مش كله تسالى.. لماذا صنفت «الصحة العالمية» إدمان ألعاب الفيديو اضطرابا عقليا؟
السبت، 21 يوليو 2018 03:00 م
أصبحت ألعاب الفيديو متنفسا للأطفال داخل المنازل، خاصة أن الآباء قد يعتمدون عليها فى مرحلة معينة لتعليم أطفالهم باستخدام ألعاب الفيديو، خاصة مع بدء التحاق الأطفال بالحضانات، كما أن الآباء قد يعتمدونها أيضا كبديل للتنزه واللهو بالشارع، وأحد طرق منع الأطفال من عمل صداقات فى تلك المرحلة، خاصة حال الخوف عليهم من تلك العلاقات التى قد تفسد أخلاقهم فى سن مبكرة.
وفى دراسة حديثة، نشرتها صحيفة "ديلى ميل" البريطانية، حيث أكدت أن مجموعة من الباحثين من جامعة مونتريال، حللوا بيانات نحو 100 شخص يلعبون مجموعة من ألعاب الفيديو الشعبية العنيفة، مثل "Call Of Duty, Killzone and Borderlands 2" لمدة 90 ساعة، فأعطوهم ألعابا غير عنيفة من سلسلة "سوبر ماريو".
وتقول الدراسة، إن الباحثين وجدوا أن الأشخاص الذين لعبوا ألعابا عنيفة لديهم عدد أقل من الخلايا العصبية فى منطقة "الحصين"، والتى تعتبر مركز الذاكرة الرئيسية فى الدماغ، أما أولئك الذين لعبوا ألعابا غير عنيفة كانت لديهم المادة الرمادية المسئولة عن الذاكرة بتركيز أكبر فى المخ.
ويتحدى الاكتشاف الحديث، النتائج السابقة التى تفيد بأن كل ألعاب الفيديو لديها قدرة على تعزيز بعض جوانب المعالجة الذهنية وتعزيز الذاكرة على المدى القصير، حيث يقول العالم الدكتور جريج ويست، من جامعة مونتريال الكندرية، إن ألعاب الفيديو الخفيفة تفيد بعض النظم المعرفية فى الدماغ المتعلقة بالاهتمام البصرى والذاكرة على المدى القصير، أما الألعاب العنيفة تضر أكثر مما تنفع.
ولكن المثير للجدل، أن الدكتور مايك بروكس، فى حلقة جديدة من برنامج "Tech Happy Life"، أكد أن ألعاب الفيديو تتحكم فى عقول الأطفال بشكل كبير، ما ينتج عنه ما يسمى بـ"اضطراب الألعاب"، الذى يؤثر على الصحة العقلية للأطفال، ويثير الاكتئاب والقلق والأرق والحزن، كما يسبب مشاكل فى التركيز، بل يزداد الأمر خطورة عندما تتفوق ممارسة ألعاب الفيديو على الأنشطة الحياتية المهمة، مثل «النوم والنشاط البدنى والتفاعلات الاجتماعية» والذى يعرف بـ"إدمان الألعاب".
وفى الطبعة الـ11 من دليل التصنيف الدولى للأمراض، صنفت منظمة الصحة العالمية، إدمان ألعاب الفيديو كـ"اضطراب فى الصحة العقلية"، حيث أعلنت وكالة الصحة التابعة للأمم المتحدة أنها ستضيف ألعاب الفيديو المتطرفة، وقالت المنظمة، إن إطلاقها المبكر لهذا التصنيف سيتيح للبلدان التخطيط لكيفية استخدام النسخة الجديدة من الدليل وإعداد ترجمات وتدريب المهنيين الصحيين فى جميع أنحاء العالم.
ويعرف «اضطراب الألعاب» بأنه يتميز بنمط سلوك اللعب المستمر أو المتكرر، وقد ينتج هذا الاضطراب بسبب ضعف التحكم فى تواتر وشدة ومدة اللعب، إلى جانب زيادة الأولوية الممنوحة للألعاب إلى درجة الأسبقية على الأنشطة والالتزامات اليومية الأخرى، واستمرار الألعاب أو تصعيدها على الرغم من العواقب السلبية على الألعاب الأخرى.
وحول خطورة ذلك على عقول الأطفال، أوضحت منظمة الصحة العالمية، أن هذه الحالة شديدة بما يكفى لتؤدى إلى ضعف كبير فى المجالات الشخصية والأسرية والاجتماعية والتعليمية، حيث غالبا ما تكون جوانب الاضطراب واحدة لمدة 12 شهرا على الأقل وهو ما يستلزم سرعة التشخيص، ومن ثم البدء فى مراحل العلاج الأولية، والتى تتطلب أساليب العلاج السلوكى المعرفى، وتشمل التدخلات النفسية والاجتماعية والدعم الأسرى.
