قانون إبادة الشركة العالمية لإبادة الحشرات
الأربعاء، 11 يوليو 2018 06:24 م
قطع صوت رنين الهاتف هدوء غرفتي بينما كنت منهمكا في القراءة، رقم غير مسجل، صوت فتاة ديناميكي من النوع الذي يردد كلمة "حضرتك" ما يزيد عن مائة مرة في الدقيقة، بعد تعريف اسم الشركة على السريع دخلت في إفراد العرض الرائع الذي سيأتيك بكل حشرات المنزل مكتوفة الأيدي والأرجل لتفعل بها ما تشاء، وقفت الكلمات في حلقي لقرابة الدقيقتين كاملتين قبل أن أنتفض «عايز أعرف انتوا جبتوا رقمي منين»، صمت مطبق عم المكالمة قبل أن تشرع هي بكل ثقة في إكمال عرضها وكأن سؤالي كان عدمًا أو صدى صوت، بعدما فرغت تماما من الكلمات المحفوظة، اعتذرت لها بأن بيتي ليس به حشرات، وأغلقت الهاتف.
كان هذا منذ قرابة شهرين، لن أستطيع وصف كمية المطاردات في حياتي التي أعقبت تلك المكالمة من أرقام مجهولة تبدأ بـ«أهلا بحضرتك يا فندم» قبل أن أغلق الهاتف في وجه المتكلم، بعدها انهالت عليَّ رسائل صباحية ومسائية وفجرية تذكرني بعرض الشركة العالمية لإبادة الحشرات في حياتي. أنا على ثقة أن هذا الموقف تكرر مع كثيرين قبلي وبعدي وسيدوم تكراره حتى يصبح روتينا في حياتنا، ومن مئات الشركات، وسلملي على الخصوصية، ولا تشغل بالك كثيرا من أين أتى هؤلاء برقمك!!، وكيف ينتهكون حياتك بهذه البشاعة؟!
اليوم داخل إحدى جلسات البرلمان رحب أعضاء مجلس النواب، بتشريع قانون أعدته وزارة الاتصالات بشأن حماية البيانات الشخصية بغرامة تصل إلى 5 ملايين جنيه، ويمني المجلس النفس بأن القانون يحافظ على خصوصية المواطنين وتشريع يضع مصر على المستوى الدولى، إضافة إلى أنه يواجه الرسائل المزعجة التى تستهدف المواطنين ويدخل في إطار سلسلة المشروعات القانونية التي تستهدفها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما أنه يتصدى للتهرب الضريبي حيث إن الرسائل تعتبر وسيلة للإعلان.
وزارة الاتصالات أعلنت أن مشروع قانون حماية البيانات الشخصية، ينتظر عرضه على مجلس النواب في أول دور للانعقاد خلال شهر أكتوبر المقبل، وأن القانون يهدف إلى حماية البيانات الشخصية وخصوصية المواطن من أي استغلال قد يتم بشكل غير قانوني، مثل استغلالها من جانب بعض شركات إبادة الحشرات أو بالمستشفيات أو بيانات التحاليل أو بيانات شركات الاتصالات وشركات التأمين وغيرها، فى الترويج لمنتجاتها، والهدف الثانى هو جذب الاستثمارات الأجنبية.
تفصيليا قانون حماية البيانات الشخصية يتضمن عقوبات متدرجة ما بين الغرامات والحبس وذلك في حالة الاعتداء على البيانات وتبدأ الغرامات من 50 ألف جنيه وحتى 5 ملايين جنيه والحبس من يوم حتى 3 سنوات، كما تم الاعتماد فى نصوص القانون على بعض القوانين الأخرى غير اللائحة الأوربية مثل القانون الإنجليزى والإيرلندى والفرنسي وبعض القوانين لبعض الدول العربية، ويتوافق مع اللائحة الأوروبية GDPR لحماية البيانات الشخصية ، باعتباره واحدة من القواعد الذهبية الموجودة اليوم فى العالم لحماية البيانات الشخصية، فمعظم النصوص بها توافق كبير فيما يتعلق باحترام خصوصية المجتمع المصرى و المخاطر التى تحيط به فى بعض المسائل، مشيرا إلى أن حقوق صاحب البيانات فى هذا القانون هى نفس البنود الموجودة باللائحة الأوروبية، من ناحية الالتزامات المفروضة على المتحكم فى البيانات ومعالجتها لضمان حمايتها، كما يتضمن القانون مسالة الإخطار عن أى انتهاكات تتم للبيانات الشخصية إذ يلزم القانون الجهات التى يحدث لها أى نوع من الاختراق بأن يخطر بحدوث خرق للبيانات وإبلاغ صاحب تلك البيانات لتمكينه من اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
يبدو أننا، لو طُبق هذا القانون بالفعل، على موعد من إغلاق فصل آخر من فصول الانتهاك السافر لخصوصيات الأشخاص، لكن يتبقى لأعضاء البرلمان أخذ خطوات جادة فيما يخص هذا القانون ومناقشته وإقراره بالفعل ومراقبة تطبيقه، إيقافا لمعاناة المواطنين من المكالمات والرسائل المزعجة لشركات تعرض خدماتها بصورة بشعة في أي توقيت دون مراعاة لحقوق المواطنين في عدم الرغبة من التعرض لها، ودائما ما يثار تساؤلات حول وجود تشريع يجرم المتاجرة فى بيع البيانات الشخصية لتلك الشركات واستخدامها بطريقة مزعجة.