الاعتراض من أجل الاعتراض
الجمعة، 17 أغسطس 2018 03:26 م
حديقة حيوان الجيزة هى أعرق حدائق الحيوان الإفريقة وكانت تسمى "جوهرة التاج لحدائق الحيوان فى إفريقيا"، وتم افتتاحها فى يناير 1891، لكن للأسف أُهمِلت الحديقة فى الفترة الأخيرة لأسباب عدة منها قلة مواردها بسبب ضآلة سعر التذكرة .
منذ قرابة العام كنت قد كتبت مقالا على موقع صوت الأمة تحت عنوان "خارج الصندوق" إقترحت فيه أن يتم تقسيم سعر تذكرة الحديقة لفئات مختلفة، على أن تكون هناك أيام فى الأسبوع مدعمة لغير القادرين وبسعر رمزى وأيام أخرى بسعر متوسط، ويوم على الأقل بتذكرة ذات سعر مرتفع من فئة "vip"، ومن وجهة نظرى أن العمل بهذا المبدأ يعد نوعا من أنواع العدالة الاجتماعية حيث لا توجد دولة فى العالم تقدم الدعم للقادرين وغير القادرين، بالإضافة أنه بتوحيد السعر الرمزى فى جميع الأيام لن يتمكن القائمون على إدارة الحديقة من تطويرها والحفاظ عليها ووضعها على قائمة حدائق الحيوان العالمية كما كانت فى السابق، كما أنها وبوضعها الحالى لا تجذب سوى فئة محدودى الدخل الذين قد يقبلون بالقليل طالما يتناسب مع ميزانياتهم، فيما يعزف أغلب القادرين على زيارتها بسبب سوء حالتها وازدحامها فى حين أنهم على أتم استعداد لدفع سعر أكبر للتذكرة فى مقابل زيارة مكان ذو مستوى متميز وخدمة محترمة.
ومنذ أيام أصدرت إدارة حديقة الحيوان نبأً إيجابياً متوافقاً مع الاقتراح نُشِر على صفحات الجرائد بزيادة سعر التذكرة فى يومين أسبوعيا لـ25 جنيه من أجل زيادة موارد الحديقة، وأخيراً بدأ التفكير "خارج الصندوق" يظهر للنور، لكن العجيب فى الأمر هو اعتراض البعض على هذا القرار بشكل غير مفهوم تماما، فما الذى يضير أى مواطن فى رفع قيمة التذكرة فى أيام محددة على أن تظل هناك أيام بسعر رمزى، ولكل شخص الحرية المطلقة فى اختيار اليوم الذى يناسب ميزانيته؟!.
لو تم تفعيل القرار أتمنى أن يوضع فى الاعتبار أن يكون هناك يوما مميزا بسعر تذكرة 100 جنيه للفئات القادرة، التى تفضل الابتعاد عن الازدحام قدر الإمكان وبالتالى سيناسبها اليوم ذو التذكرة المرتفعة، مما يساعد بشكل أكبر على زيادة موارد الحديقة، وجميعنا يعلم أن فى مصر هناك من يدفع الآلاف فى أماكن التنزه المختلفة من أجل الاستمتاع بمكان لطيف والحصول على خدمة مميزة تقدَم غالباً من قِبَل شركات القطاع الخاص، فلما لا تنافس الحكومة فى هذا المجال وتستفيد من ممتلكاتها وتجارى خبرات الآخرين؟.
لكن من المهم والأساسى أن تقوم إدارة الحديقة بتحسين مستواها بشكل ملحوظ من خلال الموارد الجديدة، وضبط القواعد الخاصة بالنظافة والنظام والحفاظ على الحيوانات والمكان ككل على الجميع وفى جميع الأيام، وعلى المخالف دفع غرامة فورية، ومن المهم لاحكام عملية ضبط القواعد نشر كاميرات مراقبة وعدم السماح بالتجاوز أبدا كما هو الحال فى متنزهات القطاع الخاص، ومن الضرورى أيضا توفير مطاعم بأسعار مختلفة تناسب جميع الفئات كى لا يضطر البعض لاصحاب الأطعمة بشكل غير حضارى، وهو المشهد الذى يستاء منه عدد كبير وعلى رأسه "حلل المحشى"، فبدون تحسين مستوى الخدمة ستصبح الأيام ذات الفئة السعرية المرتفعة خاوية فمن يدفع لن يقبل إلا بخدمة ترضيه .
من الضرورى هنا أن يعلم المعارضون أن القرار لو تم تفعيله بشكل صحيح سيكون المستفيد الأول هو المواطن محدود الدخل، حيث إنه سيحصل على نفس الخدمة المميزة والمكان النظيف، وسيشاهد حيوانات أكثر بحالة صحية أفضل دون أن يتكلف مليما، بل أن من سيتحمل نفقات التطوير هو المواطن القادر، وسيستمتع الجميع بشكل عادل دون الضغط على غير القادرين، بالإضافة لإعادة معلم سياحى مصرى هام للساحة الدولية سَيُعد مزارا أساسيا ودخلا إضافيا وواجهة مشرفة لمصر والمصريين، كما هو حال حدائق الحيوان فى دول العالم المتقدم والتى تتكلف تذكرتها مئات الدولارات للسياح، ولا تدعم سوى الطلبة والأطفال وكبار السن فقط.
إن مصر دائما تستحق الأفضل وأتمنى من الجميع دراسة القرارات الإيجابية والجيدة التى تتبناها الدولة، وفهم جوانبها المختلفة قبل أن يكون الاعتراض فقط من أجل الاعتراض.