بعد إحباط مخطط تفجير كنيسة العذراء..هل ينتمى الانتحاري لمدرسة «الذئاب المنفردة»؟

 تمكنت الأجهزة الأمنية، منذ قليل، من إحباط مخطط انتحاري لأحد العناصر الإرهابية، خلال محاولة تفجير نفسه على بعد 250 مترا من إحدى الكنائس بمنطقة السواح شبرا الخيمة، حيث أسفرت الواقعة عن استشهد أحد العمال في كنيسة العذراء بمسطرد.

العنصر الإنتحارى-بحسب المصادر-كان يرتدي حزاما ناسفا، قبل أن تباغته القوات، وما أدى إلى تفجيره الحزام في نفسه ويقع قتيلا، فيما أمرت جهات التحقيق المختصة  بفتح تحقيقاَ عاجلاَ وموسع  من خلال تكليف فريق من النيابة العامة بسرعة الانتقال لمعاينة موقع الحادثة، وذلك فى إطار الاستعدادات من قبل الأجهزة المعنية المكثفة لحماية المنشأت المهمة ودور العبادة والمناسبات الدينية.  

مشهد واقعة الإنتحارى يؤكد أن العنصر ينتمى لأحد الخلايا العنقودية التابعة للجماعات الإرهابية التى تعتمد بشكل كبير على فكرة «الذئاب المنفردة» التى تعتمد عليها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية أو الجماعات الإرهابية المنبثقة من التنظيم مثل  تنظيم «داعش»، وذلك فى تنفيذ العمليات العدائية والإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها دون أى تخطيط مُسبق وبشكل فردى، فى محاولة لإحداث اضطرابات وفوضى أمنية .  

من هو الذئب المنفرد ؟

«الذئاب المنفردة» هو مصطلح عادة ما يُطلق  على أحد الأشخاص الذى يقوم بمفرده بتنفيذ عملية إرهابية، دون التخطيط مع التنظيم المركزى، بشكل أقرب للفردية فى أقرب مكان أو مدينة تتضمن تجمعات يتواجد به، حيث إن مفهوم «الذئب المنفرد» هو الشخص الذى يتشرب بطريقة شرسة أيديولوجيا بأفكار متطرفة معينة دون أن يكون له أى صلات اتصال وتوجيه تنظيمى مباشر مع الجماعة الإرهابية، وهو ما وضح جلياَ مع مرتكب حادث كنيسة العذراء بمسطرد. 

اقرأ أيضا: هل للمتهم ضمانات في الحبس الاحتياطي؟.. القانون يُجيب

المراقبون والدراسات البحثية على حد سواء تُشير إلى أن «الذئب المنفرد» عادة ما يقتصر دوره فى تنفيذ العمليات و الهجمات الإرهابية عن طريق التخطيط لنفسه بشكل مباشر دون اللجوء إلى التنظيم الذى ينتمى إليه، مثلما حدث من قبل مع الإرهابى مصطفى شفيق فى تفجير الكنيسة البطرسية، وكذا منفذى هجوم مطار شارلى ديجول بفرنسا، وباردو في تونس، وهجوم أورلاندو في أميركا.

علاقة الذئاب المنفردة بتنظيم داعش  

بحسب الدراسات البحثية، فإن هناك علاقة وطيدة تجمع بين الفكر التنظيمى لـ«داعش» و فكرة «الذئاب المنفردة»، حيث تمثل تلك الفكرة أحد أهم وأبرز أنواع الفكر الداعشى الذين يسعون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على تنفيذ الهجوم الإرهابى بشكل منفرد دون التواصل مع العناصر والقيادات ودون تكليف بالمهمة من قبل قيادات التنظيم، وفى الغالب ما يكونوا عبارة عن أشخاص عاديين ليس لهم أى تحركات أو سلوك عدوانى يُذكر بحيث لا يشك فيهم أحد لا من قريب أو بعيد.

لماذا سميت الذئاب المنفردة بهذا الإسم؟

«الذئاب المنفرده» أصحاب أخطر المهام المستقلة فى الخلايا العنقودية أُطلق عليهم هذا الإسم  لأنهم غير مرتبطين بجماعة إسلامية أو إرهابية كما يظن البعض أنها ترتبط بديانة بعينها، وإنما هو مسمى تنظيمى لكل الحركات الإرهابية والإجرامية فى العالم وخاصة الجماعات  التى تتبنى الدين بغرض تحقيق أغراضها، حيث أن «الذئب المنفرد» عادة ما يشُن  هجوما مسلحاَ بدوافع سياسية أو إجتماعية أو نفسية أو حتى مرضية مثلما فعل إرهابيين يتبنون للتنظيم الداعشى، وقاما بتفجير مطار شارلى ديجول بفرنسا والذى أودى بحياة العشرات، واليميني المتطرف أندريه بريفيك في النرويج 2011 حين قتل العشرات احتجاجًا على سياسة بلاده-وفقل لـ«مراقبون»-. 

