التجارة الحرام.. من يقف خلف مافيا بيزنيس الأعضاء البشرية وهل نحتاج لتعديل تشريعي؟
السبت، 04 أغسطس 2018 11:00 ص
- خبير قانوني: تجارة الأعضاء عابرة للقارات ولابد من إقرار قانون زراعة الأعضاء للتصدي لتجار لحوم البشر
- إيران الدولة الوحيدة في المنطقة التي تبيح الاتجار بالأعضاء البشرية
- مصر تحتل المركز الثالث عالميا في تجارة وزرع الأعضاء البشرية غير المشروعة
- 20 ألف جراحة زرع كلى سنويا على مستوى العالم
- مناطق النزاع والحروب مثل ليبيا وسوريا والعراق أكثر تضرراَ من الاتجار
المشهد في بداية الأمر عبارة عن سفناَ تحمل أناساَ يتم نقلهم من القارة الأفريقية إلى المزارع الأمريكية والإنجليزية والهولندية والبرتغالية، وهو ما كان يُطلق عليه «تجارة الرقيق» التى كانت رائجة في العصور المظلمة التي شهدتها القارة الأوربية، وذلك بغرض تسخير أبناء القارة السمراء لبناء الحضارة الأوربية الحديثة، إلا أن هذه المشاهد التى يُقيد فيه أيادي هؤلاء الرقيق بالسلاسل الحديدية أقل وطأة ما يحدث الآن فى العصر الحديث بانتزاع العضو من الإنسان كى يتم زرعه بداخل جسد إنسان أخر.
فى عام 1954ومع التطور الذى حدث فى أوربا نجحت أول عملية جراحية لزراعة الجلد، ومع مرور الأيام توصل الأطباء إلى إمكانية زراعة الأعضاء البشرية وخصوصاَ الرئة والكبد والكلى، لكن الخطر الحقيق الذى يمر به الإنسان حالياَ هو تحول الأمر إلى تجارة، وسوقاَ ينافس سوق المخدرات والسلاح، بينما أصبح سلعة تُباع هنا وهناك حسب الطلب وبالسعر المناسب، يُستغل فيه الفقراء والبسطاء من خلال مساومتهم على نقل أعضائهم من أجل بضعة أموال، ليس هذا فحسب بل تنتهك رسالة مهنة الطب السامية حيث تحول بعض الأطباء لسماسرة.
العالم أجمع وفى مقدمتها مصر إهتدى إلى حقيقة هامة ألا وهى أن القوانين الوطنية والداخلية أصبحت عاجزة كل العجز عن مجابهة شكل معين من أشكال الجريمة وهى تعدى ركنها المادي حدود الوطنية ليصل ويمتد عبر حدود دول ذات سيادة إلا أن هذا النوع من الجرائم يخرق السيادة العامة للدولة، الأمر الذى أدى إلى تفكير الجماعة الدولية فى إيجاد إتفاقية دولية ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود وهو ما حدث بالفعل عام 2000 ومن ثم صدر عن هذه الاتفاقية بروتكولاَ نص في مادته الثالثة على ماهية أو تعريف يكاد أن يكون مانعاَ جامعاَ لجريمة الاتجار بالبشر ومن بينها نزع الأعضاء وهى الجريمة محور الحديث.
بالأمس القريب، أحيل 41 شخصاً بينهم أطباء وممرضون، وموظفين بالخارجية، وخليجين، ومحامين للمحاكمة الجنائية بتهمة نقل وزراعة الأعضاء البشرية بطريقة غير قانونية، والاتجار في البشر، كما تقرر إحالة قضية «تجارة الأعضاء البشرية» بمنطقة أبو النمرس بجنوب الجيزة، وهى القضية المعروفة إعلامياً بـ«شبكة تجارة الأعضاء الكبرى»، أمام محكمة جنايات الجيزة، وغيرها من القضايا الخاصة بتلك القضية والتى انتشرت خلال الفترة الماضية.
العوز والاتجار فى الأعضاء البشرية
وعن هذه الأزمة، يقول محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، أنه في ظل الأزمات والمخاطر التي باتت تهدد حاضر ومستقبل غالبية الدول، طفت علي سطح الأحداث نوع جديد من المخاطر التي تخفيها الغرف المغلقة وتحيطها السرية في غالب بلدان العالم، ألا هي التجارة بالأعضاء البشرية والتي يكون ضحاياها من المضطهدين والفقراء بشكل كبير، ومن الأطفال المختطفين و أحيانا من ذوي الحاجة والمعوزين .
فتجارة الأعضاء-بحسب «البدوى»- فى تصريح لـ«صوت الأمة» نشاط إجرامي قائم على تجارة أعضاء جسم الإنسان لأغراض مُختلفة أهمها لعلاج بعض القادرين على دفع كُلفتها المرتفعة، والتي يُطالب بها الوسيط دون المتبرع الذي يحصل على مبلغ قليل مما يدفعه المحتاج لتلك الأعضاء، حيث تكثر في الدول الفقيرة التي يرى سكانها أن بيع أعضائهم وأعضاء موتاهم يُدر عليهم دخلاً وفيراً هم في أشد الحاجة إليه.
