«الهاشتاج» لا يقرر مصير الشعوب.. ولكن!
الأحد، 24 يونيو 2018 09:32 ص
ثلاث كلمات تقابلها ثلاث كلمات أخرى، يُطلق عليها «هاشتاج» انتشر على موقع تويتر، وأحدث حالة من «الهري العام»، المصحوب بـ«زيطة» معتادة، وصلت إلى حد «الهطل» في بعض الأحيان.. مَنْ قال إن مصاير الشعوب تتحد بهاش على تويتر أو تدوينة في فيسبوك، أو صورة على انستجرام أو فيديو على يوتيوب؟
المتربصون بالدولة المصرية، والذين لا يريدون لها إلا كل شر، أطلقوا «هاشتاج» اعتبره كثير من المصريين محاولة للصيد في المياه العكرة، خاصة وأنه صادف هوى بعض المعارضين للسياسات وخطة الإصلاح الاقتصادي. كما لعب على وتر السخط الشعبي في أعقاب قرار الحكومة الأخير بتخفيض الدعم عن أسعار المحروقات، وما صاحب ذلك من ارتفاع في أسعار جميع السلع والخدمات.. المحترمون يختلفون مع بعض سياسات الحكومة وينتقدونها نقدًا بناءً، لكنهم لا يتطاولون على أي مسؤول كما يفعل عديمي التربية.
للأسف، الهاشتاج اخذ أكبر من حجمه، وكشف كثير أزمات ومشاكل كثيرة، أهمها عدم وجود مسؤولين قادرين على مخاطبة الشعب، وشرح الوضع الراهن بكل شفافية ووضوح، واكتفى المسؤولون بالنوم في التكييف؛ وكأن الأمر لايعنيهم.. وزاد الطين بلة أن بعضهم أدلى بتصريحات زادت الوضع سوءا.
كما أثبت الهاشتاج أن معظم الذين يتوارون خلف الكيبورد «جهلاء»، أو «إمعات»، يخوضون مع الخائضين، وباللغة التي يجيدونها «يهرون في المهري»، و«يهبدون في المهبود»، يرددون ما يملى عليهم، دون أن يقدموا مقترحات أو بدائل قد تفيد في حل ازماتنا الاقتصادية.
المسؤولون ليسوا ملائكة، بل بشر يصيبون ويخطئون.. ومَنْ كان يعتقد أن خطة الإصلاح الاقتصادي، وقرارات تحريك الدعم لن تؤثر على الحكومة، فهو واهم.. ومَنْ يظن أنها لن تنال من شعبية الرئيس فهو مخطئ.. ولابد من الاعتراف بأن هناك مؤيدون انقلبوا على «السيسي»، خاصة أولئك الذين كانوا يؤيدونه على حرفٍ، فإن أصابهم خير اطمأنوا به وإن أصابتهم قرارت الإصلاح انقلبوا على وجوههم.
نعم، الرئيس السيسي اختار بنفسه طريق صعب، لم يسلكه سابقوه؛ طريق أثَّر على شعبيته، وجعله عرضة للقيل والقال من العناصر الإخوانية الإرهابية، ومن بعض المتأثرين بقرارات الإصلاح، ومن الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب!
لكل إصلاح ضحايا، ولكل إصلاح معارضون، فنحن أعداء التغيير، حتى ولو إلى الأفضل. وكثير من الناس يخطئون حين يتصورون أن الإصلاح الاقتصادي مثل «العصارة»، نضع فيها أعواد القصب فتخرج لنا العصير في الحال.. لا الإصلاح ليس بهذه السهولة، خاصة الإصلاح الذي يأتي بعد ستة وستين عامًا من المسكنات دون رغبة حقيقية في العلاج الجاد، بزعم ان الدواء لن يكون على هوى المريض.. فمنذ متى والطبيب يكتب روشتة العلاج على مزاج المريض؟!
نعم، طريق الإصلاح مؤلم، وعر، شائك.. لكننا لا نملك طريقًا بديلًا.. والمسكنات هي الأسرع في تخفيف الوجع، لكنها لا تعالج الألم.. والأنظمة والحكومات السابقة اعتادت على تقديم المسكنات، وابتعدت عن تقديم أدوية الخلاص من المرض، لأنها تستغرق وقتًا أطول من المسكنات.. وبشهادة المؤسسات الاقتصادية الدولية فإننا حققنا نجاحات كثيرة تؤكد أن مصر تسير في الطريق الصحيح.
أنا أحد الذين ضربتهم قرارات الإصلاح الأخيرة، وأعاني مثلما يعاني الملايين من أفراد الشعب.. والذين يعرفونني عن قرب يعلمون صدق قولي.. وكان بإمكاني- في لحظة انفعالية- الخوض مع الخائضين وأطالب برحيل الحكومة، أو رحيل الرئيس.. لكن ماذا بعد؟ وهل الرئيس الجديد- بمجرد جلوسه على كرسي الحكم- سيضغط على زر الرفاهية؛ ليعيش الشعب في نعيم، أم سيطلب إمهاله سنوات وسنوات؟ وهل سينتظرنا مستقبل باهر وغد مشرق، أم نفس سيناريو 25 يناير؟
بعد الفاصل
دار حوار طويل بيني وبين صديقي المعارض دومًا، وسألته: وماذا بعد الهاشتاج؟ فقال: التغيير.
* تغيير إيه؟
** تغيير الرئيس، وتغيير الحكومة
* ومين- من وجهة نظرك- يصلح لقيادة الدولة؟
** أي حد.. مصر ولّادة.. وعندنا آلاف يصلحوا للقيادة.
* هتختار عسكري سابق بالقوات المسلحة؟
** عسكري تاني.. لا يا عم كفاية كده.
* يبقى هتختار مدني، رئيس حزب سياسي يعني؟
** يا راجل يا طيب.. سياسي مين ورئيس حزب مين، إحنا هنضحك على بعض.. لأ طبعًا، رؤساء الأحزاب دول زي قلتهم.
* أكيد بقى دكتور جامعي من الأساتذة الكبار؟
** إحنا زهقنا من التكنوقراط، ومن بتوع الجامعات إللي مش بناخد منهم غير كلام ونظريات وبس.
* إوعى تقولي شيخ أو عالم أزهري؟
** يا راجل.. انت عاوز ترجعنا للدولة الثيوقراطية!
* طب نجيب واحد علماني؟
** مينفعش.. الشعب المصري متدين بالفطرة، ومش هيعجبهم الرئيس العلماني!
* طب إيه رأيك في رجل أعمال؟
** يبقى مسكوا القط مفتاح الكرار.. هيسرق خيرات البلد ويحطها في شركاته ومشروعاته الخاصة.
* طب نجيب عالم من علمائنا في الخارج؟
** وهو إحنا ناقصين.. مش كفاية اتقرصنا من البرادعي، وعصام حجي.
* طب نجيب ناشط أو حقوقي؟
** دول ولاد تيت وأصحاب أجندات، وهيخربوا البلد.
* طب إيه رأيك نخلي الرئيس واحدة ست؟
** برضو مش هينفع، الناس هيتريقوا عليها، لغاية ما يكرهوها في عيشتها.
* أومال عاوز مين؟
** أي حد وخلاص.
* طيب لما تستقروا على حد ابقى قولي!