«لبيك اللهم لبيك».. الحج في زمن الجِمال (صور)
الأحد، 19 أغسطس 2018 02:00 محسن شرف
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».. على مدار القرون الماضية كانت شعيرة الحج- وهي الركن الأخير في الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا- حلما يراود الجميع، ودعائهم في خلواتهم؛ كان لا يخلو من رجاءٍ ليلبي ربهم دعوتهم بزيارة بيته الحرام.
وعلى الرغم من مشقة الحج في عصرنا الحالي لغلاء السفر، إلا أن الحجاج قديما وقبل إنشاء الدولة السعودية كانوا يعانون من مشقة أصعب، حيث كانوا عرضة للسرقة والقتل، وذلك حسب الموقع الرسمي لوزارة الحج والعمرة السعودية، والذي أكد أن رحلة الحج كانت محفوفة بالمهالك، فقد انتشرت عصابات قطع الطرق على الحجاج، وكان الحجاج لا يمشون إلا في جماعة، لسوء أحوال الأمن واضطرابه، وعندما كان الرجل ينوي الحج كان أقرباؤه وأصدقاؤه يودعونه وداع الفراق، وكانوا يقولون "الذاهب للحج مفقود والعائد منه مولود".
وكان حينها تجتمع على الحاج المخاطر وتتناوشه من كل جانب، سواء كان قطاع الطرق أو الكوارث الطبيعية مثل السيول والأمطار أو شح المياه أو الحيوانات المفترسة التي تقابله في رحلته، وفوق كل ذلك الإتاوات التي تدفعها القوافل للسماح لهم بالمرور.
وفي كتابه «مرآة الحرمين»، وصف اللواء إبراهيم رفعت (أمير الركب الحج المصري) أحوال الأمن في مكة المكرمة في مطلع القرن العشرين أنه على من يريد زيارة جبل النور، وهو جبل قريب من المسجد الحرام يوجد به غار حراء، أن يحمل معه الماء الكافي، وأن يكون الحجاج على شكل جماعات يحملون السلاح حتى يدافعوا عن أنفسهم من اللصوص الذين يتربصون بهم لسلب أمتعتهم، ومن الصور البشعة التي ذكرها في كتابه أنه بلغه أن إعرابياً قتل حاجاً فلم يجد معه غير ريال واحد فقيل له: تقتله من أجل ريال؟ فقال وهو يضحك: الريال أحسن منه».
المحمل المصري
وتتوارث الأجيال المصرية على مدار تعاقبها معلومة أن كسوة الكعبة كانت تخرج من مصر لسنوات، وكان يخرج المحمل من مصر كل عام حاملاً كسوة الكعبة، وظل موكب الكسوة يخرج منها منذ عهد شجر الدر و المماليك حتى بداية منتصف الخمسينيات من القرن الماضي.
وكان يطوف المحمل الشوارع قبل الخروج إلى الحجاز، وكان يصاحب طوافه العديد من الاحتفاليات كتزيين المحلات التجارية والرقص بالخيول، وكان والي المنطقة التي يخرج منها المحمل أو نائب عنه يحضر هذا الحدث بنفسه أو يرسل من ينوب عنه.
موكب المحمل عبارة عن جمل يحمل المحمل يمر في شوارع القاهرة وتتبعه الجمال التي تحمل المياه وأمتعة الحجاج، ثم الجند المكلفون بحراسة الموكب حتى الحجاز وخلفهم رجال الطرق الصوفية الذين يدقون الطبل ويرفعون الرايات.
والمحمل نفسه هو عبارة عن هودج فارغ يُقال أنه كان هودج شجرة الدر، أما الكِسوة نفسها فكانت تُوضع في صناديق مغلقة وتحملها الجمال.
أول رحلة حج جوي في مطار سلطانة
كان يوجد مطار سلطانة، على الضفة اليسرى من مجرى وادي العقيق بالقرب المدينة المنورة، (أقامته الدولة العثمانية لتهبط عليه الطائرات الحربية في الحرب العالمية الأولى)، وفي عام 1936 زارته طائرات شركة بنك مصر لترى مدى إمكانية تقديم خدمات جوية للحجاج المصريين، بعدما أصبح مهجورًا.
وأمكن قطع الرحلة إلى جدة بالطائرة في ساعتين، مقارنة بيومين بالسيارات، وأحد عشر يوماً بالجمال، وكانت الأميرة خديجة عباس حلمي أول من يحج بالطائرة في مارس من العام نفسه، مقلعة من جدة إلى المدينة ومنها إلى مصر.
كانت وتظل شعائر الحج مثار تساؤل وفضول لدى الغرب على امتداد مئات السنين، ووجدت مكانها في كتابات الرحالة الغربيين أمثال لويجي فارتيما وبيرتون وسنوك هيرخـُرُونيـٍيه وكين والضابط البريطانى آرثر ويفل وغيرهم.
إعادة ترميم المسجد النبوي على نفقة طلعت حرب
أعيد بناء مسجد الرسول بأمر من السلطان العثماني عبد المجيد الأول من 1849 حتى 1860، ولكن تحول المسجد إلى حالة من الخراب الشديد نتيجة الإهمال وقلة المال لصيانته، حتى طلب الاقتصادي المصري طلعت حرب مدير بنك مصر، بإعادة ترميم المسجد وإصلاحه، وذلك في عام 1934، على نفقته الخاصة.
الكعبة المشرفة