قطار الديكتاتور يدهس 18 ألف ضحية جديدة.. آخر خناجر أردوغان في صدر تركيا
الأحد، 08 يوليو 2018 11:00 ص
بدأ الأمر بتحركات محدودة لوحدات من الجيش التركي في منتصف يوليو 2016، قال نظام "العدالة والتنمية" والرئيس رجب طيب أردوغان إنه محاولة انقلاب عسكري، ورآه آخرون لعبة غير مفهومة.
في الساعات الأولى للتحركات نجحت الوحدات الرافضة لنظام أردوغان في السيطرة على عدد من المباني والمنشآت الحيوية في العاصمة أنقرة وفي اسطنبول وعدد من المدن، ولكنها تراجعت بشكل حاد وغير مفهوم في الساعات التالية، لينجح أردوغان سريعا في بسط سيطرته على الأجواء التركية كاملة.
الإجراءات التي اتخذها أردوغان في الأيام التالية عززت من رواية بعض فئات المعارضة التركية، خاصة حركة الخدمة التي يتزعمها صديق أردوغان السابق، فتح الله جولن، الذي اتهمه النظام التركي بالضلوع في ترتيبات ما أسماه بـ"محاولة الانقلاب"، متخذا الأمر مبررا للسيطرة على كثير من المدارس والمستشفيات والمنشآت التابعة للحركة، بينما قال "جولن" إن المشهد الذي حدث في تركيا لعبة مخططة من جانب أردوغان وحلفائه.
في الأسابيع التالية بدأ أردوغان حملة واسعة لتصفية معارضيه، شملت أكثر من 160 ألفا من العاملين في الجيش والشرطة والجامعات والمدارس والمؤسسات الاجتماعية والدينية والجهاز الإداري للدولة، جرى تسريحهم من أعمالهم، واعتقال ومحاكمة أعداد كبيرة منهم، بجانب اعتقال ومحاكمة عشرات من قادة الجيش، وإغلاق عدد من الصحف والمواقع الإخبارية والقنوات التليفزيونية.
عقب هذه الحملة بدأ أردوغان مسيرة قانونية لإحكام قبضته على الساحة السياسية في تركيا، فأعد قائمة تعديلات دستورية تعيد صياغة شكل الدولة ومنظومة سلطاتها، وتمنحه صلاحيات ضخمة وسلطات مباشرة للتدخل في أعمال المؤسستين القضائية والتشريعية. حزمة التعديلات واجهت رفضا واعتراضا واسعين من المعارضة، لكنه نجح في إقرارها خلال العام الماضي.
سعيا لإدخال التعديلات حيز التنفيذ، والتمتع بقائمة الصلاحيات الواسعة، دعا أردوغان قبل أسابيع لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، جرت في يونيو الماضي، قبل موعددها المقرر سلفا بأكثر من 15 شهرا، ورغم المعارضة الواسعة نجح الرئيس التركي عبر الحرب الإعلامية الدعائية، وسياسة الوقت المضغوط وحصار المعارضة، وتوظيف الدعاية الدينية، والتلاعب في مسار العملية الانتخابية، في حسم السباق الذي تنافس فيه خمسة آخرون.
الآن يستعد الديكتاتور التركي لمراسم أداء اليمين الدستورية لفترة رئاسية جديدة، وفيما يبدو أنه اتجاه لتصفية آخر جيوب المعارضة في مؤسسات الدولة، وإحكام السيطرة بشكل كامل على الجهاز الإداري التركي، استبق أردوغان حلف اليمين بتصفية آلاف جدد من الموظفين بالدولة.
قرار أردوغان الأخير شمل تسريح أكثر من 18 ألف موظف رسمي، بينهم مئات من عناصر قوات الأمن، ومدرسون وأساتذة جامعات، بموجب منشور رئاسي نشرته الجريدة الرسمية اليوم الأحد، متضمنا 18 ألفا و632 اسما، منهم أكثر من 9 آلاف في الشرطة، و6 آلاف في الجيش.
يُذكر أن حالة الطوارئ ما زالت قائمة في تركيا منذ محاولة الانقلاب المزعومة، وعلى مدى سنتين تقريبا يدير أردوغان البلاد في مناخ مغلق، وسط حصار خانق للمعارضة وأحزابها البارزة، وفي مقدمتها الشعب الجمهوري (حزب مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة).. وبجانب هذا المناخ الضاغط داخليا يواصل أردوغان التورط في الملفات الإقليمية الدامية، عبر مزيد من العمليات العسكرية المباشرة في سوريا والعراق، وتسهيل عبور مقاتلي داعش والجماعات الإسلامية المتطرفة عبر الحدود التركية، وتقديم تسهيلات مالية ولوجستية واسعة للميليشيات المسلحة التي تواجه نظام بشار والجيش العربي السوري.