لبيك اللهم لبيك
الإثنين، 20 أغسطس 2018 12:37 م
كل عام وأنت بخير أيها الشعب الكريم، كل عام وأنت فى سلام وأمان ووئام أيها الشعب العظيم، كل عام وأنتم جميعا فى أفضل حال، ودوماً فى فرح وبهجة واحتفالات، تأكلون الذبائح وتتغنون بأغانى العيد فى جو رائع من التكافل.
ولعل من أهم الصفات التى ميزت الشخصية المصرية عبر التاريخ هى التدين، ولقد كان المغزى الحقيقى وراء قصة عيد الأضحى أن نتعلم جوهر الإيمان.. فلقد كان أصعب اختبار لسيدنا إبراهيم عليه السلام، أن ينفذ وحى الله له بأن يذبح ابنه "إسماعيل"، وكان منتهى الإيمان من "سيدنا إسماعيل" أن يستسلم لأمر الله و يقبل بقدره، ولقد كنت اعتقد أن "سيدنا إبراهيم" قد تقبل هذا الأمر ليقينه بأن الله سيحدث من بعد ذلك أمراً، و لربما دعاه ليفتدى أبنه ولكن بعد التفكير المستفيض وبعض القراءات؛ أيقنت أنه كان اختباراً حقيقياً للرضا بقضاء الرحمن، وهى من أعلى مراتب الإيمان.
وقد كان فى نجاح خليل الله فى هذا الإختبار الأصعب، عيداً لنا جميعاً لنتذكر فيه المعنى الحقيقى لتلك العقيدة، وهى التسليم، فالنبى عليه الصلاة والسلام يقول " عجبت لأمر المؤمن, ﺇن أمره كله له خير, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمنين, إن أصابته سراء شكر فكان خير له, وﺇن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له(".
التسليم يقترن إذن باليقين بأن لله حكمة فى قضاءه، حكمة قد نعيها مستقبلاً أو قد لا نعيها مطلقاً، فسيدنا موسى عليه السلام عندما ألتقى سيدنا الخضر ليعلمه مما علمه الله، لم يستطع صبراً على ما رأى، لأنه لم يفهم، لكنه عندما علم أن الغلام الذى قُتل كان سيُشقى والديه، فأراد الله أن يبدلهما بآخر يرحمهما فى الكبر، والسفينة التى أتلفها سيدنا الخضر إنما كانت لإنقاذها من أن يستولى عليها ملك طاغية، وكان بمقدور أصحابها إصلاحها بسهولة لاحقاً، أما الجدار الذى أقامه، فقد كان تحته كنز لأبناء رجل صالح تركه لهم قبل أن يموت، و لو كان هُدم لاستولى سكان القرية الجشعين على أموال هؤلاء اليتامى.
دعونا إذن نحتفل بالعيد، دعونا نسلم قلوبنا إلى الرحمن، و نردد جميعاً "لبيك اللهم لبيك...لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد والنعمة لك و الملك لا شريك لك".