الجريمة الصامتة
ومن جانبنا نطلق عليها مصطلح «الجريمة الصامتة» فهي نوع مستحدث من الجرائم الخفية والتي تحدث بعيدًا عن المحاسبة والمراقبة، ولعل الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تبيح هذه التجارة اللاإنسانية هي جمهورية ايران، فهي الدولة الوحيدة التي تُبيح التبرع بالأعضاء البشرية لإنسان على قيد الحياة نظير مقابل مادي يبلغ تقريباً حوالي (300 جنيه إسترليني) الآمر الذي يجعلها تجارة مقننة، في حين تغيب هذه الآلية عن بقية دول المنطقة العربية بالكامل، وهو ما فتح لها الباب على مصرعيه وأسس لسوق كبير لتجارة الأعضاء البشرية.
اقرأ أيضا: من الخطف والاستغلال إلى المؤبد.. الإتجار بالبشر في «12 سؤال»
علاقة الربيع العربى بانتشار تلك الجريمة
فى مصر وسط أجواء من الأوضاع الاقتصادية الغير جيدة، والتي تأثرت كثيراً بموجات الربيع العربي الأسود الذي ضرب أهم دول المنطقة العربية منذ مطلع عام 2011 وحتى الأن، الأمر الذي بموجبه تحوّل بعض الفقراء إلى مصدر رخيص لقطع الغيار البشرية للأثرياء داخل البلد احياناً وخارجها، حيث يقوم سماسرة التجارة بالأعضاء البشرية بالتعاون مع بعض الأطباء وبعض معامل التحاليل الطبية بالإتجار بالكلى البشرية بعد سرقتها أو شرائها من الفقراء وبيعها للأثرياء العرب بعد ذلك، وهو ما ثبت تورّط مستشفيات خاصة شهيرة في تلك التجارة غير المشروعة، والتي يتورط فيها أيضاً عدد من السماسرة منهم أطباء وأخصائيين تحليل وممرضين ايضاً-وفقا لـ«البدوى».
ولا يخفي علي المهتمين برصد تلك الجريمة السوداء أن مصر أصبحت تحتل المركز الثالث عالمياً في تجارة وزرع الأعضاء البشرية غير المشروعة، فضلاً عن أن مصر تحوّلت لتصبح المركز الرئيسي في المنطقة لتجارة الأعضاء البشرية التي أصبحت أكثر ربحاً وأمناً من تجارة المخدرات التي عفي عليها الزمن بعد أن باتت تجارة الأعضاء البشرية أكثر ربحية منها ولا تحفها نفس المخاطر التي تحيط بتجارة المخدرات ، فهذه الجريمة في اغلب الأوقات تتم برضاء تام بين البائع والمشتري وبينهما شيطان الاتفاق ومنسقه وهو سمسار العملية ومدبر كل تفاصيلها .
مصر تحتل المركز الثالث على مستوى العالم
ويؤكد رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان أن الاتجار بالأعضاء البشرية هو شكل خطير جداً من أشكال استغلال الفقراء وخاصة في بعض دول العالم الثالث، وهو ما ظهر جلياً علي الآلاف من الفقراء في باكستان أو الفلبين تبرعوا بأعضائهم لكنهم باتوا في حالة بائسة يُرثى لها، ولم يستفيدوا من المقابل المادي البخس الذي حصلوا عليه، إذ أن الربح الأكبر يكون من حق السمسار وبعده الأطباء وباقي العصابة الإجرامية المنظمة التي تمارس تلك التجارة السوداء المحرمة .
40 ألف مريض كلى على قائمة الانتظار
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى إجراء ما يربو على 10 ألاف جراحة زرع كلى سنوياً، إلا أن هناك تقديرات أخرى تؤكد ارتفاع هذا العدد إلى 20 ألف جراحة سنوياً ، خصوصاً أن الطلب على زرع الكلى يتزايد على خلفية ارتفاع أعمار سكان الكرة الأرضية بشكل ملحوظ، وأيضا أكدت تقارير انه في القارة الأوروبية وحدها يوجد حوالي 40 ألف مريض على قائمة الانتظار في حاجة ماسة إلي عملية نقل كلى بشرية لهم .
بينما تؤكد أبحاث واستطلاعات الرأي أن معظم بائعي أعضائهم البشرية لا يمتلكون حرية اتخاذ القرار، فالمافيا القائمة على تجارة الأعضاء التي تجند بائعي الأعضاء تعتمد أسلوب الجريمة المنظمة حيث يقوم الوكلاء بإغراء بائعي الأعضاء البشرية ويتعهدون بمنحهم مبالغ مالية يتفقون عليها .
وقال البدوي أنه بعد الموافقة المبدئية على إجراء الجراحة من قبل ما يطلق عليه لفظ ( بائع – أو متبرع ) يمارس الوكلاء أسلوب الترهيب على المتبرعين فيفرضون عليهم الإقامة الجبرية وفي أحيان أخرى يتم اعتقالهم حتى يحين موعد إجراء الجراحة وبعد استئصال العضو المتفق عليه وزرعه في جسم المشتري يواجه البائع في كثير من الأحيان أساليب غش وخداع من الوكلاء وغالباً ما يلقى بهم خارج المستشفى من دون الحصول على أي مقابل مادي، والأمر لا يقتصر على الكلى فقط، بل يتم بيع البنكرياس وفص الكبد بمبالغ أكبر .
