من حُقنة «الطرطير» للأقراص «البرازيكوانتال» لـ «توت الكوجي».. هل اختفت البلهارسيا من مصر
الأحد، 08 يوليو 2018 07:00 م
أثار توصل باحثين بريطانيين لتطوير علاج جديد تم استخلاصه من نبات «التوت الجوجي أو توت الكوجي»، لعلاج مرض البلهارسيا، شجوناً بشأن طرق علاج المرض وتطوراتها، فقد كان مشهداً مألوفاً أن تجد صفوفاً من الشباب والكبار ينتظرون دورهم أمام ووسط ساحات المستشفيات العامة والوحدات الصحية بالمحافظات، أملا في الحصول على علاج لمرض البلهارسيا الذى كان ينتشر بمصر فى الستينات والسبعينات، انتشار النار فى الهشيم.
كان المريض خلال فترة انتشار مرض البلهارسيا في فترة الستينات والسعينات من القرن الماضي، يتلقى حُقنة «الطرطير» وكانت حينها هى العلاج الوحيد المُتاح لآلاف المرضى، وكان المريض الذى يتم حقنه أسبوعياً، يتعرض للقىء والإغماء وبمجرد تناوله الجُرعة المُقررة له، كما كان يجب عليه التمدد على الأرض لحوالى ساعة كاملة، نتيجة لعدم تحمله للآثار الجانبية لتلك الحُقنة، كما يصاحب تناوله لهذه الجرعة، حالة إعياء شديدة وهزال.
من الطرطير إلى البرازيكوانتال.. الدواء لازال مر
مرت المحروسة بأوقات عصيبة خلال رحلة مكافحة داء البلهارسيا العضال، والذي ظهر فى مصر منذ عصر الفراعنة، وهو ما دلت عليه بعض البرديات التي كشف عنها علماء الأثار، ووجدوا أن المرض مسجلا في العصر الفرعوني.
يرجع ظهور مرض البلهارسيا إلى عام 1300 قبل الميلاد، ولذلك تعتبر مصر من أكثر البلدان العربية معاناة وصراعاً مع هذا المرض اللعين، وعلى الرغم من أنه استوطن في مصر منذ قديم الأزل، إلاّ أن تقارير منظمة الصحة العالمية تؤكد أنه منتشر في 74 دولة، وأن عدد الحاملين لهذا الطفيل يصل لحوالى 200 مليون شخص، من بينهم حوالي 20 مليون أصيبوا بالمرض بشكله الحاد، و120 مليون آخرين يشعرون بالأعراض، كما أنه ينتشر بكثرة في قارة أفريقيا، ونسبة ضئيلة تنتشر في جنوب أمريكيا والشرق الأقصى.
فى العصر الحديث، حاصرت مصر المرض مبكراً، وأكد الدكتور هشام الخياط رئيس قسم الكبد والجهاز الهضمى بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث، أن البلهارسيا تأتي على رأس أمراض الجهاز الهضمى التى تراجعت فى مصر، وأن النوع المعوى منه كان يصيب نسبة كبيرة من المصريين تتراوح ما بين 50% إلى 60%، وتؤدى إلى التشمع الكبدى وتضخم الطحال ودوالى المرىء والاستسقاء، خلال فترة تقارب الـ 80 عاما من المعاناة والصراع مع هذا المرض الذى بدأ يتلاشى فى أوائل التسعينيات من القرن العشرين.
وتابع الدكتور هشام الخياط، أن النوع الثانى من البلهارسيا والذى يطلق عليه البلهارسيا البولية، كان يتم علاجه بتناول أقراص «برازيكونتال» مما ساهم فى تراجع نسبة الإصابة بالمرض، كما انخفضت نسبة الإصابة بالأمراض الطفيلية والبكتيرية عموماً، نظرا لتوافر العلاج المناسب ثم بدأ في الاختفاء.
التوت الكوجى أحدث العلاجات
دعى الأرق الذي تسبب فيه مرض الإيدز ومعاناة المرضى وارتفاع نسب الوفيات في الوقت السابق، العلماء لاستمرار البحث واكتشاف طرق علاجية جديدة ومبتكرة، للخروج بعلاج جديد، وهو ما أكده باحثون بريطانيون، قاموا بتطوير دواء جديد مستخلص من نبات التوت الجوجي، أو التوت الكوجى، لعلاج مرض البلهارسيا.
الدواء الجديد، طوره الباحثون بكلية الصيدلة جامعة كارديف، بالتعاون مع باحثين في معهد العلوم البيولوجية والبيئية والريفية بجامعة آبيريستويث البريطانية، ونشروا نتائج أبحاثهم في العدد الأخير من دورية (European Journal of Medicinal Chemistry) العلمية.
«توت الجوجي»، هو توت بلون أحمر برتقالي، ويُعرف بطعمه الحلو الخفيف الذي يميل إلى الحموضة، وفي معظم الأحيان يتناوله الناس مجففاً كالزبيب.
يُستخدم «توت الكوجى»، كنبات طبي منذ القدم، وتعود جذور استخداماته إلى الصين القديمة، وهو مصدر جيد للمعادن والفيتامينات، حيث يحتوي على فيتامين سي وألياف غذائية وحديد وفيتامين أ، ومضادات للأكسدة وزنك، وأحماض أمينية أساسية، وبروتين نباتي، وكربوهيدرات.
معهد تيودور بلهارس
معهد تيودور بلهارس.. تاريخ من مكافحة البلهارسيا
سعت مصر خلال الفترة التس سبقت قيام ثورة يوليو 1952 لمكافحة مرض البلهارسيا، وكانت تخطوا فيها خطوات جيدة، في الوقت الذي كان المرض يحاصر أجساد الفلاحين في قرى ونجوع مصر.
أنشأت الحكومة المصرية في عام 1964، معهد «تيودور بيلهارس» بموجب اتفاقية بين جمهورية ألمانيا الاتحادية ومصر، وصدر القرار الجمهورى رقم 58 لسنة 1983 بإنشاء المعهد.
كان لمعهد تيودور بلهارس للأبحاث، في منطقة الوراق بالجيزة، دوراً كبيراً فى محاصرة المرض وتطوير أبحاث العلاج، ليس فى مصر فقط، لكن بمنطقة الشرق الأوسط والعالم.
معهد تيودور بيلهارس، هذا الصرح العلمي الكبير قطع رحلة تجاوزت الـ 54 عاماً، ومازال يعطى بسخاء من خلال باحثيه وخبراؤه ورعاية الدولة له.
أطلق على المعهد هذا الأسم نسبة للطبيب الألماني «تيودور بلهارس»، المكتشف الأول لديدان البلهارسيا قبل 167 عاماً، خلال عمله بمدرسة الطب المصرية فى القاهرة عام 1851، أثناء تشريح جثة مواطن مصرى بالقصر العينى، الأمر الذي استرعى انتباه المسؤلين في مصر، فتم إنشاء المعهد.من أجل طوي هذه الصفحة التي كانت السبب في الآلام وأزمات للمرضى، حتى يتم علاجهم، إلى طرق وأدوية وعلاجات متوافرة وذات آثار جانبية قليلة وبسيطة، ويتناولها المرضى بسهولة دون أن يصطفوا صفوفاً ودون إلقائهم أرضاً فى ساحة المستشفيات.
طور من أطوار البلهارسيا