الرهبنة المصلوبة
الأحد، 12 أغسطس 2018 02:19 م
كان يهوذا الإسخريوطى الذى آسلم المسيح ليد اليهود لكى يصلبوه واحد من تلاميذه الأثنى عشر، يجول معه فى القرى والمدن والشوارع ورأى معجزاته، وهو يفتح أعين الأعمى ويشفى الأبرص والمفلوج ونازفة الدم، وأيضاً رآه عندما قال للميت منذ ثلاث أيام وأسمه اللعاز قم وانفتح القبر وخرج الميت حياً.
رآه عندما أطعم خمس الآف شخص بخلاف السيدات والأطفال بخمس خبزات وسمكتين وما جمعه التلاميذ من أثنى عشر قفة كسرباقى، وعندما كادت السفينة التى كان متواجد فيها مع التلاميذ أن تعصف بها الرياح والأمواج، رأى وسمع المسيح يأمر تلك العاصفة أن تصمت فأطاعته الطبيعة وهدئ البحر، رأى المسيح وهو يسير إلى التلاميذ ماشيا على الماء ليدخل مع تلاميذه السفينة .
نعم عاش يهوذا الإسخريوطى فى حضن نعمة يسوع، ورآه وهو يذهب إلى بيوت الخطاة والعشارين لكى يخلصهم من خطيئتهم ويضعهم على طريق التوبه، رآه وهو يحنو على الفقراء والمساكين والمحتاجين والمهمشين ويتعامل معهم ويسد إحتياجتهم ، آتمنه يسوع وجعله مسئول عن صندوق المال لخدمة الفقراء.
وعلى المستوى العلاقة الشخصية لم يرى يهوذا من المسيح إلا كل خير ومحبة وتسامح ورحمة، وفى كل ذلك خان يهوذا يسوع وسلمه إلى يد اليهود للموت، وأسلم نفسه للانتحار والموت ولو أعطى نفسه فرصة للحياة كان من المؤكد أن يسعى إليه يسوع مرة أخرى لكى يسامحه ويعطيه فرصة للتوبة والخلاص، ويصبح أحد عظماء التبشير على مستوى المعمورة مثل زميله بطرس، لكن أنتحر يهوذا وأصبح رمز للخيانة فى التاريخ البشرى، وقام المسيح من قبر الموت وأصبح باكورة القائمين فى التاريخ البشرى ورمز الخلاص لكل الخليقة، وانتشرت المسيحية وترعرت بدم المسيح الذى تسبب فيه يهوذا.
وكانت الرهبنة هى العمق الروحى للكنيسة المصرية التى أقامها مرقس الرسول صاحب المنزل الذى أقيم فيه الفصح ( العشاء الربانى )، والذى حضره التلاميذ ومنهم يهوذا الإسخريوطى الذى قال فيه المسيح للتلاميذ متنبئاً عن يهوذا، واحد منكم سيسلمنى للموت اليوم، ولكن جميع التلاميذ أظهروا ولائهم ومحبتهم ليسوع بما فيهم يهوذا، وقال المسيح عبارته المشهورة من سيغمز أول لقمه من الصفحة معى هو من سيسلمنى، وفعل يهوذا ذلك وقال له يسوع ما ستفعله فافعله بأقصى سرعة، خرج يهوذا مسرعاً وقبض ثمن يسوع من اليهود ثلاثين من الفضة، وأسلمه للموت، نعم.. كان مرقس الرسول صبى صغير وهو الذى كان بجانب يسوع والتلاميذ يجهز لهم العشاء ويخدم المائدة، وبالطبع حضر تلك الأحداث وذكرها فى إنجيله.
ومن ثم قامت الرهبنة فى مصر كشريان حياة روحى للكنيسة المرقسية المصرية القبطية، وأنجبت عظماء منهم مفكريين وعلماء وقديسين، وأصبحت الرهبنة هى الصخرة التى تتحطم عليها كل مكايد أبليس وحروبه ضد الكنيسة.
عاش الراهب المشلوح أشعياء "وائل سعد " داخل ذلك الينبوع العزب الذى أسسه الأنبا أنطونيوس سنة 251 ميلادياً وهو الذى ترك كل أموال وممتلكات والده الغنى، وذهب إلى عمق الصحراء ليمتلك أعظم النعم وهى العيش داخى ينبوع النعمة والخلاص، ومن بعده أباء قديسين عظام الأنبا بولا والأنبا باخوميوس وأبو مقار.
نعم بالطبع قرأ عنهم وعاش سطور تاريخهم ومعجزاتهم لكن كما فعل يهوذا الإسخريوطى قد أسلم تاريخهم الى الموت عندما قتل فيهم الأنبا إبيفانيوس رئيس دير ابو مقار، وارتوت الأرض بدم القديس كما ارتوت "الجلجثة" بدم المسيح، وذهب يهوذا للانتحار وذهب وائل سعد للمحاكمة، وقام يسوع من القبر ظافراً محطم الموت ومكايد يهوذا، وبالطبع سوف تقوم الرهبنة من أحداث دير أبو مقار ظافرة بدم القديس الشهيد محطمة مكائد إبليس ووائل سعد.
ولكن انتحار يهوذا كان سبب فى هلاكه أما وجود وائل سعد على قيد الحياة فسوف يكون فرصة له أن يتوب وينال الخلاص، حتما سوف يصلى له القديس الشهيد أمام عرش النعمة ليغفر له الرب خطيته، حتما سوف تصلى له الكنيسة المصرية أن يتوب وينال الخلاص.. حتماً لقد سمح الله بتلك الإحداث ليكون دم القديس الشهيد رئيس دير أبو مقار صوت صارخ من الأرض إلى السماء بأن يحفظ الله مصر ويعطيها سلام وأمن ورخاء ويعطى الكنيسة ثبات وإيمان وقوة .