من بائع الشاورما إلى محطم جينيس.. لماذا يهرب أبطال الألعاب الشهيدة إلى الخارج؟
السبت، 04 أغسطس 2018 05:00 م
«لا كرامة لنبي في وطنه».. هذا التعبير يجسد واقع ما يحدث داخل أغلب الاتحادات الرياضية للألعاب الفردية في مصر يعيشه أبطالها أصحاب الميداليات الذهبية، يروي كم المعاناة التي يعيشها هؤلاء في حياتهم للوصول إلى هدفهم قبل أن ييئس بعضهم من سياسة التجاهل وسوء إدارة المواهب التي يتعامل بها مسئولي هذه الاتحادات ليتجهوا إلى الهرب لرفع علم دول أخرى.
كثيرًا ما سمعنا خاصة في السنوات الأخيرة عن معاناة أحد أبطال الألعاب الفردية، الذي يروي كيفية تعامل الاتحادات الفردية مع لاعبو مثل هذه الرياضات وكم المعاناة التي يمرون بها كي ينالون شرف حمل اسم مصر في بطولة أوليمبية أو قارية أو دولية، فكم مرة اتهم هؤلاء المسئولين على الاتحادات بالواسطة والمحسوبية والمجاملات في اختيارهم لمن يمثلون البلد في المحافل الرياضية.
ورغم جهد الدولة متمثلة في القيادات السياسية للاهتمام بهذه الرياضات الفردية، وما يضعه من رؤية لتعزيز قدرات مصر وتخريج وتأهيل أبطال قادرين على تحقيق انجازات في هذا المجال، أصبح ملف الاتحادات وما يشوبه من شكوك في إدارتها تحدي كبير يواجه الحكومة واللجنة الأولمبية خاصة مع تعدد حالات هرب لاعبي المنتخبات الوطنية للتجنيس واللعب باسم دول أخرى في البطولات المقبلة.
قضية المحسوبية والفساد وعدم وجود فن إدارة وتجهيز بطل في الاتحادات الرياضية، قائمة منذ فترة، ولكن ما فجرها مجددًا هو ظهور محمود فوزي لاعب المنتخب الوطني للمصارعة وهو يرتدي تيشيرت الولايات المتحدة الأمريكية معلنًا عن قرب تجنيسه للعب باسمها في البطولات المقبلة، ما زاد غضب الجميع ليفتح الملف مرة أخرى ويطرح أسئلة مهمة حول أسباب هروب الرياضيين بالألعاب الفردية لتمثيل دول أخرى، وأين دور الاتحادات واللجنة الأولمبية للحد من هذه الظاهرة؟.
وأكد فوزي أنه حصل من قبل على ذهبية البطولة العربية في المغرب، وذهبية أمم أفريقيا أكثر من مرة، وفضية في الدورة التأهيلية للألعاب الأوليمبية، مضيفًا أنه فوجئ برفع اسمه من بعثة منتخب المصارعة المشاركة في دورة البحر المتوسط، رغم أنه استعد للبطولة منذ 6 أشهر بمعسكرات في ألمانيا وبلغاريا على نفقته الشخصية.
وأكد أنه أضطر للسفر إلى أمريكا للحصول على الجنسية واللعب باسم الولايات المتحدة بعد اضطهاده من الاتحاد المصري ومجاملة بعض اللاعبين الآخرين، فيما رد اتحاد المصارعة على هذه الاتهامات مؤكدًا أن حديث فوزى عن تمثيل أمريكا في الأوليمبياد المقبلة «هجص» وفى إطار اللعب على مشاعر الجماهير بأنه البطل الذي اضطر لهجر بلاده نتيجة الظلم ، مؤكدًا أنه لا يجوز وفقا للوائح الاتحاد الدولي اللعب باسم أمريكا حتى رفع الإيقاف، حيث أنه موقوف من موقع الاتحاد الدولي للمصارعة حتى عام 2020.
وجاء هروب فوزي مؤخرًا وظهوره بالولايات المتحدة الأمريكية، ليدق ناقوس الخطر حول مستقبل هذه الرياضيات وما يتوجب عليه فعله لتطوير أداء الاتحادات، لاسيما بعد تأكيد عضو لجنة الشباب والرياضة النائب رضا البلتاجي بأنه لا يوجد اهتمام بالألعاب الفردية، حيث يوجد إهمال كبير فيها ولم يصبح لها وجود، مرجعًا السبب لتدهور هذه الألعاب بعدم تغطيتها تلفزيونيا مثل كرة القدم وجعلها رياضة شعبية تهتم بها كل الفئات.
تصريحات البلتاجي تطابقت مع تحذير لجيانا فاروق، لاعبة المنتخب الوطني للكاراتيه، والحاصلة على الميدالية الفضية بدورة ألعاب البحر المتوسط المشاركة فيها مؤخرًا، والتي أكدت أن الألعاب الفردية في مصر ما زالت تعاني من الإهمال وعدم الدعم المادي والمعنوي، مؤكدة أن الاتحادات لا تستطيع توفير الدعم للاعبين سواء في السفر والمعسكرات، مسترجعة إحدى أسباب عدم الاهتمام بالألعاب الفردية إلى إهمال الإعلام أيضا مشددة على ضرورة تقديم الدولة والإعلام الدعم المعنوي لمجهودات أبطال الألعاب الفردية.
