قلب إيران البغيض ينزف على تراب اليمن السعيد.. هل تختنق طهران تحت جثث الحوثيين؟
الأحد، 08 يوليو 2018 08:00 م
سواء اختارت دول المنطقة تطور الصراع إلى هذا المدى، أو فوجئت به، فالواقع يُشير إلى أن اليمن تحول في غفلة من الزمن إلى ساحة صراع مفتوحة، تحاول فيه بعض الأطراف تصفية معاركها مع العرب.
قبل عدة سنوات تمددت ميليشيات الحوثيين الشيعية المدعومة من إيران، وفرضت انتشارا جغرافيا وعسكريا ضاغطا على مؤسسات الدولة اليمنية، مستغلة ضعف الجيش الرسمي، وحالة التوتر التي أثارتها ميليشيات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، الذي تبدل في تحالفاته بين الحوثيين والقوى العربية المهتمة بالأوضاع في اليمن، حتى وصل لمحطة التصفية على أيدي حلفائه السابقين من رجال عبد الملك الحوثي.
مع تطور الأمور في اتجاه درامي خانق للدولة اليمنية ومؤسساتها، وبصورة اضطرت الرئيس والحكومة إلى ممارسة مهامهم الدستورية من خارج العاصمة السياسية للبلاد، التي تسيطر عليها الميليشيات منذ شهور طويلة، تدخلت القوى العربية الفاعلة في المنطقة لاستعادة اليمن من رحلة المجهول، وتوجيه دفة الصراع باتجاه الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها.
منذ تحرك التحالف العربي الداعم للشرعية، لم يتوقف الدعم الإيراني للميليشيات الحوثية، والذي أُضيف له لاحقا الدعم القطري غير المُعلن، بعد طرد جنود قطر المشاركين في قوات التحالف عقب أزمة الرباعي العربي مع الدوحة وقرار المقاطعة في يونيو 2017، والتأكد من لعب العناصر القطرية ضمن القوات دورا مشبوها ضد خطط ومصالح التحالف، وتسهيل تحركات وعمليات الحوثيين وإمدادهم بإحداثيات مخازن التحالف ووحداته العسكرية، ما تسبب لاحقا في إنجاز الميليشيات عمليات نوعية ضد تمركزات للتحالف، سقط فيها عشرات الشهداء من القوات الإماراتية والسعودية واليمنية على حدّ السواء.
مع استمرار تدفق الدعم المالي واللوجستي على الميليشيات، وسيطرتها على الحُديدة وصنعاء وصعدة، لم يكن ممكنا إحراز تقدم فارق ومؤثر في مسيرة الصراع إلا بقدر من السيطرة على خطوط الإمداد المفتوحة، وهو ما كان يُوجب الالتفات إلى الثغرة المفتوحة في جسد اليمن، وهي محافظ الحُديدة، ربما قبل الاهتمام بتحرير العاصمة السياسية صنعاء، أو تحرير صعدة المتاخمة للأراضي السعودية.
في وقت سابق من يونيو الماضي أطلق الجيش اليمني، مدعوما بإسناد من قوات التحالف العربي الداعم للشرعية، عملية ضخمة في محافظة الحُديدة المطلة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حملت اسم "النصر الذهبي" واستهدفت تحرير المدينة ومحيطها، والسيطرة على المطار والميناء، بشكل يقطع الطريق على الطائرات والقطع البحرية الإيرانية والقطرية التي تحمل المؤونة والإمدادات للميليشيات.
على مدى أيام متواصلة من العمليات، نجح الجيش اليمني وقوات التحالف في السيطرة على مطار الحديدة، وضرب حصار شامل حول أبرز الطرق والمحاور المؤدية للمطار والميناء، مع توفر إسناد من قطع بحرية عربية على شواطئ اليمن قبالة البحر الأحمر، بشكل قلّص من قدرات الحوثيين العسكرية والتسليحية، وساهم في تحجيم قدرتهم على الحركة والمناورة.
مع النجاحات التي حققتها عملية "النصر الذهبي" قرر التحالف تطوير عملياته بالتحرك شمالا، على محور صنعاء في وسط البلاد وصعدة على الحدود السعودية، ونجح في السيطرة على عدد من الطرق والمحاور الاستراتيجية المؤدية للمعقلين الكبيرين، وخلال هذه العمليات كبّد الحوثيين خسائر بشرية وعسكرية فادحة، ودمّر كثيرا من الآليات ومخازن الأسلحة.