اقرأ أيضا: رغم الشروط العسيرة.. هل هناك علاقة بين زواج المحلل والإتجار بالبشر؟
واختتم البدوي قائلاً أننا في مصر لدينا القانون 64 لسنة 2010 لمكافحة استغلال البشر وهو قانون حديث النشأة تقريباً، ولكننا بحاجة إلي إقرار قانون يبيح التبرع بالأعضاء وهبتها بين أفراد الأسرة الواحدة أو حتى بين الأقرباء أو آخرين وهو ما يكون قادر علي مواجهة تجار الموت الأسود الذين يقتاتون علي أعضاء البشر دون أي اعتبار أو إحساس.
بينما ترى ريهام الزينى، المحامية والخبير القانوني، أن ما يحدث في العالم الآن يمثل أكبر مؤامرة في حق الإنسانية، تجتمع عليها كل القوى الاستعمارية، والمافيات الدولية المتخصصين في الاتجار بالبشر والمخدرات والسلاح والأعضاء البشرية، حيث أنه لم يعد الاتجار بالبشر وليد الأحداث الأخيرة في المنطقة فهذه التجارة تنشط منذ سنوات طوال عبر عصابات منظمة لم تتاجر باليمنيين والسوريين والعراقيين فقط، وإنما بالمهاجرين الأفارقة الذين يتم تهريبهم إلى دول الجوار مقابل مبالغ مالية كبيرة، ولم ينج الضحايا أيضا من المعاملة القاسية وصنوف التعذيب.
من يقف خلف الإتجار بالبشر؟
كل يوم ينكشف لنا-بحسب «ريهام» وجه من وجوه المؤامرة الشيطانية الصهيونية العالمية التي تريد تدمير البشرية جمعا، بأن هناك شعوب خاضعة للشيطان حيث أنه لم تعد التجارة بالبشر تقتصر على صفقات سرية صغيرة تجري في مناطق نائية من دول العالم الفقير، فقد تحولت إلى إمبراطورية عملاقة بالاتجار بالبشر حول العالم كأحد مصادر تمويلها الرئيسية بعد تجارة السلاح من خلال منظمة سرية خفية «الماسونية الصهيونية العالمية» من أجل تحقيق أهدافها التي تسعي لتحقيقها منذ الآلاف السنين، وتديرها شبكات من المافيات الإجرامية، تضم بصفوفها أطباء وأساتذة جامعات وحتى سياسيين وعسكريين في حكومات دول متقدمة، لتخرج من نطاقها المحدود إلى العالمية، إنها الماسونية الخبيثة الداعية للحروب والصراعات للدعارة والإلحاد والفسوق، فهم لا أديان ولا خلق ولا إسلام ،كفره للشيطان ولهواتهم.
أرباح مافيات الاتجار بالبشر
تجري سنويا عشرات الآلاف من عمليات بيع الأعضاء البشرية في السوق السوداء بصورة غير شرعية، ويحصل سماسرة هذه التجارة أرباحا سنوية تصل إلى 8 مليارات دولار، لا ينال أصحاب الأعضاء المبيعة منها سوى الفتات، فغالبيتهم من الفقراء والنساء والأطفال، الذين يتم الاحتيال عليهم أو استغلال ظروفهم المادية، ووفقا لمنظمة العمل الدولية، يصل عدد ضحايا العمل القسري في العالم إلى 21 مليون شخص بمن فيهم ضحايا الاستغلال الجنسي، وفي حين أن عدد ضحايا الاتجار غير معلوم، فإن التقديرات تشير إلى تعرض ملايين البشر لهذه الممارسات المشينة في العالم،وتؤكد بيانات الأمم المتحدة أن كل بلدان العالم تتأثر بظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كانت من بلدان المنشأ أو المقصد.
تزايد نسبة الاتجار بالبشر نتيجة الحروب
والمعطيات جميعها تؤكد أن جرائم الاتجار بالبشر في في تزايد ولكنه غير مرأي، وأن سبب تزايد هذه الظاهرة يعود للحروب والصراعات في المنطقة وأثارها المدمرة وعلى رأسها إنهيار أنظمة الحماية الضعيفة أساسا كالأمن والقضاء والمنظمات الحقوقية المعنية وتزايد معدلات الفقر والنزوح والبطالة بنسب مهولة وغير مسبوقة، إضافة إلى انصراف الاهتمام الدولي والإقليمي والمحلي الى توفير المساعدات المنقذة للحياة كالغذاء والمياه والدواء والمأوى مقابل تدني كبير في خدمات الحماية الوقائية، الأمر الذى ساعد بشكل مباشر فى تنامى الظاهرة فى مناطق الحروب العربية مثل اليمن وسوريا وليبيا حيث النازعات المستمرة التى لم تتوقف حتى تلك اللحظة-طبقاَ لـ«ريهام».
