«جو سالمون».. القصة المذهلة لمصري غير مسار الحرب العالمية الثانية بـ«وصفة خمر»
الثلاثاء، 28 أغسطس 2018 10:00 صكتب محمود حسن
قد لا نعرف نحن في الشرق العربي والمسلم هذه الأمور كثيرا، لكن في الغرب فإن زجاجة «الشراب» في المعركة ربما هي أهم لدى البعض من البندقية، فعلى سبيل المثال كان رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل لا يتوقف عن الشراب صباح ومساء طوال فترة الحرب، حتى أصبح الأمر مثار انتقادات حادة ضد الرجل الذي لم يبالى.
ومن الوقائع الطريفة الخاصة بهذا الأمر أن الضابط الألماني الذي كان مسئولا عن نقاط الدفاع عن شاطئ النورماندي كان سكرانا في صباح يوم الإنزال الكبير، وهو ما عطل الدفاعات، كان للخمر آثارا كارثية في العديد من المعارك لكن منعه عن الجنود في ظروف مأساوية، بينما هو وسيلة تسليتهم الوحيدة وتخفيف آلامهم لم يكن أمرا ممكنا، لذا كان الجهد الجهيد هو محاولة الوصول إلى خمور تعطى تأثيرا جيدا وتتحاشى التأثير السيئ.
فالواقع الغربي الذي لا يقبل النقاش هو وجود زجاجة الخمر في أرض المعركة، لكن المشكلة الرئيسية هو آثار ما بعد الشراب، حيث يقوم الشخص منهكا ومتعبا ويشعر بالصداع والغثيان، ومن هنا ظهر هذا المصري اليهودي «جون سالمون»، ليغير مسار الحرب العالمية الثانية في أفريقيا، بتقديمه شرابا خاصا للغاية لا يمكن أن يصاب الشخص بعده بآثار ما بعد الشراب.
جوى سالمون
قبل سنوات طويلة عمل «سالمون» ككيميائي في السودان، قبل أن يقرر أن يغير من مجال عمله إلى تقديم تركيبته الخاصة للخمور، من السودان إلى الجزائر ثم كوبا وبعدها إلى القاهرة ليعمل في فندق شيبرد.
طاف «جو سالمون»، العالم، مقدما خلطته الخاصة من الخمور خفيفة التأثير وقليلة الآثار السلبية خاصة آثار ما بعد الثمالة، هذه الوصفة التي ستكون أحد العوامل الهامة التي ستعطى للجنود البريطانيين أفضلية على نظرائهم الألمان في معارك شمال إفريقيا.
في عام 1941 كانت قوات المحور بقيادة الأسطورة «رومل»، تتقدم في شمال إفريقيا متجهة إلى مدينة الإسكندرية، نحو 100 ألف جندي بريطاني وقعوا أسرى في أثناء تقدم رومل الرهيب على الجبهة الإفريقية بهدف التقدم للسيطرة على قناة السويس.
وقيل إن رومل خلال المعركة قال: «سأشرب الشمبانيا في الجناح الرئيسي لفندق شيبرد بالقاهرة قريبا»، لكن في فندق شيبرد أيضا كان هناك «سالمون»، اليهودي الذي يخشى النازيين يحاول أن يقدم مساهمته الغريبة والطريفة في الحرب.
روميل يشرب الخمر فى العلمين
ففي هذه الأثناء كان العثور على مشروبات كحولية جيدة أثناء الحرب مأساة كبرى للقوات البريطانية، العديد من الموردين للجيش البريطاني قدموا خمورا رديئة للغاية للجنود جعلت من آثار ما بعد الشراب جحيما لا يطاق، إلى أن أتى سالمون ليخلق وصفة من خليط بين الخمر والأعشاب ليعطى نفس تأثير الكحوليات العادية بلا أي آثار لما بعد الشراب.
سريعا ذاع صيت «وصفة سالمون»، التي سماها «جحيم الأوغاد» بين الجنود البريطانيين في شمال إفريقيا خاصة في ظل جمود الجبهة عام 1942. كان الطلب على وصفة «سالمون» لا يتوقف ومع اشتعال معركة العلمين الثانية ازداد الطلب من الجنود البريطانيين على «جحيم الأوغاد» بشكل كبير، كان سالمون يجمع أي عبوة أو حاوية أو برميل يستطيع ملؤه بالمشروب لإرساله إلى الجبهة الأمامية التي ترسل المزيد والمزيد من الطلبات.
جوى سالمون فى فندق شيبرد
بالطبع لم تكن وصفة «سالمون»، اليهودي المصري السبب الرئيسي في النجاح، فقد أتى إلى الجبهة قادما من أوربا عبقري بريطاني هو مونتغمري، كما أن خطوط الإمدادات الألمانية القادمة من ليبيا عانت كثيرا إلى درجة الانهيار، أما الجندي البريطاني. فقد كان الخمر لأول مرة غير معطل له ومكنه من التقدم لأول مرة، لتتحقق أول هزيمة حقيقية للألمان في الحرب العالمية الثانية.
جوى ساليمون فى احد الجرائد البريطانية
المشروب الذي اكتشفه البريطانيون جعل من «سالمون»، نجما في الصحافة الإنجليزية التي احتفت به بشكل كبير، ظل سالمون مقيما في القاهرة حتى قيام ثورة 1952، حيث اختار الرحيل عن القاهرة إلى بورتريكو ليعمل في الفندق الذي أسسه صديقه «كونراد هيلتون»، بعدها انتقل إلى كوبا حيث عمل فيها حتى عام 1962 عند قيام الثورة الكوبية.
بعدها انتقل إلى باريس، ثم روما، وبعدها لندن، وبعدها إلى نيويورك حيث عمل في أحد البارات الموجودة في برج التجارة العالمي خلال التسعينات، عاش سالمون الهجوم على برج التجارة العالمي ونجا منه، وبعدها قرر التقاعد والانتقال إلى فلوريدا حيث مات هناك عام 2004.
وصفة سالمون