دولة الرجل الواحد
الأربعاء، 18 يوليو 2018 02:21 م
لازلت أتذكر الوفود الأجنبية التى كانت لا تفارق اللجان الانتخابية فى الدورة الرئاسية السابقة ، والتغريدات الكثيرة التى اكتظت بها مواقع التواصل الاجتماعى وكأن العالم كله كان يراقب الانتخابات المصرية عن كثب.
ولكن لم يكن المشهد ذاته فيما حدث فى تركيا من تغييرات دستورية جذرية ،أوقن أن منذ محاولة الاطاحة بأردوغان الفاشلة اكتسب حصانة نفسية أمام شعبه بكل أسف وحزنٍ فازاداد الوضع قمعًا فى تركيا ولذا أعلم أن ما تم من تغيرات دستورية – بالتأكيد- لم تكن برضاء كامل من الشعب التركى ولكنه اضطر القبول بها بعد تجربة باءت بالفشل بالتخلص من ذلك الرجل بارادة شعبية أو على الأقل أغلبية شعبية لا تنتمى لتياره أو حزبه .
ولكن ما أصعب على النفس البشرية أن تكرر تجربة لم تسدد هدفها فى مرمى حياة شعبها وتلقى المصير الذى كان ينتظر كل من حاول الاطاحة به.
أما عن المجتمع الدولى هنا فحدث ولا حرج ! ما بالنا لو كانت تركيا بلد شرق أوسطى ؟ لوقف المجتمع الدولى كله يدين ويشجب ذلك المتجبر والنظام القمعى ويشجع الشعب على استعادة كلمته وانتشال مصيره من براثن ذلك النظام !
وقف المجتمع الدولى وعلى رأسهم الولايات المتحدة بداية من منتصف عام 2010 منذ ثورة تونس وهى تشعل فتيل "الربيع العربى " فى الوطن العربى كله بحجة مساندة الشعب ضد أنظمة فاسدة وقمعية انتهاءً بسوريا والتى أصبحت ساحة للتدخلات الأجنبية العديدة التى كلها تدعى أنها تقف لصالح الشعب السورى .
أما عن شعب تركيا الذى من الممكن جدًا أنه قد لا يكون يعانى اليوم فى حياته اليومية وينعم بقسط من الرخاء ونوعًا ما من الحياة الكريمة ولكن من المستحيل أن تكون" دولة الرجل الواحد" هى دولة سوية يستطيعون وجود الرخاء والسلام بها غدًا.
لقد منحت التعديلات الدستورية المؤخرة فى تركيا أردوغان صلاحيات مطلقة تعزز من قوته وهيمنته على كل المواقف الداخلية فى تركيا والخارجية حيث تم الغاء منصب رئيس الوزراء فبقت السلطة التنفيذية بأكملها تحت مظلة مؤسسة الرئاسة واقالة الكثير من القيادات – بالطبع- الذين قد يشكلوا عائقًا أمام قرارت رئاسية متغطرسة وقد تمنح تلك التعديلات بقاء اردوغان فى الحكم الى 2029 م أى عقد بأكمله.
الخطورة تكمن فى تلك القرارت الدولية والمواقف التى سيتخذها ذلك الرجل دون الرجوع لمستشارين حقيقين لديه أو برلمان حقيقى ، فمثلا اذا قرر خوض حرب ٍ ما أو التعدى على دولة ما ، لن يجد من يستوقفه أو يسأله عن نفقات أو عن صحة القرار داخل دولته ، تكمن فى استكمال مساندة الجماعة الارهابية ، فى استكمال مطامعه الاستعمارية والجور على دول الجوار.
فهل للمجتمع الدولى أن يتكلم الان؟