الاتجار بالبشر جريمة بلا عقاب
أن الاتجار بالبشر يعد جريمة بلا عقاب نتيجة لانخفاض العقوبة المقررة فى القانون رقم 64 لسنة 2010، لذلك يحتاج يحتاج لتعديل خاصة أن السنوات الماضية أثبتت أن هناك جرائم لا يعاقب عليها القانون مثل استغلال الأطفال فى الأعمال الإرهابية وتجارة المخدرات واستغلال أطفال الشوارع فى أعمال منافية للآداب.
ضرورة تعديل قوانين وتشريعات الاتجار بالبشر
لا بد من تعديل القانون بحيث يشمل إعادة تعريف جرائم الإتجار بالبشر ليشمل كافة أشكال الإستغلال فى الأعمال المنافية للآداب أو العمليات الإرهابية، مع ضرورة النص على أن تكون الدولة هى المسئولة عن الأطفال مجهولى الهوية الذين لا يجدون من يدافع عنهم أو يحميهم، كما توجد جرائم أخرى لا يتم العقاب عليها مثل الهجرة غير الشرعية للأطفال وتعريض حياتهم للخطر، كذلك لا يعاقب القانون الأسر التى تزوج بناتها فى سن الطفولة، وهذه كلها جرائم يجب أن يتم تعديل القانون لتفادى وقوعها، خاصة أن هناك ظاهرة منتشرة فى الريف وهى الزواج العرفى للفتيات دون سن الـ18 سنة، وهذا يعرضهن لمخاطر صحية وقانونية، وهذه تعتبر جريمة ولكن القانون لا يعاقب عليها لأن لا أحدا يعلم عنها شيئا، لذلك لابد من ضرورة تعديل القانون ليشمل الجرائم المستحدثة التى ظهرت مؤخرا كالهجرة غير الشرعية وزواج الفتيات دون السن، فهذه الظاهرة أصبحت منتشرة ولا تقتصر على زواجهن من العرب فقط، ولكنها تمتد الآن أيضا إلى المصريين، وهى ظاهرة منتشرة فى الريف ولا يعاقب عليها القانون.
اقرأ أيضا: جرائم الإتجار بالبشر.. محكمة النقض: الدماء والأنسجة تعامل معاملة الأعضاء (مستند)
ونجد أن المشرع المصري عكف على وضع إستراتيجية تشريعية لمكافحة جرائم الإتجار بالبشر، جاءت مواءمة مع المبادىء والإطار القانوني الدولي في حماية المجتمع وأفراده من هذه الجرائم ، وهي مساعي ترمي الوصول إلى أفضل الحلول لمكافحة هذه الظاهرة، ولكن رغم أهمية إصدار القوانين والتشريعات، فهذا غير كاف، فهناك الحاجة الأهم في التنفيذ والتطبيق الأمثل وبمهنية لهذه القوانين، وإلى التركيز على التعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة والجهود الدولية ، فهو إحدى الحلول المثلى لمكافحة ووأد هذه الظاهرة.
النتائج و التوصيات في جرائم الإتجار بالبشر
أولا : النتائج
1- الحروب والنزاعات، والأزمة الإقتصادية العالمية، والفساد وعدم الإستقرار السياسي لبعض الدول، وما خلفته هذه الأسباب من فقر وجهل، السبب المباشر وراء هذه الجرائم .
2- عدم توافر إحصاءات دولية دقيقة حول حجم هذه الجرائم، إلا أن التقارير والوقائع، تشير إلى عالمية الظاهرة وإتساعها.
3- الإخفاق الدولي في معالجة المشكلة ، لاسيما الإتحاد الأوربي، كحالات شبكات المافيا للتهريب والإتجار بالبشر من الدول الفقيرة والنامية الى أوروبا .
4- رغم الجهود التشريعية المحلية والدولية في مكافحة جرائم الإتجار بالبشر خاصة جهود منظمة الأمم المتحدة، حتي الآن أثبتت عدم جدواها في وأد الظاهرة.
5- هناك حاجة إلى تشريعات أكثر فاعلية ، منها عقد الإتفاقيات ثنائية أو متعددة الاطراف يكون هدفها حصرا ضبط الحدود الدولية. والحاجة إلى تقديم إهتمام خاص بالتشريعات المتعلقة بالتعاون القضائي الدولي، وتفعيلها .
6- رغم كثرة القوانين والتشريعات في هذا الجانب ، هناك حاجة في التنفيذ والتطبيق الأمثل وبمهنيــــة لهذه القوانين .
ثانيا : التوصيات
1- الجانب التشريعي :
تعزيز التشريعات القائمة بإعتماد المشرع الوطني والدولي خطط قانونية علاجية ووقائية أكثر فاعلية، أهمها إلزام حكومات الدول بتنفيذ أحكام دساتيرها المتضمنة تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وعلى صعيد التشريع الجزائي، تغليظ العقوبات الجزائية على مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر بما تتناسب وحجم الجريمة وبلا تهاون، خاصة قضايا الاستغلال الجنسي للنساء والأطفال كبيـع الخـدمات الجنسية وشراءها، وعلى مافيات الاتجار بالأعضاء البشرية، وإيلاء اهتمام خاص بالتعاون القضائي الدولي .
