اختناق الحوثيين رغم «أكسجين» أردوغان.. الميليشيات بين حصار خانق ودعم مقطوع الطريق
الأحد، 15 يوليو 2018 05:00 محازم حسين - وكالات
لا يمكن أن يعيش الحوثيون دون حبل سُرّي يربطهم بالخارج، فالميليشيات بدائية الطابع لا تتوفر لديها قدرات عسكرية ذاتية، لا تُصنّع أسلحتها، ولا تملك مؤنتها وخطوط إمدادها، وأي حصار لهذه المسارات سيقود حتما لاختناقها.
على مدى سنوات عدّة، منذ تصاعد موجات الصراع في الداخل اليمني، سواء بتحالف الرئيس السابق على عبد الله صالح مع الميليشيات الحوثية في مواجهة الجيش اليمني والرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، أو بانقلاب «صالح» على الحوثيين ودخول قطر على خط دعم الجماعة الشيعية التابعة لإيران، كانت موجة الصراع تتحدد وفق حجم الدعم، وحضور الداعمين على خريطة الواقع الجيوسياسي اليمني، وأي تغير في هذه التركيبة يغير بالضرورة طبيعة المعادلة ومفاتيح الصراع.
نجاحات واسعة للجيش اليمني
رغم المدّ المتصاعد فيما يخص دعم الحوثيين، ونشاط جهات عدّة في الداخل اليمني لتعزيز موقف الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، يواصل الجيش اليمني تحقيق نجاحات استراتيجية وعسكرية مهمة على عدد من المحاور الحيوية، بشكل يُقوّض من قدرات الميليشيات، ويزيد من حالة الحصار وإحكام الخناق حول عنقها.
في الأسابيع الماضية تقدم الجيش اليمني، بإسناد من قوات التحالف العربي، على محاور عدّة باتجاه صنعاء وصعدة، وقالت مصادر ميدانية في تصريحات لموقع الجيش اليمني "سبتمبر نت" إن عناصر الميليشيات زرعوا كميات كبيرة من الألغام ذات القدرات والأحجام المتفاوتة على كل المحاور، واستهدفت بشكل أكبر الطرق والمحاور التي يتقدم عليها الجيش، سعيا لتعطيل تحركه وتأخر تقدم قواته، وخلال الساعات الأخيرة نجح في نزع كميات كبيرة من الألغام الأرضية على المحور الجنوبي، بعدما زرعتها الميليشيات الحوثية على مداخل مديرية دمنة خدير.
على صعيد آخر، واصلت ميليشيات الحوثيين انتهاكاتها بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، سواء عبر القصف العشوائي للمناطق السكنية، أو عزل مديرية مقبنة، أو استهداف التجمعات المدنية والاستهداف والقنص المباشر للنساء والأطفال، إضافة إلى زرع الألغام الأرضية المضادة للآليات والمدنيين في محيط القرى السكنية والمناطق الزراعية.
استهداف مباشر للمدنيين
بجانب هذه التجاوزات واصلت عناصر الميلشيات إطلاق النار بكثافة على مناطق المدنيين في المجرجحة بقرية الحنيني وعزلة القحيفة، ما أسفر عن عدد من الإصابات من النساء والأطفال، وإلحاق أضرار كبيرة بالمنازل وخزانات المياه.
تصعيد الاستهداف من جانب الحوثيين دفع الجيش اليمني لتكثيف تحركاته على عدد من المحاور، ما كان سببا في إحكام السيطرة سريعا على جبل الشبكة بمحافظة حجة، كما قطعت القوات اليمنية خطوط إمداد الحوثيين بين مدينة حرض ومحافظة صعدة، حسبما نقلت قناة "العربية" الإخبارية في تقرير لها.
كذلك نجحت قوات الجيش اليمني، بدعم من طيران التحالف العربي الداعم للشرعية، في إحباط محاولة تسلل عدد من عناصر الحوثيين على جبهة "الملاحيظ" في مديرية الظاهر جنوب غربي صعدة، وهي الآن المعقل الرئيسي للمتمردين الحوثيين بعد تآكل وجودهم في الحُديدة وعدد من محاور العاصمة صنعاء.
هزائم عسكرية وحروب شائعات
أمام الهزائم المتلاحقة والخسائر الكبيرة التي تطال صفوف الحوثيين، لا تتوقف الميليشيات عن إثارة الشائعات بشأن أوضاعها في كثير من المناطق، سعيا إلى الإيهام بسيطرتها على الأوضاع في عدد من المناطق الحيوية، وضمن هذه الشائعات ما تردد مؤخرا عن سحب عملات من المحافظات المختلفة، وهو ما نفاه مصدر مسؤول بالبنك المركزي اليمني، من مقر البنك الرئيسي في العاصمة المؤقتة عدن.
مسؤول البنك المركزي أكد في بيان صادر عن المؤسسة، نقلته وكالة أنباء "سبأ" اليمنية الرسمية، أن كل العملات الصادرة عنه سليمة وفق الصيغة القانونية الكاملة والصحيحة، لافتا إلى أن موظفي البنك ومسؤوليه في كل الفروع بأنحاء اليمن يواصلون العمل رغم الظروف الضاغطة، وأن الأمور تسير بشكل مستقر، وليس كما تشيع الميليشيات وحلفاؤها.
تحييد الأثر التركي
في الأسابيع القليلة الماضية تغيرت خريطة التحالفات في الداخل اليمني نسبيا، فبعدما مرت سنوات من الصراع تمتعت فيها الميليشيات الحوثية بدعم مباشر من إيران وتركيا، مستغلتين المنافذ المفتوحة في الٌُحديدة شرقي اليمن، عبر مطار وميناء المدينة، دخلت تركيا على الخط مؤخرا.
لم يُبد النظام التركي موقفا رسميا من الصراع الدائرة، لكن تظاهرات عديدة اندلعت في اسطنبول، شارك فيها مئات من عناصر حزب العدالة والتنمية الحاكم وبعض الإيرانيين المقيمين، أكدت أن نظام أردوغان دخل على خط الصراع في اليمن.
ربما يعود الاهتمام التركي بخريطة الصراع اليمني إلى الخسار التي مُنيت بها الدولة التركية في الملفين التركي والسوري، خاصة مع تراجع حضور الميليشيات الإسلامية المسلحة وتأثيرها، وافتقاد أنقرة لأوراق مهمة كانت تعتبرها مفتاحا للتفاوض والمساومة مع الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا.
التطورات الأخيرة قادت إلى تعظيم الوجود الإيراني والقطري في الصراع، بدعم مباشر من تركيا، وهو ما تجلّى في الشكوى التي تقدمت بها اليمن للجهات الدولية بشأن تدخلات مباشرة لحزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، لدعم الميليشيات الحوثية.
هل يختنق الحوثيون؟
المؤكد أن الدعم التركي والإيراني لهما أثر مباشر في خريطة الصراع، بشكل قد يُعزز من قوة الميليشيات الحوثية ومدى قدرتها على الثبات في وجه الضربات المتلاحقة للجيش اليمني، لكن الأوضاع الجيوسياسية تؤكد أن التطورات لن تكون إيجابية بالنسبة للميلشيات وداعميها.
بعدما فقد الحوثيون حضورهم القوي في الحديدة، المطلة على البحر الأحمر، أصبح حضورهم الآن متركزا بدرجة كبيرة في صنعاء وصعدة في أقصى الشمال (المتاخم للحدود السعودية)، مع حصار خانق على المحورين، بشكل يُقلل من قدرة الميليشيات على المناورة، وعلى تلقي الدعم اللوجيستي والمالي من الداعمين.
يمكن الجزمك بأن دعم تركيا وإيران للحوثيين لن يتوقف، لكن عمليات الجيش اليمني والتحالف العربي الداعم للشرعية لن تتوقف أيضا، ومع إحكام السيطرة على المنافذ الحيوية شرقا وشمالا، يمكن القول إن الحوثيين في سبيلهم للاختناق، حتى لو كانت تركيا وإيران وقطر تقف على خطوط التماس بأسطوانات الأكسجين.