2 شارع سعد زغلول: هنا يرقد زعيم الأمة.. كيف هز السياسي المخضرم عرش الإنجليز؟
الخميس، 23 أغسطس 2018 10:00 م
23 أغسطس 2018.. تحل ذكرى وفاة الزعيم الوطني، وقائد ثورة (1919) سعد زغلول، الذي وُلد في عام (1858)، وتوفى في مثل هذا اليوم (23 أغسطس عام 1927)، وإذا تُرك العنان لصفحات التاريخ، أن تتحدث عن هذا المصري الوطني، فسوف تبوح بالكثير والكثير عن حياته، منذ مولده وحتى وفاته مروراً بكفاحه الوطني من أجل استقلال مصر،وما لقيه من سجن ونفى وتشريد في سبيل الدفاع عن حرية بلده.
مولده ونشأته
وقد وُلد سعد زغلول في قرية إبيانة، التي كانت تتبع مركز فوة سابقا، أو مطوبس حاليا، مديرية الغربية سابقا، أو محافظة كفر الشيخ حاليا، وقد اختلفت الأنباء حول تاريخ ميلاده الحقيقي، فهناك من يرى أنه وُلد في يوليو عام 1857، وهناك من يرى أنه وُلد في يوليو عام (1858)، غير أنه عثر في سجلات شهادته التي حصل عليها في الحقوق، أنه من مواليد يونيو (1860). وكان والده رئيس مشيخة القرية، وحين توفي كان عمر سعد وقتها 5 سنوات فنشأ يتيما هو وأخوه أحمد زغلول.
كما تلقى سعد زغلول تعليمه الأوّلى في «كُتّاب القرية» ثم التحق بعد ذلك بالأزهر عام (1873)، وتعلّم على يد السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده ، والتف مثل الكثيرين من زملائه حول جمال الدين الأفغاني، ثم عمل معه في صحيفة الوقائع المصرية، ثم انتقل بعد ذلك إلى وظيفة معاون بوزارة الداخلية، لكنه فُصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي بداية من عام (1879) وحتى (1882)، ثم اشتغل بعد ذلك بالمحاماة، ولكن قُبض عليه أيضا عام (1883) بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف بـ«جمعية الانتقام».
خروجه من السجن
وبعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود إلى المحاماة مرة أخرى، كما دخل في دائرة أصدقاء الإنجليز عن طريق الأميرة نازلي، وسعى وقتها إلى تعلم اللغة الإنجليزية،و تزوج من ابنة مصطفى فهمي باشا، رئيس وزراء مصر في ذلك الحين.
كما تعلّم اللغة الفرنسية ليزيد من ثقافته وعلمه، ثم جاءت ترتيبات المقادير، عندما تم توظيفه وكيلا للنيابة، وكان زميله في هذا الوقت قاسم أمين، وقد ترقى في الوظيفة حتى صار رئيساً للنيابة، وحصل على رتبة الباكوية، ثم نائب قاض عام (1892)، وحصل على ليسانس الحقوق عام (1897).
كما انضم سعد زغلول إلى الجناح السياسي لفئة المنار، التي كانت تضم أزهريين وأدباء وسياسيين ومصلحين اجتماعيين ومدافعين عن الدين، واشترك في الحملة العامة لإنشاء الجامعة المصرية، وكان من المدافعين عن قاسم أمين، وكتابه «تحرير المرأة»، وفي عام (1906) تم تعيينه ناظراً للمعارف ثم عُين في عام 1910 ناظرا للحقانية.
الجامعة المصرية
وفي عام (1907)، كان سعد زغلول أحد المساهمين في وضع حجر الأساس، لإنشاء الجامعة المصرية مع كل من: «محمد عبده، ومحمد فريد، وقاسم أمين»، وتم إنشاء الجامعة في قصر جناكليس «الجامعة الأمريكية حاليا».
وتعيين أحمد لطفي السيد كأول رئيس لها، كما ساهم سعد أيضا في تأسيس النادي الأهلي، عام (1907)، وتولى رئاسته في (18 يوليو 1907م)، وأصبح سعد نائباً عن دائرتين ، من دوائر القاهرة، ثم فاز بمنصب الوكيل المنتخب للجمعية، وبعد بعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة في الجمعية التشريعية، التي تم تشكيله كنواة «جماعة الوفد»، فيما بعد، وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية البريطانية على مصر.
وقد تسبب غياب سعد زغلول في الاضطرابات بمصر، مما أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع الثورة المصرية في عام (1919)، وعند عودته من المنفى، قاد سعد زغلول القوى الوطنية المصرية، حتى إجراء الانتخابات في (12 يناير 1924).
وقد أدت إلى فوز حزب الوفد بأغلبية ساحقة، وبعد ذلك بأسبوعين، تم تشكيل الحكومة الوفدية برئاسة سعد زغلول، وتعتبر الجماهير المصرية سعد زغلول الزعيم الوطني، و زعيم الأمة، والبطل القومي، وقد اعتلى السلطة في مصر ويرجع ذلك لتحالفه مع مجموعة القصر، حيث قبلوا ضمنيا الشروط التي تنظم حماية المصالح البريطانية في مصر.
وفي أعقاب اغتيال السير لي ستاك، سردار والحاكم العام للسودان، في (19 نوفمبر 1924) وتصاعد المطالب البريطانية اللاحقة التي شعرت أن سعد زغلول صار شخصا غير مقبول، استقال زغلول. وعاد لاحقا إلى الحكومة في عام (1926) حتى وفاته في عام (1927).
الوفد المصري
خطرت لسعد زغلول فكرة تشكيل الوفد المصري للدفاع عن القضية المصرية عام (1918)، ضد الاحتلال الإنجليزي، حيث دعا أصحابه إلى مسجد وصيف في لقاءات سرية للتحدث فيما كان ينبغي عمله، للبحث في المسألة المصرية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام (1918م)، وتم تشكل الوفد المصري، الذي ضم سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وآخرين، وأطلقوا على أنفسهم الوفد المصري.
وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن، بقصد إثبات صفتهم التمثيلية، وجاء الصيغة: «نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وآخرين، في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة، حيثما وجدوا للسعي سبيلا في استقلال مصر، تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى».
الاعتقال والنفي
غير أنه تم اعتقال سعد زغلول ونفيه إلى جزيرة مالطة في البحر المتوسط، هو ومجموعة من رفاقه في (8 مارس 1919)، فانفجرت ثورة 1919، والتي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول.
وقد اضطرت إنجلترا إلى عزل الحاكم البريطاني، وأفرج الإنجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر، وسمحت انجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس، ليعرض عليه قضية استقلال مصر، غير أن أعضاء مؤتمر الصلح بباريس، رفضوا مطالب الوفد المصري.
فعاد المصريون إلى الثورة مرة أخرى وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض على سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة ثانية إلى جزيرة سيشل في المحيط الهندي، فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، ولكنها فشلت مرة أخرى.
وقد حصلت مصر في فبراير عام (1922) على استقلال محدود، وفقا لتوصيات اللورد ميلنر، حيث تم إبرام هذا الاتفاق من خلال المحادثات مع سعد زغلول، وفي (23 أغسطس 1927)، توفي سعد ودفن في ضريحه، المعروف ببيت الأمة، والذي تم بناؤه عام (1931) ليدفن فيه زعيم أمة، وقائد ثورة ضد الاحتلال الإنجليزي.