وكذلك إيلاء اهتمام بإقرار المسؤولية على الهيئات الاعتبارية في حالة ضلوعها في هذه الجرائم، وتضمين المناهج الدراسية عموما والجامعية خصوصا بالأبحاث العلمية والأكاديمية بمفهوم ومخاطر هذه الجرائم.
2-الجانب التنفيذي :
تعزيز التنفيذ الأمثل للقواعد القانونية الدولية والإقليمية والمحلية، فهو أحد أهم الحلول المثلى لمكافحة الظاهرة وأهمها اتخاذ إجراءات فعالة بين الدول التي تمر بها هذه الجريمة من بلد المنشأ والعبور.
وأخيرا بلد المقصد الذي يتم فيه استغلال الضحايا، فبدون العمل المشترك لا أمل في وأد هذه المشكلة، منها تفعيل التنسيق بين الجهات الحكومية من وزارات ودوائر ذات العلاقة كسلطات الحدود ودوائر الهجرة ودوائر الأمن، فضلا عن مراقبة تنقلات المجرمين التي لديهم سوابق ، والضالعين في هذه الأنشطة ، والمشتبه بهم ، وعمل بيانات دقيقة لهم.
هذا بالإضافة الي مساعدة الوكالات والمنظمات الحكومية والغير حكومية في عملها، لكي تأخذ دورا أكبر، ومن صور التعاون الدولي الفعالة في هذا المجال مساعدة الدول الفقيرة في برامجها لمكافحة هذه الظاهرة، التي هي بأمس الحاجة إلى الدعم المادي نظرا لضعف إقتصاداتها، كما يتعين على الجهات المعنية تنفيذ إحكام تدقيق منح التأشيرات بموجب متابعة وإجراءات رقابية، للحيلولة دون إستخدامها من قبل المتاجرين بالبشر، فضلا عن تنفذ الخطط القانونية بحرفية ومهنية التي تضمن للضحايا الرعاية النفسية والإجتماعية والإقتصادية، كتوفير المأوى والمأكل والرعاية الصحية، بالإضافة الي توعية المجتمع بمخاطر الإتجار ،بإطلاق الحملات الإعلامية خاصة للشباب والأطفال من كلا الجنسين وذلك بمشاركة واسعة من المجتمع المدني .
3- الجانب القضائي:
رسم السياسات القضائية الفاعلة، كالملاحقات القضائية، وسرعة محاكمة مرتكبي هذه الجرائم.
العقوبات في القانون المصر
أشارت نصوص القانون 64 لسنة 2010 بشأن تجارة البشر والقانون 5 لسنة 2010 بشأن تجارة الأعضاء البشرية للظروف المشددة حيث جاء بنص المادة 6 من القانون 64 لسنة 2010" إذا ارتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدني أو النفسي أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاح.
-إذا كان الجاني زوجاً المجني عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولاً عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه.
-إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة.
-إذا نتج عن الجريمة وفاة المجني عليه أو إصابته بعاهة مستديمة أو بمرض لا يرجى الشفاء منه.
-إذا كان المجني عليه طفلاً أو من عديمي الأهلية أو من ذوى الإعاقة.
-إذا ارتكب الجريمة جماعة إجرامية منظمة"
-وتصل العقوبة إذا توافر ظرف مشدد من هذه الظروف إلى السجن المشدد وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه وهي عقوبة نراها غير كافية وغير متناسبة لهذا الجرم.
-أما بشأن الذي يجرى هذه العملية وهو في الغالب الأعم طبيب فقد نصت المادة 18 من القانون رقم 5 لسنة 2010 على أنه: « يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه كل من أجرى عملية من عمليات النقل أو الزرع في غير المنشآت الطبية المرخص لها مع علمه بذلك، فإذا ترتب على الفعل وفاة المتبرع أو المتلقي تكون العفو السجن المؤبد، ويعاقب بذات العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة المدير المسئول عن الإدارة الفعلية للمنشأة الطبية في الأماكن غير المرخص لها التي تجري فيها أية عملية من عمليات نقل الأعضاء البشرية أو جزء منها أو نسيج بشري مع علمه بذلك».
والظاهر من هذا النص الأخير أن الطبيب يعاقب بهذه العقوبة بمجرد إجرائه هذه العملية خارج المنشآت الطبية المرخص لها مع علمه بذلك ومن هنا قد يكون هذا هو سبب اختيار المشرع لفظ «المتبرع» إذ أن هذه الجريمة تنشأ بمجرد إجرائها بمكان غير مرخص طبياً مع علم الطبيب بذلك وكذلك يعاقب بذات العقوبة المدير المسئول عن الإدارة الفعلية لهذه المنشأة الطبية.
ولا يخفى طبعا حكمة التشديد إذ أن صفة الطبيب هى العنصر الرئيسي في هذه التجارة الآثمة.
قانون تنظيم زرع الأعضاء رقم 5 لسنة 2010
وعن قانون تنظيم زرع الأعضاء رقم 5 لسنة 2010، قال أشرف الزهيرى، المحامى بالنقض والخبير القانونى، أن المادة الأولى من القانون نصت على يستبدل بنصوص المواد «17، 18، 19، 20، 23، 24» من القانون رقم 5 لسنة 2010 النصوص الأتية:
مادة 17: يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من قام بنقل عضو بشرى أو جزء منه بقصد الزرع بالمخالفة لأى من أحكام المواد "2، 3، 4، 5،7" من هذا القانون، وإذا وقع هذا الفعل على نسيج بشرى حى تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات.
