ارتبط مفهوم التعليم الفني، بالتقدم والتنمية الاقتصادية وتحسين الإنتاج والدخل المحلي للمجتمعات، واعتمدت قاطرة التنمية بالمجتمعات المتقدمة على الحرفيين والصناع بشكل أساسي، وبينما تحاول الحكومة المصرية العمل على تحسين الاقتصاد والنهوض، كان من الضروري حل مشكلات قطاع التعليم الفني وإعادة هيكلته وتأهيل طلابه ومعلميه.
630 ألف طالب هم إجمالي خريجي التعليم الفني في مصر سنويا، إلا أن المحصلة الفعلية تكاد تكون منعدمه، من حيث الجودة والتأهيل حيث يعاني القطاع من عدة أزمات تُركت دون حل ما أدى إلى تفاقمها وتدهور هذا الملف بشكل كبير، ومن أهمها عدم توافر الإمكانيات المادية والعملية من ورش ومصانع وآلات مناسبة لتدريب الخريجين، نتيجة لضعف الميزانية المخصصه له واعتباره تعليم درجة ثانية من قبل المجتمع.
ويرى طارق نورالدين، معاون وزير التربية والتعليم سابقا، أن مدارس التعليم الفني تعاني من الإهمال في المباني والمعامل، الأمر الذي يجعلها لاتقوى على استيعاب الأعداد المخصصة لها من الطلاب سنويا، كما أنها في احتياج كبير إلى تحديث الأجهزة والمعدات الموجودة بالمعامل والقاعات العملية.
وأشار «نور الدين» إلى أن تدريب وتأهيل المعلمين ورفع كفائتهم، يعد أحد أهم عوامل تنفيذ خطة التطوير، وضرورة تكثيف وتشديد أعمال الرقابة والمتابعة والتوجيه من قبل الجهات المعنية بالوزارة على مستوى الجمهورية، ورفع قيمة المخصصات المالية لهذا القطاع، وإعادة ترتيب القرارات التنظيمية واللوائح بحيث تتماشى مع طبيعة كل مدرسة وكل محافظة على حده.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد فتح الله، رئيس وحدة التحليل الإحصائي بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، أن الفجوة بين مخرجات القطاع واحتياجات سوق العمل اتسعت بشدة في الأونة الأخيرة بسبب عدم ارتباط منظومة المنهج ببعضها وضعف التنسيق والتكامل بين الوزراة، والوزارات الأخرى المعنية ذات الصلة بالتعليم الفني، لتوفير التدريبات العملية وتأهيل الخريجين.
وقال «فتح الله» أنه لابد من التنسيق التام بين مؤسسات الدولة، والوزارات الخاصة بقطاع الأعمال، لفتح مجالات لخريجي التعليم الفني، وتغير النظرة الحالية تجاههم والتي افقدته أهميته كأحد أهم عناصر الهوض بالمجتمع .
وتعد مشكلة انحراف مشروع رأس المال عن مساره الحقيقي، أحد أهم مشكلات التعليم الفني حسبما أكد الناشط التعليمي طارق الخضري، رئيس اتحاد معلمي مصر، وابتعاده عن هدفه الحقيقي كمشروع خدمي تعليمي، واهتمام البعض على تحقيق مكاسب مالية من وراءه فقظ، دون تقييم موضوعي للتجربة لتطويرها واستفادة المجتمع من ورائها ووضع تقييم موحد وشامل لها على مستوى الجمهورية.
وأكد «الخضري»، أنه لابد من تشكيل إدارة منفصلة لإدارة المشروع بما يحقق استفادة الطالب والمدرسة والاكتفاء الذاتي لهما، تحت مظلة الوزارة، وإكسابه الثقة والتفاعل الإيجابي نتيجة استفادته من المقابل المادي لتحسين ظروفه المعيشية بما يساهم في زيادة الارتباط بينه وبين المدرسة.
وشدد رئيس الاتحاد على ضرورة وضع قواعد وإجراءات تمكن الوزارة من ضبط أخلاقيات الطلاب ورفع سمة البلطجة عنهم والتي اشتهروا بها في الأونة الأخيرة، واتخاذ إجراءات رادعة حيال تعديهم المتكرر على معلميهم داخل عدد كبير من المدارس.
وأوضح أنه نتيجة لغياب تطبيق القانون في نسب الحضور والإنصراف أصبح عددا كبيرا من طلاب القطاع متسربين من التعليم فعليا، ومقيدون على الورق فقط، مشيرا إلى أن القوانين الرادعة لتلك المخالفات موجودة بالفعل وينقصها التطبيق الحقيقي لها .
ودعا رئيس اتحاد معلمي مصر رجال الأعمال والصناعة، إلى التنسيق مع الوزارات المعنية لوضع خطة متكاملة لتطوير وتأهيل التعليم الفني والاستفادة من خريجيه.