخل الدولة لوقف إجهاد التربة؟