وإذا ترتب على الفعل المشار إليه فى الفقرة السابقة وفاة المتبرع تكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
مادة 18: دون الإخلال بالعقوبات المقررة فى المادتين "17، 19" من هذا القانون يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مليون جنية ولا تزيد مليونى جنية كل من اجرى او ساعد فى اجراء عملية من عمليات النقل أو الزرع فى غير المنشأت الطبية المرخص لها مع علمه بذلك، فإذا ترتب على الفعل وفاة المتبرع او المتلقى تكون العقوبة السجن المؤبد.
ويعاقب بذات العقوبة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة المدير المسئول عن الإدارة الفعلية للمنشأة الطبية غير المرخص لها، والتى تجرى فيها أية عملية من عمليات نقل الأعضاء البشرية أو جزء منها أو نسيج بشرى حال ثبوت علمه بذلك.
مادة 19:يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنية ولا تزيد على مليونى جنية كل من نقل بقصد الزرع أو زرع العضو المنقول بطريق التحايل أو الاكراه وتطبق ذات العقوبة إذا وقع الفعل على جزء من عضو انسان حى، وإذا وقع الفعل المٌشار إليه على نسيج بشرى تكون العقوبة السجن المشدد.
وتكون العقوبة الإعدام إذا ترتب على الفعل المٌشار إليه فى الفقرة السابقة وفاة المنقول منه أو إليه.
مادة 20:يعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنية ولا تزيد على مليون جنية كل من خالف أيا من الأحكام الواردة فى المادة 6 من هذا القانون، وذلك فضلاً عن مصادرة المال أو الفائدة المادية أو العينية المتحصلة من الجريمة أو الحكم بقيمته فى حال عدم ضبطه.
ولا تزيد العقوبة على السجن لمدة عشر سنوات لكل من نقل أو زرع نسيجاً بالمخالفة لحكم المادة 6 من هذا القانون.
وتكون الجريمة المنصوص عليها فى هذة المادة من الجرائم الأصلية التى يعاقب على غسل الأموال المتحصلة منها وفقا لأحكام قانون مكافحة غسل الاموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002.
مادة 23:يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف اى حكم آخر من احكام هذا القانون.
لجنة الفتوى
وعن لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قالت إن القاعدة الشرعية تنص على: « أن الضرر ما يزال بالضرر، فلا يجوز أن نزيل الضرر عن صاحب العضو التالف بأن نتلف على إنسان آخر عضوه ونفوته عليه، فليست مهجة الأول بأولى فى الحفاظ عليها من مهجة الثانى وحياته، والثانية إن كان العضو المنقول عضوًا غير فردى فيجوز نقله وبذله للغير مع مراعاة بعض الضوابط منها:
1-قيام حالة الضرورة أو الحاجة الشرعية بالمنقول إليه التى يكون فيها الزرع هو الوسيلة المتعينة للعلاج، وتقدير التعيين مرده إلى الأطباء.
2-موافقة المنقول منه مع كونه بالغا عاقلا مختارا.
3-أن يكون هذا النقل محققا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه من الوجهة الطبى.
4-ألا يؤدى نقل العضو إلى ضرر محقق بالمنقول منه يضر به كليا أو جزئيا، أو يؤثر عليه سلبا فى الحال أو فى المآل بطريق مؤكد من الناحية الطبية.
5-أن يكون النقل بعيدا عن البيع والشراء.
6-ألا يكون العضو المنقول مؤديا إلى اختلاط الأنساب- بكونه من الأعضاء التناسلية- بأى حال من الأحوال.
7-أن يكون النقل بمركز طبى متخصص معتمد من الدولة، ومرخص له بذلك مباشرة بدون أى مقابل مادى بين أطراف النقل، ويستوى فى ذلك الغنى والفقير.
إن مسألة التبرع بالأعضاء عن طيب خاطر بعد الوفاة بوصية من المتوفى لا مانع منها، إن قيمة الحى أفضل من الميت لأن الميت سيأكل أعضاءه التراب، ولكن يجب أن يتم التبرع بموافقة المتبرع ووفق قواعد أصولية، و يجب أن يتم التبرع وفق قواعد وضوابط حتى لا تتحول لمتاجرة، خاصة إننا نعيش فى مرحلة فن وابتكار فى التدليس لذلك يجب أن يشدد القانون بعدم العبث بأعضاء المتبرع، و طالما الإنسان موافق على التبرع بأعضائه لا مانع والأهم رأى الدين في ذلك.
إن إيجاز تجارة الأعضاء يجب أن تتم بعد معرفة رأى الشريعة الإسلامية، وبعد ذلك نبحث عن رأى حقوق الإنسان فى ذلك، إن الفساد موجود فى كل مكان بوزارة الصحة ومن أوائل مظاهر الفساد هى تجارة الأعضاء البشرية التى يلجأ إليها الفقراء للحصول على المال مقابل التبرع بالأعضاء و لضبط وتقنين تجارة الأعضاء البشرية لابد من إنشاء هيئة مكونة من كبار العلماء المسلمين ويشرف عليها الأزهر وأطباء على أعلى مستوى، وتنشأ بتصريح من رئيس الجمهورية لتبرع بالأعضاء البشرية-وفقا لـ«لجنة الفتوى».