ويتم تشخيص كل من لديه «اضطراب الألعاب» فى حال معاناته من ضعف السيطرة على التوقف من ممارسة الألعاب الإلكترونية وألعاب الفيديو لساعات طويلة وبكثافات عالية، والاستمرار فى اللعب مهما كانت العواقب الصحية وخيمة، حيث أكد المسئولون فى المنظمة، على أنه من أجل تشخيص هذا الاضطراب يجب أن يكون السلوك الإدمانى للألعاب واضحا على مدى فترة لا تقل عن 12 شهرا.
وفى هذا السياق، يقول فلاديميير بوزنياك، عضو إدارة الصحة العقلية وتعاطى المواد المخدرة التابع لمنظمة الصحة العالمية: «يحتاج الأخصائيون الصحيون إلى الاعتراف بإن اضطراب الألعاب قد يكون له عواقب وخيمة»، موضحا أن معظم من يلعبون ألعاب الفيديو ليس لديهم اضطرابا تماما مثل معظم مدمنى الكحوليات، ولكن فى بعض الحالات الإفراط فى ممارسة الألعاب الإلكترونية والفيديو يمكن أن يؤدى إلى آثار سلبية.
وحول أسباب هذه المشكلة، يقول أساتذة الطب النفسى فى مصر، إن الخطأ من البداية عند الأباء الذين يعتقدان أن جلوس أطفالهم أمام ألعاب الفيديو سيبعدهم عن المشاكل والشقاوة والزن طوال اليوم، ولكن للأسف قد يدمن الطفل هذه الألعاب، ويسبب له مشاكل عديدة، منها العزلة الاجتماعية والإنطوائية وفقدان الشهية، ما قد يسبب أيضا فقدان فى الوزن بسبب الجلوس المستمر أمام الألعاب ونسيان الطعام.
وينصح أساتذة الطب النفسى الأباء بضرورة إنقاذ أطفالهم من خطر «إدمان ألعاب الفيديو»، ويكون باتباع عدة طرق منها تقليل عدد ساعات اللعب بشكل تدريجى، واستغلال أجهزة الفيديو فى تعليم الطفل برامج تعليمية يستفيد منها، إلى جانب محاولة تشجيع الطفل على تنمية مواهبه الأخرى مثل الرياضة والرسم، وإفراغ طاقته فى أشياء أخرى مفيدة.
ولا ينسى أحدنا ما حدث مؤخرا من إحدى الألعاب الإلكترونية التى تشبه فى طريقتها ألعاب الفيديو، والتى تسمى لعبة «الحوت الأزرق»، والتى أسفرت مؤخرا عن انتحار عدد من الأطفال والمراهقين، بعد الوصول لمراحل متقدمة وصلت إلى إدمان اللعبة، الأمر الذى لفت انتباه الجميه، وأثار الرأى العام المصرى، وأسفر عن عدد كبير من البلاغات المقدمة للنيابة العامة، ما اضطر المستشار نبيل أحمد صادق، النائب العام، إلى تكليف النيابات المختصة على مستوى الجمهورية، بمباشرة التحقيق فى تلك البلاغات، للوقوف على أسباب وملابسات وقائع الانتحار.
وفى ضوء تكليفات النائب العام، ولخطورة تلك الظاهرة على الفرد والمجتمع، أكد حسام عبد المولى، ممثل الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، خلال اجتماع لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن كافة المصادر التى تم رصدها للدخول إلى لعبة "الحوت الأزرق" أصبحت ممنوعة فى مصر، مشيرا إلى أن مواجهة الألعاب المحرضة على الموت مثل لعبة «الحوت الأزرق»، والتى تعرف إعلامياً بـ"الألعاب الخطرة"، تستلزم رؤية مجتمعية شاملة، وليست قاصرة على الجهاز أو وزارة الاتصالات فقط، حيث يجب العمل على توعية الشباب من مخاطر هذه الألعاب، وعدم قبول هذه الرسائل من مروجى الألعاب.
اقرأ أيضا:
تستهدف عقول الشباب وقلب الوطن.. كيف تستخدم «الشائعات» فى حروب الجيل الرابع؟
غرام الأفاعى.. لماذا ارتفعت معدلات جرائم القتل بين الأزواج؟ (قصص واقعية)
20 مليون مصري لا يعرفون القراءة والكتابة.. لماذا تنتشر الأمية في الدول العربية؟
190 ألف حالة خلال 2017.. لماذا تحتل مصر المركز الثالث عالميا في معدلات الطلاق؟