لماذا طالب وزير الأوقاف أئمة الوزارة بعدم مهاجمة شيخ الأزهر؟
الثلاثاء، 03 يوليو 2018 01:00 مزينب عبداللاه
فتح البيان الذى أصدره وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة منذ أيام وحرص على نشره بوسائل الإعلام ، محذراً من خلاله أئمة الوزارة من الإساءة للأزهر وشيخه، باب الحديث مجدداً حول وجود خلاف غير معلن بين الوزارة والمشيخة، والذى شاهدنا جزء منه قبل أيام فى مجلس النواب.
البيان وصفه متابعين للعلاقة بين الوزارة والمشيخة، بأنه غريب فى توقيته ومضمونه، كونه يوحى بأن هناك غضب بين أئمة الأوقاف من شيخ الأزهر أو أنهم ثائرون عليه ويسيئون له وأن الوزير يحاول منعهم من الإساءة للإمام الأكبر، خاصة أنه لم يسبق لمؤسسة أو وزارة إصدار تحذير لموظفيها أو من يعملون بها من الأساءة لشخص أو مسئول أو جهة ما، وما زاد من الجدل حول البيان أنه جاء بعد تصاعد الخلاف بين الوزارة والأزهر بسبب قانون الفتوى وانفعال الوزير بسبب رفض الأزهر السماح لائمة الأوقاف بالفتوى العامة وقصرها على مجمع البحوث الاسلامية وهيئة كبار العلماء ودار الإفتاء.
ونص البيان الذى أصدره وزير الأوقاف، الجمعة الماضية على أن: «في الوقت الذي تحرص فيه وزارة الأوقاف على قيام أئمتها وعلمائها بمهامهم الدينية والوطنية والمهنية كاملة غير منقوصة بما فيها حق الإفتاء الشرعي خدمة للدين والوطن، فإننا نؤكد شرف انتسابنا للأزهر الشريف وانتمائنا له واحترامنا وتقديرنا الكامل لفضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ولجميع مؤسسات الأزهر الشريف وهيئاته العلمية وعلى رأسها هيئة كبار العلماء، ولا نقبل النيل من أي مؤسسة وطنية تصريحا أو تلميحا أو تعريضا».
وأضاف الوزير فى بيانه: «نهيب بالأئمة وجميع منتسبي الأوقاف والعاملين بها عدم الخوض في أي أمور جدلية، ونحذر من الانسياق خلف أصحاب الصفحات المشبوهة الذين لا تعنيهم مصلحة الدين أو الوطن، ونؤكد على جميع الأئمة المحترمين عدم الخوض في أمر الفتوى أو أحقيتها على صفحات التواصل أو غيرها قطعا للجدل وإيثارا للمصلحة الوطنية وتفويتا للفرصة على الدخلاء والمغرضين، وحذف أي تعليقات تتصل بهذا الأمر على صفحاتهم».
وأكد البيان أن «من يخالف هذه التعليمات يعرض نفسه للمساءلة، مع تأكيدنا لهم أننا لن نكون أقل حرصا على مصلحتهم من أنفسهم، وأننا قبل كل شيء أبناء مؤسسة واحدة هي مؤسستنا العريقة الأزهر الشريف، ويجمعنا هدف واحد وإن تعددت وسائله وهو خدمة ديننا ووطننا وأمتنا ونشر سماحة ديننا ووحدة صفنا وهو خطنا الثابت الذي لا ولن نحيد عنه قيد أنملة»
ما أثار الجدل أن البيان صدر ولم تكن هناك أية إساءات قد صدرت من أئمة الأوقاف للأزهر وشيخه، وأن البيان يبدو وكأنه أراد أن يوحى بأن هناك غضبة من الأئمة تجاه شيخ الأزهر أو أنهم يسيئون إليه والوزير يحاول منعهم، أو ربما يحمل أشارة مقصودة من الوزير موجهه لمشيخة الأزهر.
والغريب أيضا أن أئمة الأوقاف كثيرا ما كانوا يلجأون لشيخ الأزهر خلال أزماتهم مع الوزير وأخرها ما حدث منذ أشهر قليلة عندما اشتعل الغضب بين الأئمة بسبب إعلان الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف عزمه إجراء اختبارات للأئمة والخطباء، وشعر الكثيرون منهم بالإهانة وتوقعوا أن تكون هذه الاختبارات مبررا لاستغناء الوزارة عن عدد منهم أو تخفيض رواتبهم، بينما أكد الوزير حينها أن هذه الاختبارات تستهدف تحديد مستوى الأئمة والخطباء لتحديد البرامج التدريبية اللازمة لهم، مشيرا إلى أن هناك عدد من الخطباء والأئمة ضعفاء ولا يجيدون حتى قراءة الفاتحة، وهو ما أثار غضب الكثيرين ضد الوزير حتى أنهم لجأوا إلى شيخ الأزهر مطالبين بضمهم للأزهر، وبعد أشهر قليلة من هذه المعركة التى انتهت بعدم إجراء الاختبارات، وقف الوزير منفعلا فى ساحة البرلمان يطالب بحق أئمة وزارته فى الفتوى، رغم أنه سبق واتهمهم بالضعف وأكد أن بعضهم غير مؤهل للفتوى.
و نشب خلاف بين الأزهر والأوقاف حول دور واختصاص الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف بالنسبة للفتوى، وطالبت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى تعديلاتها على مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة ، والذى ينص فى المادة الأولى منه، على أنه "يحظر بأية صورة التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، ومن هو مرخص له بذلك من الجهات المذكورة، ووفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" ، بأن يتم حذف "الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف"، باعتبارها جهة تنفيذية وليست علمية.
وأكدت هيئة كبار العلماء أن الحق فى الفتوى العامة التى تخص الأمور العامة ومصلحة البلاد يختلف عن الفتاوى الفردية والشخصية التى تتعلق بالعبادات والمعاملات ويجب أن يقتصر هذا الحق على الهيئات العلمية كهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية.
وانفعل وزير الأوقاف خلال الجلسة ونسى كلامه السابق عن مستوى الأئمة والخطباء ليبدأ معركة جديدة مع الأزهر ومجمع البحوث ، دون أن يلتفت إلى مستوى الأئمة وحقوقهم ومدى تأهلهم للقيام بمهمة إصدار الفتوى.
جدير بالذكر أن هذه المعركة لم تكن الأولى التى يقف فيها وزير الأوقاف أمام أستاذه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ، حيث سبق وأثار جمعة عددا من الخلافات مع الأزهر وشيخه، رغم أنه تولى الوزارة بترشيح من الطيب، و حرص الوزير دائما على العمل منفردا بعيدا عن الأزهر، وليس أدل على ذلك من أن جمعة طرح نفسه ووزارته كرواد تجديد الخطاب الديني بعيدا عن الأزهر، عندما عقد مؤتمرا تحت عنوان «تجديد الخطاب الديني» دون حضور ممثل عن الأزهر، رغم حرصه على دعوة عدد من المفكرين والوزراء للمؤتمر، وغاب شيخ الأزهر لأول مرة عن مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي تقيمه وزارة الأوقاف، كما ظهر الخلاف مجددا مع ظهور قوائم الإفتاء على الفضائيات، التي غاب فيها التنسيق بين الأزهر والأوقاف، وقدم كلا منهما قائمته بشكل مستقل.
ما يصار فى كواليس الوزارة والمشيخة، هو لماذا أصدرت الأوقاف هذا البيان وفى هذا التوقيت تحديداً، وهل يحمل صيغة تهديد مبطنة؟.