تجارة الأعضاء البشرية هى تجارة غير قانونية ،تٌصنف كسوق سوداء،وهى تجارة ترتفع يوماً بعد يوم لكونها سوق محدودة ويزداد فيها الطلب اكثر بكثير من المتاح والمعروض فى السوق،وتزداد طلبات الشراء من الدول الغنية مع ثبات نسبة المعروض من الدول الفقيرة ،والغرض من التجارة توفير العلاج للأغنياء ،حيث يتكفل الوسطاء(السماسرة ) بتوفير الأعضاء البشرية مقابل مبالغ مالية كبيرة ،ويعتبر المستفيد الأكبر هو الوسيط دون المتبرع الذى يحصل على نسبة قليلة قد لاتصل إلى 10% من اصل المبلغ المدفوع من قبل المحتاج لتلك الأعضاء .
ومع ازدياد تدهور أحوال المصريين الإقتصادية، وتدنى المستوى التعليمى والثقافى لمعظم طبقات المجتمع المصرى، تحولت مصر إلى مركز عالمى تتوفر فية الأعضاء البشرية بسهولة شديدة كل من يمتلك ثمن اجساد المصريين وغيرهم من الجنسيات التى تعتبر مصر سوق رائج لعرض اجسادهم للبيع.
وقد كشفت العديد من الدراسات التى قامت بها منظمة الصحة العالمية( who) ،عن أن مصر اصبحت مركزاً اقليمياً لتوفير الأعضاء البشرية وصنفت مصر ضمن اكثر خمس دول حول العالم فى تصدير الإعضاء البشرية ،وهم( الصين ،والفلين ،وباكستان،وكولومبيا)،وتصدرت مصر المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط .
وقد تعددت اسباب ازدهار تجارة الاعضاء البشرية داخل مصر
أولاً : الوسطاء القائمين على هذه التجارة يعتمدون على القانون لحمايتهم حال وقوعهم فى أيدى السلطة، وذلك بكتابة «عقد تبرع» بين الطرفين المشترى والبائع، يقر فيه المتبرع بتنازله عن العضو الجسدى الخاص به وهو فى كامل إرادته وبدون الحصول على عائد مادى على الرغم من أن المادة السادسة من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لعام 2010، تنص على معاقبة كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تتجاوز خمسمائة ألف جنيه.الإانهم. تمكنوا من التحايل على القوانين .
ثانياً : تدنى الحالة الإقتصادية للمصريين وعدم توفر اقل الإحتياجات المعيشية المناسبة لهم،مما يدفع الكثير من فئات. المجتمع المصرى وخاصة الشباب إلى العديد من الممارسات الغير مشروعة مثل الهجرة الغير شرعية ،والاتجار بأجسادهم واعمارهم من اجل تحقيق احلامهم فى حياة كريمة ..
ثالثاً : اعتماد التجار على الوسائل الإجرامية مثل خطف المواطنين وخاصة الاطفال ،والقيام بسرقة اعضائهم تحت التخدير.
رابعاً : وجود العديد من المهاجريين الأفارقة فى مصر بصورة غير شرعية ،حيث يلجئون. إلى مصر لأنها البوابة الأكثر اماناً لقارة اوروبا ، ومع عدم توافر الاموال اللازمة للهجرة الغير شريعة ،تتحول اجساد الافارقة الى سلع تباع وتشترى ونادراً ما يتقدم احدهم بشكوى لإرتفاع نسبة الإرتفاع نسبة الامية بينهم ،
وقد أشار تقرير الاتجار بالبشر الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية العام الماضى إلى أن الأعضاء التى تمت سرقتها من الأفارقة بعد قتلهم، تباع داخل إسرائيل بمبالغ تتراوح بين 100 و150 ألف دولار.
وتعد تجارة «الكُلى» هى أكثر الأعضاء البشرية مبيعاً فى مصر، ويصل سعرها إلى 80 ألف دولار يتم توزيعها بين اضلع مثلث الثلاثة المتبرع( البائع )، والطبيب، والوسيط.
لا يجوز بيع الأعضاء البشرية مطلقاً، لأن الإنسان ليس محلاً للبيع، وذلك من عدة وجوه:
أولاً: أن هذه الأعضاء ليست ملكاً للإنسان، ولم يؤذَن له في بيعها شرعاً، ولا يُعَاوضُ عليها؛ فكان بيعها داخلاً في بيع الإنسان ما لا يملكه، ويشترط للبيع الصحيح أن يكون البائع مالكاً للمبيع، وأجمع أهل العلم على أن الإنسان لو باع ما لا يملكه فالبيع باطل. ومعلوم أن أعضاء الإنسان ليست ملكاً للإنسان، وكذلك ليست ملكاً لورثته حتى يعاوضوا عليها بعد وفاته.
