"مياه الصرف سائل أثري" و"التابوت اتسرق".. هبد السوشيال ميديا على تابوت الإسكندرية
السبت، 21 يوليو 2018 08:00 ص
"مياه الصرف الصحى" تحولت إلى "سائل أثرى" و"التابوت اتسرق" أشهر ابداعات مواقع التواصل
لماذا تتحول "السوشيال ميديا" إلى تلك الأداة غريبة للانتقادات غير المنطقية، وغير المفهومة وغير المبررة بل والمستفزة؟، لا تملك سوى أن يقفز هذا السؤال إلى ذهنك وأنت تتابع بعض التعليقات على عملية فتح التابوت الأثرى الذى عثر عليه فى الإسكندرية، فلحظة بلحظة امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بخبراء فى "الآثار" ينتقدون ويعلقون على كل شيء بل ويخترعون نظريات غريبة للمؤامرات، بشكل بات مزعجا وغريبا.
"إزاى ترموا مياه المجارى".. مش دي ممكن تكون آثار؟
المنزل القديم الذى عثر على التابوت أسفله كان يعتمد على نظام الصرف عن طريق "البيارات"، لم يكن هناك صرف صحى متواجد ما أسفر فى النهاية عن تسرب "مياه الصرف الصحى" إلى التابوت من خلال كسر كان موجودا فى غطاء التابوت العلوى.
حين فتح خبراء الآثار التابوت فاجأتهم الرائحة الكريهة، وحين تم إجراء فتحة بارتفاع 5 سم للتعرف على الموجود داخل التابوت فوجئ الخبراء بوجود مياه الصرف الصحى، وبالقطع أدركوا ما هو أمامهم، واستعانوا بمضخات القوات المسلحة لإخراج مياه الصرف الصحى خارج التابوت.
لكن فجأة تحول هذا التصرف "المنطقى للغاية" إلى كارثة فى مواقع التواصل الاجتماعى، بل اعتبارها إهدارا لكنز أثرى، دون النظر مثلا إلى أن هناك خبراء قضوا عمرهم وحياتهم لدراسة هذه الأمور، وبالقطع يدركون جيدا ما يفعلوه، راجع مثلا هذه التعليقات ! .
تعليق ينتقد التخلص من مياه التابوت
تعليق ينتقد القاء المياه
"التابوت الأسود" اتسرق.. وجابوا لنا "تابوت رمادى"
نعم، ما قرأته حقيقى ونشر على مواقع التواصل الاجتماعى، البعض وياللأسف يشكك فى أن التابوت الأثرى جرى استبداله، نعم هناك شخص ما قرر أن يأخذ تابوت وزنه 35 طن لأن لونه أسود، ويعطينا أيضا وبالمصادفة تابوت نفس الشكل ونفس الوزن!.
ببساطة تجاهل هؤلاء أن هناك حفرة عمقها 6 أمتار وقطرها حوالى 10 أمتار، جرى توسعتها لتتسع لعملية فتح التابوت، تخيل قطعة رخام سوداء تنهال عليها هذه الكمية من الأتربة كيف سيكون لونها فى النهاية؟، بالقطع رمادى!، لكن لخبراء السوشيال ميديا رأى آخر!.
انظر مثلا إلى هذه الصفحة التى تدعى "معجزات مصر"، والتى تدعى أنه تم تغيير التابوت!، الغريب أن هناك 5 آلاف و 700 شخص شاركوا هذا المنشور.
ادعاء بتحويل التابوت
"ما دخلتوش الصحافة ليه؟" ما تدخلوهم معانا حضرتك
هل تعرف الموضع الذى عثر فيه على التابوت الأثرى، حسنا إنها قطعة أرض صغيرة للغاية، فى شارع ضيق للغاية، الحفرة التى تم حفرها للوصول إلى حجم التابوت كاملا استهلكت أصلا أغلب قطعة الأرض، يمكن أن تنظر مثلا إلى هذه الصورة التى نشرها أحد جيران الموقع لتدرك كم أن المكان صغير للغاية وغير مناسب.
هل تتخيل إذا دخل هذا الكم من الصحفيين والمصورين وغيرهم إلى داخل الموضع حيث يتم فتح التابوت كيف يمكن أن يتحول الأمر إلى بيئة عمل غير مناسبة وغير واضحة وغير ممكنة؟، لكن رغم ذلك فخبراء "السوشيال ميديا" لا يعجبهم هذا القرار أيضا.
ما حدث أن الصحافة كانت حاضرة، ولكن ليس فوق موضع الفتح "الضيق جدا"، وكان هناك مصور متخصص لتغطية الحدث، وكان هناك بيانات تصدر من وزارة الآثار لحظة بلحظة للإعلام.
ادعاءات بمنع الصحافة
"الشادر مش عاجبهم".. طب عايزين ايه؟
انتقد البعض على "السوشيال ميديا" أيضا "المظلة" التى أقيمت فوق رؤوس العمال أثناء العمل، فى يوم شديد الحرارة، واصفين إياه بـ "الشادر"!..
انتقادات الشادر
والحقيقة أن خبراء السوشيال ميديا لم يفتونا ما هو الإجراء المناسب لحماية رؤوس العمال من لهيب الشمس الحارقة فى ساعة الظهيرة؟، هل مثلا من المفترض أن يتم عمل صالة مغطاة ومكيفة بالهواء فى هذا الموضع؟، ما المشكلة فى هذا الغطاء ؟ لا أحد يجيبك لكنه لا يعجب و"خلاص".. على طريقة "هنتقد يعنى هنتقد".
إذا كان المتكلم مجنون فالمستمع يجب أن يكون عاقلا
من حق الجميع أن يكتب وأن يقول، وأن يفكر، لكن إذا خرج هذا التفكير عن طبيعته وتحول إلى أمر شاذ، فعلى من يرى مثل هذه الخرافات الا يساهم فى نشرها، وألا يساهم فى نشر "الجهل" و"الخفة"، وألا ينقاد لأى حديث غير طبيعى يتم ترديده، أن يفكر قليلا فى الأمور، أن يتفهم أن عملية فتح تابوت مثل هذا لن تتم بأشخاص جاؤوا من الشارع، بل من خبراء آثريين كبار، وبواسطة خبرة هندسية مصرية يشهد لها الجميع ويعرفها، وكما قال أجدادنا قديما فى أمثالهم: "إذا كان المتكلم مجنون.. فالمستمع يجب أن يكون عاقلا".