ولم تكن حادثة فوزي الأولي من نوعها حيث شهدت السنوات الماضية الكثير من الحالات المشابهة التي هرب فيها العديد من اللاعبين للمشاركة في بطولات دولية باسم دول أخرى، لتكشف مدى تجاهل الاتحادات للأبطال، وتثبت أنهم دائمًا ما يكونوا خارج الحسابات سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي،ففي مايو قبل الماضي برزت قضية الثنائي أدهم رمضان وكريم طارق لاعبا مصر في الجودو اللذان سعيا إلى الحصول على الجنسية الأمريكية مرددان أن «الكوسة و المحسوبية و الظلم» كان وراء هذا التفكير، مؤكدًان أن مصاريف التدريبات كانت ذاتية، وهو ما جعلهم يفكران في الخروج إلى بلد أخرى تهتم اتحاداتها بالمواهب لمواجهة الظروف المادية الصعبة.
ورد رئيس اتحاد الجودو سامح مباشر على هذه الاتهامات الموجهة للاتحاد، مؤكدًا أن البعض يساعد في صناعة من هؤلاء الهاربين أبطالاً بعد قيامهم بتضليل الرأي العام من أجل تبرير تركهم لمنتخبهم واللعب باسماء دول أخري، رافضًا توجيه اتهامات للاتحاد بالإهمال، مؤكدا أن مصر لا تبيع أبنائها أبدا، واصفا إياهما مثل هؤلاء اللاعبين بالهاربين.
محمود عزازى هو الأخر أحد الطيور المهاجرة من شباب الأبطال الرياضيين، والذي حصد مجموعة بطولات عديدة في الجودو، وحاز على أربع ميداليات عربياً وواحدة أفريقياً، ولكنها لم تدم طويلا، بعد قراره في فبراير الماضي بالهجرة لأمريكا بعد مواجهة كثير من الظروف الصعبة والمعاناة خلال فترة تمثيله بالمنتخب بحسب قوله، مؤكدًا أنه ترك مصر رافعاً علمها في الكثير من البطولات قبل أن يمثل المنتخب الأمريكى، معبراً عن حزنه العميق من تهميشه من قبل الاتحاد المصري على حساب أفراد ولاعبين آخرين.
عزاري أضاف أن المنتخب لم يكن يؤهله ولا يدعمه ماديًا رغم تتويجه بعدة بطولات، مؤكدًا أن الأمر وصل إلى عدم حصوله على لبس يدل على أنه في المنتخب، مستعيرًا زي زملائه للمشاركة فى المباريات، قائلًا: «هجيب 5 الالاف جنيه سعر البدلة منين».
ومن بين هؤلاء اللاعبين الهاربين إلى الخارج بائع الشاورما طارق عبد السلام الذي تحول من مصارع مصري رفض اتحاد المصارعة أن يتحمل نفقات علاجه ليهرب إلى بلغاريا ويصبح بطل أوروبي يحصد أحد أبرز الميداليات الذهبية في القارة العجوز، فبعد حصوله على الجنسية البلغارية عن طريق زوجته انضم للمنتخب البلغاري ليرفع علمه في بطولة أوروبا 2017 بدلا من العلم المصري، وأرجع عبد السلام سبب هروبه لأوروبا بحسب حديثه لتعنت مسئولى الاتحاد اتجاهه رغم تصريحاته بأنه كان يتمنى أن يرفع علم مصر.
كما انتقل المصارع المصري الأوليمبي محمد عبد الفتاح "بوجى" هو الآخر للعب باسم دولة البحرين في عام 2015، ضمن منافسات بطولة آسيا للمصارعة للكبار الرومانية التي أقيمت في قطر.
وبعد مشاركة بوجي صاحب الجنسية المصرية باسم البحرين، في عدة بطولات، انتقل إلى الجهاز الفنى للمنتخب الأمريكى، وعمل مدربا فى منتخب أمريكا، ولكن عملية تجنيس "بوجي"، تمت بطرق قانونية حيث حصل اللاعب على موافقة مكتوبة بالتجنيس موقعة من رئيس الاتحاد الراحل حسن الحداد، وبناءً عليها أصبح لاعبا في المنتخب البحريني.
كما عاني لاعب سباحة الزعانف سيد الباروكي الأمرين، فرغم أنه أفضل اللاعبين في تلك اللعبة، حيث دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية في عام 2007، هاربًا إلى لإيطاليا ليحصد لقب كأس العالم للأندية بعد أن حقق عددا من الميداليات الذهبية، أكد في حديثه أكثر من مرة أنه وجد تجاهلا تاما من المسئولين القائمين على اتحادات السباحة فقرر الهجرة ليلمع ويتألق في مجال السباحة ويحطم الأرقام القياسية ليستحق الدخول في موسوعة جينيس العالمية عن جدارة واستحقاق.
هناك أيضا لاعب المصارعة المصري إياد إبراهيم الذي شارك باسم منتخب أمريكا في الكثير من البطولات، حيث كشف فى تصريحات له أنه اختار اللعب لأحد أندية الولايات المتحدة بعد إهمال من قبل الاتحاد المصري، وأكد أنه بعد مشاركته في نادي بنيويورك، بدأ في إجراءات التجنيس للعب باسم منتخب أمريكا، خاضعًا للتدريبات بأحد الأندية هناك، مع رفض العودة إلى مصر إلا فى حالة تغيير مجلس إدارة الاتحاد في ذلك الوقت،ولكن خرج الاتحاد ليقرر إيقاف إياد إبراهيم ومعه أثنين آخرين مع تحويلهم للتحقيق، حيث خالفوا التعليمات ولم ينضموا إلى معسكر المنتخب فى إطار الاستعداد للبطولة الأفريقية.