ثانياً: أن هذه الأعضاء الآدمية مُحتَرَمَة مُكَرَّمَة، والبيع يُنَافِي الاحترام والتكريم.
ثالثاً: أنه لو فُتِحَ الباب للناس في هذا المجال، لتسارعوا إلى بيع أعضائهم، غير ناظرين إلى ما قد يعود عليهم من ضررٍ بسبب ذلك؛ فوجب منع هذا البيع؛ سداً للذريعة المفضية إلى الضرر.
رابعاً: إن بيع الإنسان لأعضائه - مسلماً كان أو كافراً - فيه امتهان له، وهو الذي قد كرمه الله تعالى؛ حيث قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70]، وقد علل كثير من الفقهاء حرمة بيع أجزاء الآدمي بكونها مخالفة لتكريم الله تعالى للإنسان.
خامساً: أن الأصل يقتضي حرمة المساس بجسد المسلم بالجرح أو القطع، حياً كان أو ميتاً؛ فوجب البقاء على الأصل، حتى يوجد الدليل الموجب للعدول والاستثناء منه، إذ الأدلة المانعة من النقل كلها تتعلق بالمسلم.
وقد أجاز كثير من أهل العلم التبرع بالأعضاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وقرر الأطباء أن لا خطر على صاحبها إذا نُزِعَت منه، وأنها صالحة لمن نزعت من أجله، وينو المسلم بذلك الإحسان لأخيه، وتنفيس الكرب عنه، وابتغاء الثواب من الله، وإذا جاءه بعد ذلك شيء من المال مكافأة من غير تطلع نفسه إليه، مثل التبرع بالكلية، والقَرَنِيَّةِ بعد التَأَكُّد من موت صاحبها، وزرعها في عين إنسان معصوم مضطر إليها، وغلب على الظن نجاح عملية زَرْعِهَا، ما لم يمنع أولياء الميت ذلك.
وقد صدر عن المجمع الفقهي بمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بهذا الخصوص، في دورته المنعقدة بتاريخ 18 جمادى الآخرة 1408 هـ، الموافق 6 فبراير 1988م بعد الاطلاع على الأبحاث المقدمة، وإليك نص القرار:
أولاً: يجوز نقل العضو من مكان من جسم الإنسان إلى مكان آخر من جسمه، مع مراعاة التأكد من أن النفع المتوقع من هذه العملية أرجح من الضرر المترتب عليها، وبشرط أن يكون ذلك لإيجاد عضو مفقود أو لإعادة شكله أو وظيفته المعهودة له، أو لإصلاح عيب أو لإزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسياً أو عضوياً.
ثانياً: يجوز نقل العضو من جسم إنسان إلى جسم إنسان آخر، إن كان
هذا العضو يتجدد تلقائياً، كالدم والجلد، ويُرَاعَى في ذلك اشتراط كون الباذل كامل الأَهْلِيَّةِ، وتحقق الشروط الشرعية المُعْتَبَرَة.
ثالثاً: تجوز الاستفادة من جزء من العضو الذي استؤصل من الجسم لعلة مرضية لشخص آخر، كأخذ قرنية العين لإنسان ما عند استئصال العين لعلة مرضية.
رابعاً: يحرم نقل عضو تتوقف عليه الحياة كالقلب من إنسان حي إلى إنسان آخر.
خامساً: يَحْرُم نقل عضو من إنسان حي يُعَطِّلُ زواله وظيفة أساسية في حياته - وإن لم تتوقف سلامة أصل الحياة عليها - كنقل قَرَنيَّةِ العينين كلتيهما، أما إن كان النقل يعطل جزءاً من وظيفة أساسية؛ فهو محل بحث ونظر كما يأتي في الفقرة الثامنة.
سادساً: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك، بشرط أن يأذن الميت أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة ولي المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.
سابعاً: وينبغي ملاحظة أن الاتفاق على جواز نقل العضو في الحالات التي تم بيانها، مشروط بألا يتم ذلك بواسطة بيع العضو؛ إذ لا يجوز إخضاع أعضاء الإنسان للبيع بحال ما. أما بذل المال من المستفيد - ابتغاء الحصول على العضو المطلوب عند الضرورة، أو مكافأة وتكريماً - فمحل اجتهاد ونظر.
ثامناً: كل ما عدا الحالات والصور المذكورة - مما يدخل في أصل الموضوع - فهو محل بحث ونظر، ويجب طرحه للدراسة والبحث في دورة قادمة على ضوء المعطيات الطبية الشرعية".اهـ.
أما بيع الدم أو شراؤه فلا خلاف بين أهل العلم في حرمته؛ لأن الله سبحانه وتعالى حرَّم الدم، وأكد على تحريمه بإضافته إلى عينه، فيكون التحريم عاماً يشمل سائر وجوه الانتفاع بأي وجهٍ كان، وبيعه انتفاع به؛ فيكون حراماً ،ولأنه نجس بإجماع أهل العلم، والنجس يحرم الانتفاع به؛ قال القرطبي: "اتفق العلماء على أن الدم حرام، نجس، لا يؤكل، ولا يُنْتَفَعُ به"؛ قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: 173 ]، وقال تعالى: {حُرِّمَت عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ.