حديث التهدئة والمصالحة الفلسطينية ما بين رام الله وغزة
السبت، 25 أغسطس 2018 01:25 م
أخر ما كنت أتوقعه أن تشهر السلطة الفلسطينية الفيتو فى وجه إقرار التهدئة فى قطاع غزة، بزعم أن اتفاق التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل، خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، مثلما قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، قبل أن يعود ويتراجع عن هذا التصريح ويقول إن "التهدئة عمل وطنى وليس فصائلى".
التعديل الأخير لا ينفى وجود نية مبيته لدى البعض داخل منظمة التحرير الفلسطينية للسير فى ركب المناهضين لأى أتفاق للتهدئة، لأنه من وجهة نظرهم يحقق لحماس ما تريده فى القطاع، ولم يقدم هؤلاء أى تصور أخر قد يكون مقبولاً لكى يعم الأمن والاستقرار داخل القطاع، الذى عانى أهله ولازال من ويلات هذا الانقسام الفلسطينى.
لا أعلم سبباً واضحاً ومقبولاً يمكن أن يستند له قيادات منظمة التحرير لرفض أى جهود تصب فى صالح الشعب الفلسطينى، اللهم إذا كان من يرفضون لديهم أغراض أخرى، شبيهه بأغراض وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثان الذى ذهب إلى قبرص قبل أسبوعين للقاء وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان، لكى يحاول أن يقُحم إمارة الإرهاب فى أى تحرك لإقرار التهدئة، بمنطق "فيها لأخفيها".
أدرك كم التعقيدات المحيطة بالقضية الفلسطينية، والتى زادت مع تفاقم الخلاف الداخلى، والذى تستخدمه بعض الفصائل لتحقيق مآرب خاصة على حساب القضية نفسها، لكن لم أتوقع أن نصل إلى هذه الدرجة، درجة العناد الداخلى لا لشئ إلا لإثبات الوجود فقط، وهو ما نلاحظه من تصريحات مسئولين فلسطينيين غابت عنها الحنكة السياسية المعروفة، وبات العناد وربما الغيرة السياسية هى المتحكمة فى المشهد الأن.
من حق منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وفتح وحماس والجهاد وغيرهم من الفصائل الفلسطينية أن يتباروا فيما بينهم لتحقيق أفضل حياة للفلسطينيين والقضاء على معاناتهم، لكن أن يكون هذا التبارى لزيادة أوجاع الفلسطينيين فهذا أمر غير مقبول، وغير متصور أيضاً، ولم نعهده على مدار تاريخ القضية الفلسطينية، التى تشهد هذه الأيام أوضاعاً سيذكرها التاريخ بالأسوأ بكل تأكيد.
لازال لدى إيمان بأن القيادات الفلسطينية ستراجع موقفها، وستعود مرة أخرى إلى مظلة القضية الفلسطينية، بدلاً من السير خلف أهواء "تنظيم الحمدين"، وستعلن دعمها ووقوفها خلف كل الجهود التى تبذل لإقرار تهدئة تعيد الهدوء مرة أخرى لقطاع غزة.