في هذا الإطار أكدت مصادر يمنية، اليوم الأحد، أن الجيش الوطني نجح في تحرير مواقع جديدة ضمن نطاق مديرية كتاف شرقي محافظة صعدة في أقصى شمال اليمن، على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية، وذلك بعد اشتباكات عنيفة ومتواصلة بين وحدات الجيش وعناصر تابعة للميليشيات الحوثية المدعومة من طهران.
وبحسب تقرير بثته قناة "العربية" الإخبارية، قالت المصادر إن "الجيش نجح عبر دعم وإسناد من التحالف العربي في السيطرة على سلاسل جبال الزور والخشباء، وقطع خطوط إمداد الميليشيات في جبهة العطفين والمليل شرقي صعدة"، وقد أسفرت العملية التي شنها ضد الحوثيين عن مقتل 10 عناصر وإصابة آخرين، واستعادة أسلحة متنوعة وبعض الآليات والعتاد العسكري.
خسائر الحوثيين البشرية لم تتوقف على القتلى العشرة، فهؤلاء حثيلة عملية واحدة، لكن التحالف أعلن في بيان سابق أن الجيش الوطني اليمني يواصل تقدمه على كل جبهات القتال، وأنه نجح في تكبيد الميليشيات خسائر فادحة، في مقدمتها مقتل 341 عنصرا من الميليشيات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة.
بحسب بيان التحالف الذي أذاعته "سكاى نيوز عربية" فإن عمليات الجيش اليمني أربكت خطوط الميليشيات الحوثية ومنظومة اتصالاتها العسكرية في محافظة "صعدة" ومحيطها، في ضوء التحركات المتواصلة وضغط العمليات المتزامن بالتنسيق مع التحالف، وهو ما أسفر عن تدمير منظومة الاتصالات في مديريتي حيدان ورازح.
منظومة الاتصالات المُدمّرة في صعدة شملت تجهيزات ذات تقنيات متقدمة، بشكل يوفر للميليشيات الإرهابية قدرات نوعية كبيرة، ويُعد تدمير هذه المنظومة ضربة قاسية للميليشيات، تترافق مع توالي خسائرها البشرية والعسكرية على محاور واتجاهات عدّة في أنحاء اليمن ومناطق نفوذها ومعاقلها الكبرى، وهو نما أسفر عن تحرير مناطق شاسعة كانت تحت سيطرة عناصر الحوثيين، وربما يُبشر بقرب تحرير باقي المعاقل التي تمثل الجيوب الأخيرة للميليشيات، خاصة مع عزل كثير من هذه الجيوب عن خطوط الدعم والإمداد، وإحكام حصار خانق حولها بشكل يشل قدرات الميلشيات على المناورة.
هذه الخسائر الكبيرة، والحصار الخانق للميليشيات، يُعني أن مزيدا من الخسائر تضرب أركان نظام الملالي في إيران، الذي يواجه خلال الأسابيع الأخيرة احتجاجات شعبية قوية، فيما يُعرف بـ"تظاهرات البازار"، بينما يستعد لتطبيق حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية، عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وأبرز بنود هذه العقوبات إيقاف استيراد النفط الإيراني اعتبارا من نوفمبر المقبل.
في ضوء الحصار المضروب حول طهران في إطارها الجغرافي، وتقليص نفوذها في العراق بشكل كبير، واستعادة النظام السوري للسيطرة على مناطق كثيرة من البلاد بشكل يُقلل من أثر وجودها في الساحة السورية، واستخدامها كورقة للمناورة، خاصة مع استعداد أمريكا لإخلاء هذه الساحة والخروج بقواتها منها، فإنه ربما لا يتبقى ملعب مفتوح للمناورات الإيرانية إلى على الأرض اليمنية، ولكن مع اتساع نطاق عمليات الجيش اليمني والتحالف العربي، فإن كل قتيل من الحوثيين يُعني نزيفا جديدا لقلب طهران، ومع تواصل هذا النزيف فربما تختنق دولة الملالي تحت تلال الجثث الحوثية في اليمن السعيد.