مؤتمر وزراء الثقافة العرب في مصر.. هل يخرج الحدث بنتائج أم ينتهي دون أثر؟
الثلاثاء، 19 يونيو 2018 12:00 ص
تستضيف مصر في شهر أكتوبر المقبل، مؤتمر وزراء الثقافة العرب، وهو المؤتمر الذي يجري تنظيمه بشكل دوري كل عام، في بلد من البلدان العربية، حيث استضافته السودان في نوفمبر الماضي، فيما استضافته العراق عام 2016.
وبدأ قطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة المصرية، برئاسة الدكتور هشام مراد، استعدادات تنظيم المؤتمر المرتقب.
والناظر إلى نتائج مؤتمرات وزراء الثقافة العرب الماضية، يرى أن أغلبها مكلمات، لا تخلف آثارا على الأرض، باستثناء مشروعات العواصم الثقافية العربية، لكن باستعراض لكلمات المسؤولين الرسميين المشاركين في مؤتمر وزراء الثقافة العرب عام (2017)، في السودان، ففي كلمة رئيس هيئة الكتاب الدكتور هيثم الحاج علي، أشار إلى أن مصر تبذل جهودا على مستوى التنمية المستدامة من أجل إقرار تفعيل خطة (2030)، بإشراك فئات المجتمع كافة ومع الاهتمام الكبير بالجانب الثقافي الذي تم تضمينه في قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق رؤية ترتكز على العدالة الثقافية وتنمية المناطق الحدودية وعلى تنمية الصناعات الثقافية ودعم مشروعاتها.
وفعليا على الأرض هناك مشروعات ثقافية مصرية عديدة متأخرة، وتعاني من الاهمال، وتحتاج لمراجعة المسؤولين عنها، ومن أكبر الأمثلة على تعطل هذه المشروعات، متحف الروائي العالمي نجيب محفوظ، الذي تأخرت الدولة المصرية في تنفيذه، وتعاقب مسؤولون، ووزراء على وزارة الثقافة المصرية ولم يتحدد حتى الآن مآل العمل في هذا المشروع الكبير، الذي كان يجب أن توليه مصر لأكبر قيمة وقامة حصلت على جائزة نوبل للآداب، ووضعت الأدب المصري في مصاف العالمية، ومع كل هذا تعجز وزارة الثقافة المصرية عن إتمام مشروع متحف هذا الروائي الكبير.
تصلح كلمات «التنمية المستدامة» وتفعيل الأنشطة، وتعزيز قيم الحب والخير والجمال، وإرساء دعائم التعاون والحوار الإيجابي، لحشو العديد من الخطب والمكلمات التي يتم إلقاءها في هذه المحافل، وكي تتجنب مصر الوقوع في خطأ عقد مكلمة كبيرة، ترهق ميزانية الدولة، وتستنزفها، مع عدم وجود آثار لهذه القمة المرتقبة على الأرض، يجب أن يوجه مسؤولو الثقافة أنظارهم إلى المشروعات الثقافية المتعطلة، في القطر المصري، والعربي، ووضع حلول مبتكرة لإتمام هذه المشروعات، وتنفيذها.
ومن المعضلات التي يجب أن يجتمع لها مسؤولو ووزراء الثقافة العرب، ويناقشوها في القمة المرتقبة، معضلة الكتاب العربي، الأسير بقوانين مقيدة، وحل مشكلات تنقله، ومعالجة أزمات مصادرته في الأقطار العربية، ومخاطر المحتسبين الذين يقتحمون أجنحة دور النشر العربية خلال معارض الكتب، ويهددون الناشرين بقضايا الحسبة، أو الملاحقة، أو حتى الإيذاء المعنوي بالتعرض لمسؤولي المعارض على غرار ما حدث في أحد معارض الكتب العربية مؤخرا، إذ حاصر المحتسبون وأعضاء جماعات الأمر بالمعروف، أحد الناشرين العرب، ووجهوا له اللوم والتقريع بالصوت العالي بعدما اقتنصوا في جناحه أحد الكتب التي لم ترضيهم.
ومن المعضلات التي تواجه الحاضر الثقافي العربي الراهن، تهديد التراث العربي، المتمثل في مطاردة كتب التراث، بقضايا الحسبة، ومحوها، أو الهجوم عليها بتنقيحها تنقيحا يزيل كل ما يراه المحتسبون المؤدبون خادشا للحياء العام، أو خادشا لحيائهم، هذا التراث العربي يواجه اليوم أزمة انغلاق شديدة، لأن بعض القائمين على نشر التراث، يراجعونه ويحققونه وفق نظرتهم القاصرة، ويعتدون عليه وفق أهوائهم، وينقحونه، ويعيدون طبعه وفق منظومتهم الأخلاقية، على غرار ما حدث من إقدام إحدى دور النشر المصرية على طرح نسخة منقحة "مؤدبة" من ألف ليلة وليلة" وهو ما يهدد الإرث الثقافي العربي بالتشويه والمحو.
وقضايا التراث الثقافي المادي ممتدة وطويلة، ومنها ما يواجه أزمة اندثار وتشويه وتحطيم، بسبب مرور بعض الدول باضطرابات أمنية، على غرار اليمن، والعراق، ومع دعوة مؤتمر وزراء الثقافة العرب الذي تم عقده منذ عامين في العراق، إلى تبنى التوصية الخاصة بحماية وتعزيز المتاحف والمجموعات لمتحفية، وتنوعها، وحث الدول العربية على المساهمة في المشروعات التي تشجع تنمية السياحة الثقافية وتحقيق التنمية المستدامة، إلا أننا لم نر أي شيء من هذه التوصيات قيد التنفيذ بعد عامين.