أدوات الذئاب المنفردة

فى الحقيقة أن أدوات وأشكال العمليات التى تقوم بها هذه الذئاب: « الخرائط، والحزام الناسف، والقنابل ذاتية الصنع، التى يعمل على تصنيعها بيده وزرعها فى أماكن مختلفة وتفجيرها عن بعد عن طريق أجهزة التفجير عن بعد، بينما هناك من يشن هجوم فردي بسلاح يمكن أن يصنع في المنازل أو يشترى بشكل قانوني، أو تجنيد شخص داخل جهاز في دولة ما لتنفيذ عملية أمنية بتخطيط ذاتى. 

اقرأ أيضا: اليقظة والأمن وحقوق الإنسان.. مدراء الأمن الجدد يكشفون خطتهم لتنفيذ توجيهات وزير الداخلية

حادث كنيسة حلوان

فى غضون 29 ديسمبر 2017، وقع الهجوم الإرهابى الذى استهدف كنيسة مارمينا، بمنطقة حلوان، والذى أسفر عن استشهاد 9 مواطنين وإصابة 5 آخرين، حيث اتبع منفذ عملية كنيسة حلوان حينها أسلوب «الذئاب المنفردة».

وبعد إرتكاب الواقعة مباشرة بث تنظيم داعش الإرهابى، اصداراَ يتضمن وصية أحد إرهابيّ هجوم كنيسة مارمينا بمنطقة حلوان، حيث أدعى التنظيم في الفيديو، الذي نشرته ما تُعرف بـ«وكالة أعماق» الإرهابية، أن الشخص المتحدث «الملثم» هو أحد منفذي الهجوم، حيث بايع زعيم داعش أبو بكر البغدادي، ووجه رسالة إلى عناصر التنظيم في سيناء، قال فيه «دماؤكم دماءنا وأبناؤكم أبناءنا»، وأنه «سيثأر لهم»- في إشارة إلى تنفيذ الهجوم الإرهابي- .

الإنتحارى محمود شفيق

فى غضون 12 أبريل 2017، أكدت وزارة الداخلية أن الإرهابي محمود شفيق محمد مصطفى، الإنتحارى المتهم بتنفيذ عملية الكنيسة البطرسية بالعباسية، والتى أسفرت عن مصرع 23 شخصاَ وإصابة 46 آخرين، هو أحد أهم الذئاب المنفردة التى نشأت وترعرعت داخل البلاد خلال الفترة السابقة . 

مولود مرت ألطن طاش

فى غضون 12 ديسمبر 2016، أعلنت تركيا تفاصيل عملية الاغتيال التي استهدفت السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف، حيث أكدت أن منفذ الاغتيال هو «مولود مرت ألطن طاش» من مواليد ولاية أيدن غربي البلاد، ويعمل في قوات مكافحة الشغب بأنقرة منذ عامين ونصف العام.

الإرهابى إبراهيم إسماعيل إبراهيم

وزارة الداخلية، سبق لها أن كشفت هوية منفذ هجوم كنيسة مارمينا في حلوان جنوب القاهرة، وهو إبراهيم إسماعيل إبراهيم مصطفى من مواليد 4-7 1984، ووقع الهجوم فى يوم جمعة وأسفر عن مقتل أمين شرطة و6 من المواطنين وإصابة 4 آخرين، وسبق الهجوم قيام منفذ الحادث بإطلاق عدد من الأعيرة النارية تجاه أحد المحال التجارية بمنطقة مساكن أطلس، مما أدى إلى مقتل مواطنين اثنين تواجدا داخل المحل.

خطر الذئاب المنفردة

من جانبها، أكد مصادر أمنية، أن الإرهابى الذى حاول تنفيذ مخطط تفجير نفسه على بعد 250 مترا من إحدى الكنائس بمنطقة السواح شبرا الخيمة، حيث أسفرت الواقعة عن استشهد أحد العمال في كنيسة العذراء بمسطرد ينتمى لنفس مدرسة الإرهابى الإنتحارى محمود شفيق الإنتحارى المتهم بتنفيذ عملية الكنيسة البطرسية بالعباسية، وهى ما يُطلق عليه مدرسة «الذائب المنفردة» .

وبحسب «المصادر» فى تصريحات لـ«صوت الأمة» أن ما يطلق عليهم بـ« الذئاب المنفردة» يتبنون عقيدة تُعد الأخطر والأكثر صعوبة فى اكتشافها أمام الجهات الأمنية وتحرياتها، وذلك نظرًا لسرعة انتشارها وصعوبة اكتشافها وعدم القدرة على التنبؤ بنتائجها ومعرفة دوافع أفرادها وفداحة وخطورة خسائرها.