قلى يا صاحب السعادة..سر إعجاب محمد صلاح بـ«فن اللامبالاة»
السبت، 14 يوليو 2018 01:00 م
ما أن ظهر الفرعون المصرى محمد صلاح نجم المنتخب الوطنى ونادى ليفربول الانجليزى فى صورة وهو يطالع كتاب «فن المبالاة »، حتى أصبح عنوان الكتاب الأكثر بحثا على «جوجل»، ما دع مؤلف الكتاب الأمريكى « مارك مانسون»، لكتابة تغريدة على موقع «تويتر»، قائلا باللغة الإنجليزية «حب كثير لمو صلاح.. استمتع».
يذهب مؤلف الكتاب إلى أن السعادة تكمن فى التعامل مع الشدائد تعاملاً جيدا ، كما أن الصدق مع النفس يؤدى إلى التغلب على العقبات فالصدق يجعلك تعرف ميزاتك وعيوبك.و الخطأ هو جزء من عملية تطوير الذات، وعلينا مواجهة الحقائق الموجعة.
يقول مؤلف «فن اللامبالاة » فى أحد فصوله وجاء بعنوان«السعادة مشكلة»:« منذ نحو الفين وخمسمئة عام ،على سفوح جبال همالايا فى المنطقة المعروفة اليوم نيبال كان هنالك قصر كبير لملك موشك على أن ينجب طفلا كانت لدى الملك فكرة عظيمة من أجل هذا الابن سوف يجعل حياته كاملة لن يعرف هذا الطفل لحظة معاناة واحدة وسف تلبى حاجته ورغباته كلها فى كل وقت».
شيد هذا الملك أسوارا عالية من حول قصره لكى تحول بين الأمير الجديد وبين معرفة أى شىء عن العالم الواقع خارج القصر بالغ فى دلال الطفل وأغدق عليه بالهدايا واطايب الطعام وأحاطه بخدم يستجيبون لكل نزواته كبر الطفل جاهلا بكل ما يتعلق بأشكال القسوة المألوفة فى حياة البشر تماما مثلما خطط له أبوه الملك.
انقضت طفولة الأمير كلها على هذا النحو لكنه صار شابا حانقا منزعجا رغم كل ما حظى به من رفاهية وترف لا حدود لهما سرعان ما صار يشعر بأن كل تجربة يمر بها فارغة عديمة القيمة والمشكلة ان كل ما يقدمه والده صار فى نظره عديم المعنى تماما وغير كاف على الاطلاق
وفى ليلة من الليالى تسلل الأمير فخرج من القصر ليرى ما خلف أسواره جعل أحد الخدم يأخذه إلى قرية من القرى فهاله ما رأى فيها
رأى الأمير معاناة البشر لأول مرة فى حياته أشخاصا مرضى، ورأى اشخاصا عجائز، ورأى بشرا مشردين، وبشر يطردون من ديارهم بل رأى بشرا يموتون أيضا.
عاد الأمير إلى القصر ووجد نفسه واقعا فى مشكلة وجودية لم يكن يعرف كيف يتعامل مع ما شاهده ففاضت عواطفه تجاه كل شىء وصار كثير الشكوى والتذمر وكما هى الحال عادة لدى الشباب انتهى الأمير إلى لوم والده على كل ما حاول فعله من أجله صار الأمير مقتنعا أن الثراء هو ما جعله تعيسا وجعل حياته تبدو عديمة المعنى إلى هذا الحد فقرر الأمير أن يهرب من القصر.
لكن الأمير الشاب كان أكثر شبها بأبيه مما يظن كانت لديه افكار كبيرة أيضا ولم يكن يكتفى بالهروب نت القصر بل أراد أن يتنازل عن وضعه الملكى وعائلته وممتلكاته كلها وأن يعيش فى الشوارع وينام على الأرض الترابية مثلما تفعل الحيوانات، هناك سوف يجوع نفسه وسوف يعذب نفسه وسوف يتسول بقايا الطعام ويطلبها من الغرباء بقية حياته.
وفى الليلة التالية خرج الأمير خلسة من القصر ،خرج مرة أخرى وقرر ألا يعود أبدا عاش سنوات طويلة مشردا وصار مجرد بقية منسية منبوذة من المجتمع مثل فضلات الكلاب المتجمعة عند أسفل السلم الاجتماعى كانت معاناة الأمير كبيرة مثلما خطط تماما لقد عانى المرض والجوع والوحدة والضعف بل واجه الموت نفسه، وكثيرا ما كان طعام يومه مقتصرا على جوزه واحدة مرت بضع سنوات ثم بضع سنوات اخرى ولم يحدث شىء بدا الأمير يلاحظ ان حياة المعاناة هذه لا تختصر المغزى من الحياة كلها لم تزوده معاناته بالبصيرة التى رغب فيها ولم تكشف له عن ايه اسرارا من اسرارا العالم العميقة ولا عن غايته النهائية
حقيقة الأمر أن الامير صار الآن يعرف ما نعرفه كلنا إلى حد ما صار يعرف أن المعاناة أمر سىء جدا ثم انها ليست بالضرورة امرا ذا مغزى عندما يكون المرء ثريا لا يصير للمعاناة المادية أى معنى على الاطلاق غذا كانت معناة من غير غاية سرعان ما توصل الأمير إلى أن فكرته العظيمة مثل فكرة ابيه من قبله كانت فكرة شديدة السؤ فى حقيقة الأمر وأدرك أن عليه أن يذهب ويفعل شىء آخر بدلا مما فعله حتى ذلك الوقت.
كان الأمير مشوش الذهن تماما نظف نفسه ثم سار حتى وجد شجرة كبيرة عند ضفة النهر قرر أن يجلس تحت الشجرة وألا ينهض إلى أن تأتيه فكرة عظيمة أخرى
تقول تلك القصة الأسطورة بعد ذلك أن الأمير جلس تحت الشجرة تسعة وأربعين يوما لن ندخل الآن فى مناقشة امكانية جلوس المرء فى المكان نفسه تسعة وأربعين يوما لكننا سنكتفى بالقول أن الأمير توصل بعد ذلك إلى ادراك عدد من الأمور العميقة.
كان من بين هذه الأمور ما يلى : الحياة نفسها نوع من أنواع المعاناة يعانى الأثرياء بسبب ثرائهم ويعانى الفقراء بسبب فقرهم ويعانى من ليس لديهم أسرة بسبب عدم وجود اسرة ويعانى من ليدهم أسرة لأن لديهم أسرة يعانى من ينشدون المسرات الدنيوية لانهم ينشدون المسرات الدنيوية ويعانى من يستنكفون عن المسرات الدنيوية لأنهم مستنكفون عن تلك المسرات.
ليس معنى هذا أن انواع المعاناة متساوية كلها بالتاكيد هنالك معاناة أشد ألما من معاناة أخرى لكن رغم ذلك لابد لنا جميعنا من المعاناة.
مرت الشنوات وكون الأمير لنفسه فلسفة قدمها إلى العالم افلكرة المركزية فى هذه الفلسفة هى أن الالم والخسارة أمران لا مهرب منهما وأن علينا أن نقلع عن محاولة مقاومتهما سوف يعرف هذا الأمير فيما بعد باسم بوذا وإذا لم تكن سمعت عن بوذا قبل الآن فلك أن تعرف إنه شخص ذو اهمية كبيرة
هناك فرضية كامنة خلف كثير مما نظنه ونعتقده الفرضية الأولى هى ان السعادة نوع من عملية منطقية وأن من الممكن أن يعمل المرء من أجلها وأن يحققها ويكسبها مثلما يحقق لنفسه القبول فى كلية الحقوق أو مثلما يبنى منشأة معقدة حقا إذا توصلت إلى انجاز «س» فاننى أستطيع أن أكون سعيدا وإذا استطعت أن اكون مع شخص مثل «ج» فسوف أكون سعيدا
لكن هذه الفرضية هى مكمن المشكلة بالضبط ليست السعادة معادلة رياضية نحلها أن القلق وعدم الرضا جزءان اصيلان من الطبيعة البشرية وهما مكونان ضروران لخلق سعادة مستقرة وهذا ما سوف نراه فى وقت لاحق أقام بوذا البرهان على هذا الأمر من المنظور الدينى والفلسفى وسوف أقيم البرهان على الامر نفسه فى هذا الفصل لكنى ساقيمه من منظور بيولوجى مستعينا بدببة الباندا
لو كنت قادرا على اختراع بطلا خارقا لاخترعت بطلا أطلق عليه اسم باندا الخيبة وساجعل هذا البطل الخارق يضع قناعا غريبا على عينيه ويرتدى قميصا عليه حرف «خ» كبير بحيث يكون القميص ضيقا جدا على بطنه الكبير وستكون نقطة قوته الخرارقة كامنة فى قدرته على اخبار الناس بالحقائق البشعة المزعجة عن انفسهم تلك الحقائق التى يجب ان يسمعوها لكنهم لا يريدون قبولها.
سيمضى بطلى من بابا إلى باب مثلما يفعل الباعة المتجولون وسوف يدق تلك الابواب ويقول للناس اشياء من قبيل «نعم ان جنى الكثير من المال يجعلك مسرورا من نفسك لكنه لن يجعل اطفالك يحبونك او ان كنت تد حاجة إلى سؤال نفسك ان كنت تثق بزوجتك فمن المرجح انك لا تثق بها او ان ما تعتبره صداقة هو فى حقيقة الامر محاولاتك المستمرة للتاثير على الناس وبعد ذلك سيتمنى لاهل كل بيت يوما طيبا ويمضى إلى البيت الذى يليه.