تركيا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة.. حرب «القوميات» تفضح تناقض تل أبيب وأنقرة
الجمعة، 20 يوليو 2018 08:00 ص
في مفارقة غريبة، أدانت تركيا قانون «الدولة القومية اليهودية» الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، اليوم الخميس، عبر المتحدث باسم رئاستها، داعيا المجتمع الدولي أن يبدي موقفًا حيال هذا الظلم الواقع أمام أنظار العالم.
القانون الذي أقره الكنيست، لقى تنديدا واسعا من قبل المجتمع الدولي، وأدانت الأمانة العامة للجامعة العربية، المصادقة على القانون، مؤكدة أن إقرار هذا القانون وكل القوانين التى تحاول سلطات الاحتلال فرضها وتكريسها بالقوة قوانين باطلة ومرفوضة ولن تُرتِب للاحتلال أى شرعية، كذلك الاتحاد الأوروبي اعتبر ذلك معطلا لعملية السلام.
قانون القومية «رمزي» ينص على أن إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير فيها يخص الشعب اليهودي فقط، وبذلك ينزع القانون عن اللغة العربية صفة اللغة الرسمية إلى جانب العبرية ويجعلها لغة لها مكانة خاصة، مما يعني أن من الممكن مواصلة استخدامها في المؤسسات الإسرائيلية.
التعاطي التركي مع القانون الإسرائيلي مجرد إثبات وجود على الساحة الدولية بين الدول الرافضة للقانون، في حين أن إداراتها الحاكمة تدعم هي الأخرى أن تصبح القومية التركية هي الأيديلوجية السائدة للدولة.
قومية إسرائيل لا تختلف عن قومية تركيا، فكلاهما يعتمد لغة رسمية ويتحدث عن تاريخ ويعززه بالسينما والتعليم وغيره
القومية التركية
ترى أنقرة أن القومية التركية هي الأيديولوجية السياسية التي تعزز وتمجد الشعب التركي، إما كجماعة قومية أو لغوية، ترتبط ارتباطا وثيقا مع مفهوم الوحدة التركية، وتهدف دعم وحدة الشعوب التركية حول العالم.
مذ تولى حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا، شهدت الساحة السياسية تحولات جميعها يخدم القومية التركية، فلم يعد الحزب يعبر عن تيار سياسي «محافظ» بل بات يدعم التيار القومي، ليخلق حالة من المزيج بين التيارين.
ففي الوقت الذي نصب أردوغان من نفسه «خليفة» ومحافظا على ورث الأجداد «الخلافة العثمانية»، يؤكد على تمسكه بالقومية التي رسخ لها مصطفى كمال أتارتوك.
البداية من وقت تولي «أردوغان» رئاسة وزراء تركيا في الفترة من مارس 2003 حتى أغسطس 2014، لجأ إلى صياغة بعض القوانين تعطي انطباعا بالعداء لحرية التعبير، مثل المادة 301 من قانون العقوبات، والذي تم وضعه حيز التنفيذ في مايو 2007، يسمح للسلطات بحجب المواقع الإلكترونية التي تعتبر مهينة بحق مصطفى كمال أتاتورك.
ترسيخ القومية التركية
تحركات أردوغان القانونية للحفاظ على إرث أتاتورك، ظل بالتزامن مع التأكيد على مكاسب الامبراطورية العثمانية سياسيًا، عبر ترسيخ القوى الناعمة بما يخدم «القومية» كصناعة مسلسلات وأعمال سينمائية كـ«قيامة أرطغرل»، بما يعزز من الانتماء التاريخي للأتراك.
وفي 2011، وعقب حصول «العدالة والتنمية» على أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية في عام 2011، قال أردوغان: «بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو، وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت، وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق، وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس وغزة، وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وأوروبا».
أردوغان اعتمد خطابا قوميا يميل إلى الشعبوية يستند إلى دغدغة المشاعر ويلعب على وتر القومية والتمايز الحضاري
وعمد الديكتاتور التركي إلى عودة التعليم الديني الإلزامي في المدارس الأساسية التركية، في محاولة منه لإعادة الإرث العثماني، حيث قررت وزارة التعليم في تركيا فرض تدريس مناهج التعليم الديني الإلزامي في المدارس الأساسية بناء على قرار من الحكومة التركية، كذلك اعتماد تقدم نواب الحزب في يناير 2015، بمشروع يطالبون فيه باعتماد شعار الدولة العثمانية «الطغراء» كشعار رسمي للدولة التركية، والذي ألغي عام 1922 بعد سقوط الخلافة العثمانية، وقد وافقت لجنة الشئون الدستورية بمجلس الأمة التركي الكبير على هذا المقترح على الرغم من اعتراض نواب المعارضة.
القانون الإسرائيلي
القانون اللإسرائيلي يمنح اليهود فقط حق تقرير المصير في البلاد وهو ما وصفه أبناء الأقلية العربية بأنه عنصري ويؤسس للفصل العنصري، الأمر أثار جدلا، سياسيا.
الكنيست أقر القانون بموافقة 62 نائبا ومعارضة 55 وامتناع نائبين عن التصويت.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال للكنيست بعد التصويت إن هذه لحظة فارقة في تاريخ الصهيونية وتاريخ دولة إسرائيل، فهو تطبيق لرؤية تيودور هرتزل بعد 122 عاما الذي ينظر إليه على أنه الأب الروحي لفكرة الصهيونية.
وأضاف «عندما أتحدث في العالم أردد أن هذه دولتنا، دولة اليهود، في السنوات الأخيرة هناك من يحاول أن يشكك في ذلك، وزعزعة أركان وجودنا، لذلك قمنا بسن هذا القانون الذي يضم النشيد الوطني الخاص بنا، ولغتنا وعلمنا عاشت دولة إسرائيل».
رؤية تيودور هرتزل
ثيودور هو من شكل المنظمة الصهيونية وشجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين في محاولة لتشكيل دولة يهودية، على الرغم من أنه توفي قبل إنشائها، إلا أنه معروف بأب دولة إسرائيل.
تتلخص نظريته في كتابه: «المسألة اليهودية تظل قائمة أينما يعيش اليهود بأعداد كبيرة. في الأماكن التي لا توجد فيها، وحيث لا توجد، فإنها تحضر مع المهاجرين اليهود. نحن بالطبع منجذبين إلى الأماكن التي لا نتعرض فيها للاضطهاد، ويؤدي ظهورنا هناك إلى الاضطهاد». وأنهى كتابه: «لهذا السبب أعتقد أن جيلًا رائعًا من اليهود سوف يولد. سوف يستيقظ المكابيين مرة أخرى، دعوني أكرر مرة أخرى كلماتي الأولى: اليهود الذين يريدون دولة سيحصلون عليها، سوف نعيش أخيرا كرجال أحرار في أرضنا، وسنموت بسلام في بيوتنا، وسيتحرر العالم بحريتنا ويثرى بثروتنا ويكبر بعظمتنا، وكل ما نحاول تحقيقه من أجل رفاهنا سوف يستجيب بقوة وبشكل مفيد لفائدة الإنسانية».