لماذا رفض الأنبا أغاثون الرد بالحوار ؟
الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 02:31 م
كنت أتمنى من الأنبا أغاثون، أسقف مغاغة والعدوة أن يلتقط أنفاسه ويأخذ وقتا فى التفكير قبل أن يوعز للمتحدث الرسمى باسم المطرانية لكى يصدر بياناً أقل ما يمكن وصفه أنه أساء للكنيسة القبطية بشكل عام ولشخص الأسقف بشكل خاص، لأنه يعطى انطباعا لدى كل المتابعين أن هناك شئ يخشى البعض أن يظهر، وأن الصدر قد ضاق بما قيل، ويخاف مما قد يقال مستقبلاً، فقرر غلق الباب ورفع سيف التهديد فى وجه الجميع ليلتزموا الصمت.
البيان الذى صدر قبل أيام ومزيل باسم المهندس بيتر الهامى رمزى المتحدث الاعلامى لمطراينة مغاغة والعدوة، يقول نصاً " تقدم نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة ببلاغ رسمى لإدارة الجرائم الإلكترونية وشبكات المعلومات ومقرها بالمنيا برقم 2 أحوال بتاريخ 14-8-2018، وذلك فى موقع جريدة اليوم السابع وصفحة الأستاذة سارة علام شلتوت الصحفية بالجريدة، على موقع الفيس بوك، وبعض الحسابات الخاصة على الفيس بوك، وجميع مالكيها، وذلك نتيجة ارتكاب هذه المواقع والصفحات بعض الجرائم التى يعاقب عليها القانون المصرى فى حق نيافته من تشهير وسب وغيره".
وقبل هذا البيان سبق أن أرسل المتحدث الإعلامى للمطرانية برد تم نشره فى موقع "اليوم السابع"، أعرب خلاله عن غضبه من تقرير منشور فى الجريدة عنوانه "الأنبا اغاثون مرشد جماعة "حماة الإيمان" يعلن الحرب على التيار الإصلاحى"، وقال المتحدث فى الرد وفق ما هو موجود على موقع "اليوم السابع" إن استخدام العنوان محاولة لإثارة نفوس القارئ ضد نيافة الأنبا اغاثون، وإن محررة التقرير تهدف لافتعال حرب إعلامية بين الأنبا أغاثون والبابا تواضروس، وأشتمل البيان على اتهامات للمحررة الزميلة سارة علام، لكنه أبداً لم يتناول الموضوع الأساسى للتقرير الذى سأتحدث عنه لاحقاً.
اذا ما ربطنا هذا الرد بالبيان الذى تلاه ربما نقف على جزء من الحقيقة، وليس كلها، لأن الكل موجود فقط فى كواليس الكنسية المصرية، التى يقف على رأسها حالياً قداسة البابا تواضروس، الذى يحظى بتقدير واحترام كل المصريين، المسلمين قبل المسيحيين، لأننا نشهد بحنكته وقدرته على إدارة دفة الأمور فى الطريق الصحيح، غير عابئ بكل ما يثار حولها من حملات مدفوعة من شخصيات معروفة للجميع، وهدفهم إيقاف التيار الإصلاحى فى الكنيسة.
بالعودة إلى نيافة الأنبا أغاثون، فحينما طالعت رده ثم بيانها الذى أشتمل على بلاغه، وددت لو سألته سؤالاً مباشراً منتظراً منه الرد المباشر، السؤال هو ما موقفه من الحملة التى تحاول النيل من قداسة البابا تواضروس، ولماذا يقف خلف الجماعة المسماة "حماة الإيمان"، رغم أن البابا تواضروس أعلنها صراحة وقال من قلب الكاتدرائية أن "الإيمان ليس سلعة لكى نحميه وحامى الإيمان هو المسيح".
ولماذا لم يرد نيافة الأنبا أغاثون على الواقعة المذكورة فى التقرير الصحفى للزميلة سارة علام، بأنه نسق مع قناة "مى سات" الكنسية التى تبث فضائيًا ويشاهدها الملايين لنقل عظته من أحد كنائس مغاغة فى نهضة السيدة العذراء، حيث انتقلت القناة بمعداتها وفنييها إليه من أجل إذاعة تلك العظة التى جاءت بعد يومين فقط من حديث البابا تواضروس الموجه لجماعة "حماة الإيمان"، وبدلاً من أن يسير نيافة الأنبا أغاثون خلف القيادة الكنسية، أختار الصدام العلنى، بأن وقف فى عظته التى أطلق عليها عنوان "أعمدة الكنيسة الخمسة" ممسكاً بورقة يقرأ منها، ويقول إن الكتاب المقدس وصف رسله "بالفلاحين والمزارعين والسقاة والفعلة وحماة الإيمان"، معقبًا "صحيح حامى الإيمان هو الرب، ولكن من آئتمنه الله على الإيمان لا بد أن يحميه ويحرسه، الحارس هو الرب لكن من خلال الوكلاء، بولس قال إنه حامى الإنجيل"، وأكمل عظته المذاعة على "me sat" محذراً مما وصفه بالمدارس الحديثة والتيارات الفكرية الخاطئة، وهو ما يمثل أشارة قوية إلى أنه ضد التيار الفكرى الجديد الذى يقوده البابا تواضروس.. لماذا ترك نيافة الأنبا كل هذا وأختار فقط اتهام الزميلة بتهم السب والقذف وغيرها.
انا هنا لا أكيل اتهاماً لنيافة الأنبا أغاثون، لكنى كمواطن مصرى لدى استفسار بسيط كنت أتمنى منه الرد عليه، والرد يكون بالحوار والأدلة على كل ما كتب، لا أن يغلق الباب، معلناً للجميع أن من يقترب منه سيكون حسابه عسيراً.
ليس بهذه الطريقة تدار الأمور يا نيافة الأنبا، فنحن لا نتحدث عن أمور مالية أو قضايا فساد، بل نتحدث عن قضايا فكرية وخلاف فكرى، وإذا كان لك وجهة نظر مغايرة لأراء قداسة البابا فلما لا تعلنها، حتى يستفيد المصريين من حوار عقلانى متحضر، الا اذا كان فى الأمور أمور.
لقد مرت الكنيسة المصرية على مدار تاريخها بأزمات، لكنها كانت تخرج منها أقوى مما كانت، والسبب فى ذلك أن القيادة الكنسية كانت تدير هذه الأزمات بعقلانية، حتى وأن كانت النفوس مليئة بما لا يستحب، فهذه هى طبيعة البشر، لكن هذا لم يمنع مطلقاً من أن الحوار هو السبيل الأمثل لإدارة أى أزمة، ونحن الآن أمام أزمة فكرية، تحتاج إلى الحوار، هذه هى رسالتى لنيافة الأنبا أغاثون وأتمنى أن تصله كما هى، لأنى لا أكن له أى عداء، بل أن نشأتى علمتنى دوماً أن أكون محافظاً على تقاليد وقيمة الكنيسة المصرية، مثلما أحافظ على قيمة وتقاليد الأزهر الشريف والمساجد.