صناعة الأمل
الأحد، 01 يوليو 2018 09:20 م
مع خروج المنتخب المصرى من الأدوار الأولى لنهائيات كأس العالم وردود أفعال المصريين تفوق الحدث، فالمنتخب أولا وأخيرا فريق رياضي، والرياضة مكسب وخسارة.
لكن المتابع لتداعيات صفر المونديال يجد أنها لم تكن هزيمة رياضية لبطولة عالمية، بدليل خروج العديد من ألفرق العريقة، لكن فى الحالة المصرية كانت الهزيمة هى للأمل الذى تعلق به ملايين المصريين الذين تفاءلوا بملمح انتصار فى ظل ضغوط يومية انعكست أثارها على ملامحهم التى يكسوها العبوس، فهم مابين صباح ومساء يكابدون تحت وطأة أعباء معيشية تتزايد عليهم، وأصبح الهاجس بعدم القدرة على مواصلة الصمود فى مواجهة التحديات يقتل الأمل فى نفوس الكثيرين.
هذه الاجواء استدعت للذاكرة قراءات متعددة لتجارب الدول الغربية التى بدأت من تحت الصفر باقتصاديات خربة خلفتها الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية والأمثلة عديدة، فهناك دول انطلقت بسرعة البرق من واقع اليم سقطت وأحياها الأمل فانبعثت من جديد تدراكت سريعا ما الم بها فبدءوا نهضتهم لكن بإعادة بناء الإنسان، وكانت البداية بزراعة الامل فى نفوس مواطنيهم فتحولت من دول منهارة متعثرة إلى كيانات اقتصادية عملاقة وقلاع صناعية وتحققت المعجزة.
فالحرب دمرت اقتصادهم ولكنها لم تقتل قدرتهم على الحلم ولم تهدم معاول الاحباط ثقتهم فى غدا مبهر، فلما لا ننظر لتجربتهم ولنبدأ أولا بصناعة الامل وليس بترديد شعارات جوفاء فعلينا بإطلاق خطط شعبوية عملاقة تترسخ وتتأصل اهميتها للمواطن فى انعكاساتها المباشرة على مستوى معيشته.
فلا توجد قوة فى الحياة تغير المجتمعات نحو الأفضل أكبر من قوة الأمل وصناعة الأمل مسئولية فردية ومجتمعية يجب ان تدعمها رؤية شاملة تتبناها الدولة لاستعادة روح الإنسان المصرى فى اطار سياسة اعلامية وثقافية، فالمتابع للمشهد الثقافى والإعلامى وألفنى يجد ان وسائل اعلامية كثيرة إلا من رحم ربى والتى تدخل بيوت السواد الاعظم سواء من خلال ألفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعى اصبحت لا تتناول سوى الأزمات والمشكلات والجرائم وكل الحالات الشاذة فى المجتمع، وفنا لا يختلف كثيرا فاغلبه لا يكرس سوى لقيم الغاب بألفاظ خادشة مهترئة تهدم ولا تبنى .وواقع يسير عكس استراتجية الدولة.
لو اردنا التغيير لابد من وضع سياسة إعلامية مختلفة تركز على صناعة الأمل تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ وليس الفارغ، فالإعلام يجب ان يكون مرآة الواقع ولكن ليس باعثا على التشاؤم واليأس والحزن.
الأمل كلمة ذات سحر عجيب هو اكسير الحياة مفتاح البناء والتقدم، نحتاج لزراعة الامل الذى فقدنا ملامح الطريق اليه.. امنحوا الامل فى غد مشرق.. بشروا المصريين واستنهضوا الشعب وجيشوه حتى تتحول طاقة اليأس إلى طاقة عمل جبارة تكون قادرة على الانجاز والتخيل والإبداع وصناعة المعجزات، وهذا ليس بالصعب لكن الاصعب هو ترجمة الامل إلى واقع وهو التحدى الحقيقي.