ألا إن أرض الله واسعة

الجمعة، 06 يوليو 2018 05:02 م
ألا إن أرض الله واسعة
شيرين سيف الدين يكتب:

تخيل لو أنك وجدت فرصة عمل كالتي تجدها في القاهرة مثلًا، وعلمت أنك تستطيع أن تعلم أبناءك في مستوى تعليمي متساوٍ مع ما يحصلون عليه، وربما بدخل أكبر وأسعار أقل وتنقلات أيسر ومدينة أجمل، وليكن على سبيل المثال في مدينة مرسى مطروح الساحرة، أو الغردقة، أو أسوان الخلابة، أو بورفؤاد التي تشبه أوروبا في جمالها، واطمأن قلبك لأن الخدمات المقدمة هناك ذات مستوى مماثل، أليس من الممكن أن تقرر الهجرة للحياة الأجمل دون ترك وطنك؟

بعيدًا عن فكرة إقامة مدن جديدة، ونقل العاصمة من القاهرة وهو أمر هام مما لا شك فيه، وقامت به عدة دول سابقًا مثل روسيا والبرازيل ونيجيريا وغيرها، فنقل العاصمة بالطبع سيساهم في تقليل الازدحام وتقديم الخدمات الحكومية بشكل مختلف، إلا إنني أفكر من جهة أخرى في سبب إصرارنا نحن المصريين على التقوقع داخل القاهرة والعواصم المزدحمة، وبالرغم من أن أرض مصر واسعة وبها من جنان الأرض ما يشبع الروح جمالا وهدوءا، فقد ضاقت علينا الأرض بما رحبت.

عندما نتنقل في مدن مصر المختلفة، نكتشف كنوزا لم نكن نتخيل أن مصر زاخرة بها ونبصر مدنا كقطع من الجنة، منها ما يوجد به بالفعل فرص عمل وحياة قائمة، وربما أسعار أقل وتنقلات أقرب وشوارع أقل ازدحاما، وربما لو فكر الشباب في الانتقال لمثل هذه المدن، والبدء في البحث عن فرصة عمل كبداية لاكتساب خبرة، لوجدوا حياة أيسر وأكثر جمالا.

لدينا مدن وقرى جميلة في الصعيد والدلتا والسواحل منها المطل على نهر النيل أوعلى البحر المتوسط أوالأحمر، لكن الاهتمام بها ليس كافيا كي تجذب سكانا جدد، أو على الأقل لا تطرد سكانها، مع أن إقامة مشاريع زراعية أو صناعية، والاهتمام بكنوزها الأثرية والتاريخية (لا أعتقد أن في مصر بقعة ليس بها أثر تاريخي يمكن إعادة إحيائه وإبرازه بشكل يزيد من دخل تلك المدن)، يجعلها منتجة ومحافِظة على سكانها الأصليين.

إن الأسباب الرئيسية لهجرة سكان تلك المدن برغم جمالها وهدوئها، وأيضا عزوف باقي المواطنين عن الانتقال إليها حتى لو توفرت لهم فرص عمل، هي افتقارها لمدارس بمستويات مختلفة أوجامعات حكومية وخاصة كالموجودة في المدن الكبرى، بالإضافة لضعف الخدمات الطبية مختلفة المستويات، لذا ففي اعتقادي أن الدولة والقطاع الخاص لو بدأوا في وضع خطة جاذبة بإقامة مشروعات متنوعة برواتب مغرية ومرتفعة عن المدن الكبرى، وأيضا فتح مدارس خاصة ولغات ودولية، بالإضافة لإنشاء فروع خاصة بالجامعات الكبرى معتمدة وموزعة بشكل أكبر، ستجد الفكرة رواجًا من فئات مختلفة من المواطنين، وستجذب المزيد من المستثمرين ورجال الأعمال، ما سيزيد من فرص العمل وتوزيع الحياة السكانية في مدن مصر القائمة بالفعل وفي ربوعها الشاسعة.

لقد أصبح من الضروري اليوم مع إقامة مدن جديدة، الاهتمام بتطوير المدن الموجودة أصلًا، وإعادة النظر في مزايا كل منها، وتوزيع الخدمات التعليمية والصحية والفرص الوظيفية وجعلها في متناول أبناء المدن الصغيرة والمحافظات والمراكز بشكل أكبر، وأيضا تنظيم هجرة معاكسة إلى المدن والمحافظات المتوسطة الكثافة بما يتناسب مع مساحاتها ومتطلباتها، حتى لا نحولها لمدن مكتظة من جديد، مع إعطائها الأولوية في برامج الإقراض والمنح وتوجيه بعض النشاطات الاقتصادية إليها، حينها من المؤكد أنها ستجذب من يُصِر أو يضطر للعيش في القاهرة والمحافظات المكتظة والمرتفعة في تكلفة المعيشة، حيث ستصبح ملاذا للحياة في أماكن أجمل وأيسر، وبتكاليف معيشية أقل من حيث السكن والطعام والمغريات والمظاهر التي أصبحت تكلف العديد ما لا يطيقونه من أجل المجاراة فقط.

ربما يحتاج المواطن أيضا لتغيير أفكاره وارتباطه بالمكان بشكل مَرَضي، واتباع نصيحة (سافر وتنقل فأنت لست شجرة)، وبما أن البساطة هي أم الجمال، فقد تكون ميزة الهدوء والطبيعة واستنشاق هواء نقي، أو القدرة على السكن في منزل مطل أو قريب من نهر النيل أو شاطئ البحر أوالخضرة فقط،  سببا يستحق الانتقال وتغيير المكان والعيش في البراح، دون الحاجة للاغتراب عن الوطن والأهل والأصدقاء.

 

تعليقات (5)
ياريت بجد
بواسطة: كاريمان
بتاريخ: الجمعة، 06 يوليو 2018 06:08 م

بنتظر مقالك والأفكار الجديدة دايما .. فعلا كتير الواحد بيفكر يبعد عن الدوشة والمظاهر اللي بقينا عايشين فيها ويعيش في بلد رايقة زي أسوان ولا شرم الشيخ ولا مرسى مطروح بس الاول يلاقي طلباته .

رائع
بواسطة: Hadil
بتاريخ: الجمعة، 06 يوليو 2018 06:12 م

بلدنا جميلة ويكفي اننا نفضل في بلدنا الحلوة ..والله فكرة حلوة

موضوع مهم جدا
بواسطة: Mirette
بتاريخ: الجمعة، 06 يوليو 2018 11:25 م

فعلا كلنا فى 6?? فى شريط الوادي الضيق و 94?? صحراء شاسعة..أتمنى ان يهتم المسئولين بهذا الامر

فكرة حلوة
بواسطة: Dalia
بتاريخ: السبت، 07 يوليو 2018 12:15 ص

الفكرة حلوة فعلا وناس كتير تتمنى تخرج من عنق الزجاجة ياريت الدولة تتبناها وتساعد الراغبين في الحياة في البراح لتحقيق حلمهم

To the point
بواسطة: Eman
بتاريخ: السبت، 07 يوليو 2018 12:24 ص

والله نفسي انفتحت اروح اعيش في الجونة بالذات فكرت في الموضوع ده كتير والمقال شجعني اكتر

اضف تعليق