لعلاج مرض السكر.. هل يجوز زراعة جزء من بنكرياس الخنزير في جسد الإنسان؟
الأربعاء، 01 أغسطس 2018 10:00 مزينب عبداللاه
مرض السكر من أكثر الأمراض انتشارا في مصر والوطن العربي، ويصيب الأطفال والكبار وهو مرض مزمن يستلزم تعاطي العلاج طوال الحياة سواء بالأقراص أو حقن الأنسولين .
ويوميا تجرى الأبحاث الطبية لإيجاد علاج جديد للمرض يخفف آلام المرضى أو يحميهم من المضاعفات أو يمنحهم الأمل في الشفاء .
وأحيانا يتم الاستعانة في تصنيع الدواء بمشتقات من الحيوانات، ومنها الخنزير، وورد إلى دار الإفتاء المصرية عددا من الأسئلة حول جواز استخدام مشتقات من الخنزير في العلاج. وأشار أحدها إلى أن داء البول السكري ينشأ عن نقص مادة الأنسولين من غدة خاصة بالبطن تسمى البنكرياس، وأن هذا المرض يسبب بمرور الوقت حدوث مضاعفات عديدة للمريض، حتى مع أخذ العلاجات المتاحة حاليا.
وأوضح السائل أنه في محاولة لعلاج هذا المرض لم يكن متاحًا للأطباء سوى استخدام مادة الأنسولين المستخرجة من غدة البنكرياس لحيوان الخنزير؛ لأنها شديدة الشبه بالمادة التي يكونها البنكرياس البشري بخلاف المادة المستخرجة من بنكرياس الأبقار.
وأضاف أن استخدام هذه المادة لعدة سنوات ساهم في تخفيف معاناة مرضى السكر، إلا أن هذه الطريقة لا تلبي احتياجات الجسم بدقة، وتجرى الأبحاث للتوصل إلى السبيل الأمثل لعلاج هذا المرض ومنها أخذ الخلايا المتخصصة في إفراز الأنسولين من غدة بنكرياس حيوان الخنزير، وهو ما أتى بنتائج مرضية تؤكد أنه يمكن البدء في تطبيق هذه الطريقة على متطوعين من مرضى السكر بعد إحاطتهم علمًا بتفاصيل هذا الأسلوب الجديد في العلاج، ووجه السائل سؤالا لدار الإفتاء حول مشروعية هذا العمل الطبي الذي يمكن أن يسهم في تخفيف معاناة آلاف المرضى في مصر والعالم؟.
وأجاب عن هذا السؤال الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، مؤكدا أن الفقهاء اختلفوا حول جواز التداوي بالمحرمات ومنها أجزاء الخنزير، فمنهم من حرمه، ومنهم من أباحه عند الضرورة بشرطين.
أحدهما: أن يتعين التداوي والنقل بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين.
والثاني: ألَّا يوجد دواء غيره، ولا يكون القصد من تناوله التحايل لتعاطي المحرم، وألَّا يتجاوز قدر الضرورة؛ لأن الأساس في هذه الإباحة الضرورة، التي تقدر بقدرها.
وقال واصل: «نحن نرى أنه لا مانع من ذلك شرعًا إذا دعت الحاجة الماسة والضرورة القصوى إلى ذلك ولا يوجد بديلٌ للمُحَرَّم، والذي يقدر ذلك هم الخبراء المختصون العدول الثقات».
وأضاف: «أما بالنسبة لنقل الأعضاء، فيرى جمهور الفقهاء أنه يجوز نقل عضو من أعضاء الميت أو الحيوان إلى جسم إنسانٍ حيٍّ إذا كان هذا النقل يؤدي إلى منفعة الإنسان المنقول إليه منفعةً ضروريةً لا يوجد بديل لها، وأن يحكم بذلك الطبيب المختص الثقة»، مؤكدا أن الأطباء هم سادة الموقف في مثل هذه الحالات، وهم المسؤولون مسؤوليةً تامةً أمام الله تعالى وأمام من يملك محاسبتهم على أعمالهم من رجال الطب والقانون أو غيرهم.
وأوضح مفتى الجمهورية الأسبق فى معرض إجابته عن السؤال عن حكم أخذ أجزاء من غدة بنكرياس الخنزير ونقلها للإنسان أن القيام بهذه التجارب على المرضى لا يجوز إذا كان يسبب هلاكهم، وأنه إذا كان يمكن أخذ هذه الخلايا من الحيوان الطاهر كالأبقار أو غيرها يكون أفضل؛ لأن الحيوانات النجسة كالخنزير لا يجوز اللجوء إليها إلا عند الضرورة القصوى إذا تعينت، ولا تصح في وجود الأجزاء الطاهرة المباحة.
وأضاف: «إذا كانت الضرورة ملحة في أخذها من حيوان الخنزير فإنها تكون ضرورة يجوز العمل بها؛ لأن زرع عضوٍ من حيوانٍ كالخنزير في جسم إنسانٍ مسلمٍ يعتبر من الضرورات عند عدم وجود الحلال، فالأصل ألَّا يكون ذلك إلا عند الضرورات، وللضرورة أحكامها، على أن يُراعَى بأن ما أبيح للضرورة- يقدر بقدرها- وأن يقرر ذلك الثقات العدول من أطباء المسلمين».
وأردف المفتى الأسبق: «قد يقال بأن الخنزير نجسٌ؛ فكيف يجوز إدخال جزءٍ نجسٍ في جسد مسلم؟ ونقول: (إن الممنوع شرعًا هو حمل النجاسة في الظاهر، أما في داخل الجسم فلا دليل على منعه؛ إذ الداخل محل النجاسات من الدم والبول والغائط، والإنسان يصلي ويقرأ القرآن ويطوف بالبيت الحرام، والنجاسة في جوفه ولا تضره شيئًا)».