تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين أمريكا وروسيا، عقب ما وصفته موسكو باستخدام أمريكا لسياسة «الصوت العالي»، ذلك على خلفية استدعاء القائم بالأعمال المؤقت لروسيا فى الولايات المتحدة دميترى جيرنوف إلى وزارة الخارجية الأمريكية، وهو ما استنكرته السفارة الروسية لدى الولايات المتحدة، اليوم الإثنين.
وكانت وكالة أنباء سبوتنيك الروسية، نقلت بيان السفارة الروسية في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تضمن: «الوزارة طلبت من دبلوماسينا الرد على التدخل الروسى العدواني، فى الشؤون الداخلية الأمريكية.. ما هو نوع الإجابة التى يمكن أن يجرى الحديث عنها، إذا كان موضوع التهم نفسه غير موجود من حيث المبدأ؟ فعلى مدار العامين الماضيين، قمنا وبصورة متكررة، وعلى جميع المستويات الممكنة، بكشف التناقض المطلق لمثل هذه التلميحات، ولم يتم تقديم دليل واحد على ما ورد».
وأضاف البيان: «لا يسعنا إلا أن نأسف لحقيقة أن وزارة الخارجية تنزلق مرة أخرى إلى (دبلوماسية الصوت العالي).. فى الواقع، اتضح أن وزارة الخارجية تتعامل مع تلك القوى فى المؤسسة الأمريكية التى تدير وفقا لمصلحتها الخاصة موضوع (تدخل روسيا) فى العمليات السياسية فى الولايات المتحدة».
واختتمت السفارة بيانها قائلة: «ندعو زملاءنا الأمريكيين، إلى تركيز جهودهم على العمل المهنى والاحترام المتبادل لتحقيق الاستقرار وتطبيع العلاقات بين بلدينا، وفى هذا بالذات نرى مهمة السفارة الروسية لدى الولايات المتحدة».
وفى وقت سابق، قالت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت - فى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أن مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الأوروبية والأوروبية الأسيوية ويس ميتشل، استدعى جيرنوف، بصدد اتهامات وجهتها السلطات الأمريكية ضد روسيا حول «الدعاية العدوانية»، وكانت الولايات المتحدة قد طالبت روسيا فى وقت سابق أن تتوقف عن التدخل فى شؤون البلاد.
كانت الفترة الماضية شهدت العديد من السراعات بين الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وكانت تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بين روسيا من جهة وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية على خلفية تسميم الجاسوس الروسي بغاز سام، فبعد إعلان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن بلاده قررت إغلاق القنصلية الأمريكية في سانت بطرسبرج وطرد 60 دبلوماسيًا، اعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية القرار الروسي «غير مبرر»، مشيرة إلى أنها تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الإجراءات- لترد بدورها على موسكو.
وحذرت الأمم المتحدة عبر أمينها العام أنطونيو جوتيريش، من أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تتدهور إلى وضع يشبه إلى حد كبير ما شهدناه خلال الحرب الباردة.
وبدا واضحًا السجال دبلوماسي بين الولايات المتحدة أوروبا وروسيا من جهة أخرى ارتقى وبدأ يأخذ منحنى أخر وصفه كثيرون بأنه أشبه بالحرب الباردة التي دامت نحو أربعة عقود بعد الحرب العالمية الثانية بتوتر جيوسياسي بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جانب والاتحاد السوفيتي ودول أخرى، فيما عرف بالكتلة الشرقية من جانب آخر.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية، هيذر نويرت، قالت إن الإجراءات التي اتخذتها موسكو تظهر أنها "ليست مهتمة بالحوار في القضايا المهمة، مشدد على أن خيارات الرد «قيد الدرس».
وبعد أن طردت بريطانيا 23 دبولوماسيًا روسيًا على خلفية اتهامها لموسكو بالتورط في محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق، زاد الوضع سوءًا اليوم حيث أعلنت 14 دول أوروبية وأمريكا وكندا تضامنهم مع بريطانيا وطردهم لعدد من الدبلوماسين الروس .
القصة بدأت بعدما تعرض سيرجي سكريبال لعملية تسمم في جنوب إنجلترا، بغاز سام قالت بريطانيا أنه أعد في روسيا لاغتيال العميل الروسي السابق، فيما ردت موسكو بحذر على الاتهامات البريطانية واضعة في اعتبارها استضافتها لحدث كروي عالمي بعد ثلاثة أشهر، حيث قررت لندن عدم إيفاد أي من المسئولين والعائلة المالكة لهذا العرس العالمي، فيما دعى ساسة بريطانيون الدول الأوروبية إلى مشاركة مخاوف لندن فيما يخص كأس العالم، محذرين من أن تتخذ موسكو هذا الحدث للترويج لروسيا سياحيًا واقتصاديًا.
وفي تضامن واضح مؤخرًا مع بريطنيا، شددت الخارجية الأمريكية على أن روسيا هي المسؤولة عن «الهجوم الشنيع» في بريطانيا، في إشارة إلى محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق وابنته بغاز سام، كما أشارت إلى أن روسيا "انتهكت معاهدة الأسلحة الكيمياوية".
وتنفي روسيا أي دور لها في تسميم الجاسوس الذي أجج الخلاف بين واشنطن وموسكو، لكن لم تقتنع أمريكا بهذا الأمر لينضم هذا الملف الحديث إلى ملفات خلافية أخرى، أبرزها ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، والأزمة السورية وما يتردد عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2016.