كل العقائد تحض على سداد ديون الغارمات.. هل يخالف المصريون تعاليم أديانهم؟
الإثنين، 18 يونيو 2018 02:00 صعنتر عبداللطيف
في الوقت الذي تحض فيه كل العقائد على مساعدة الناس وتفريج الضيق والكُرب عنهم، لا يبدو أن ملفا مهما مثل سداد ديون الغارمات يحتل أولوية في اهتمامات الناس، فهل يخالفون تعاليم أديانهم؟
جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإفراج عن أكثر من 960 غارمة وغارمة، ضمن العفو الرئاسى، وتكفل صندوق تحيا مصر بسداد ديونهم التي بلغت أكثر من 30 مليون جنيه، بمثابة هدية من الرئيس لهؤلاء الغارمات في أول أيام عيد الفطر المبارك.
الغارمات هن اللاتى عجزن عن دفع المديونيات بعد استدانتها، وهناك بعض النساء كن يردن تجهيز بناتهن، لذلك فقد حصلن على أجهزة منزلية وغيرها مقابل شيكات حررنها لأصحاب المحال التجارية.
الرأي الديني في الأمر واضح ولا يحتمل البحث، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهّل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه"؛ رواه بهذا اللفظ مسلم.
وقد شرح العلماء ما جاء في الحديث الشريف من معانٍ، مؤكدين أن من نفّس أي: فرّج وأزال وكشف، "عن مؤمن كربة"؛ أي: شدة ومصيبة، "من كرب الدنيا"؛ أي: بعض كربها، "نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" مجازاة ومكافأة له على فعله بجنسه؛ قال النووي رحمه الله: فيه دليل على استحباب القرض، وعلى، وعلى تخليص المسلم من السجن.
"ومن يسّر على معسر"؛ أي: سهّل عليه وأزال عسرته، "يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة" مجازاة ومكافأة له بجنس عمله، كما مر ،"ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة"؛ أي: من ستر مسلما اطلع منه على ما لا ينبغي إظهاره من الزلات والعثرات، فإنه مأجور بما ذكره؛ من ستره في الدنيا والآخرة، وليس من لوازم الستر عدم التغيير، بل يغير ويستر، وهذا في حق من لا يعرف بالفساد والتمادي في الطغيان، وأما من عرف بذلك فإنه لا يستحب الستر عليه، بل يرفع أمره إلى من له الولاية، إذا لم يخف من ذلك مفسدة؛ وذلك لأن الستر عليه يغريه على الفساد، ويجرئه على أذية العباد، ويجرئ غيره من أهل الشر والعناد.
ومن ستر المسلم: عدم تتبع عوراته، بل إن تتبع عورات المسلمين علامة من علامات النفاق، ودليل على أن الإيمان لم يستقر في قلب ذلك الإنسان الذي همه أن ينقب عن مساوئ الناس ليعلنها بين الملأ، وقد روي عن بعض السلف أنه قال: أدركت قوما لم يكن لهم عيوب، فذكروا عيوب الناس، فذكر الناس لهم عيوبا، وأدركت قوما كانت لهم عيوب، فكفّوا عن عيوب الناس، فنسيت عيوبهم، أو كما قال "والله في عون العبد"؛ أي: معين له إعانة كاملة،"ما كان العبد في عون أخيه" في الدّين، والإعانة تكون بالقلب والبدن والمال.
الأمر نفسه ستجده بصورة أخرى في المسيحية، وحتى في اليهودية والأديان الأخرى، كما تحض القيم الإنسانية ومسؤولية التضامن والتكاتف الاجتماعي على مساعدة الناس، والتفاعل بشكل إيجابي مع قضية الغارمات، فلماذا يتجاهل المصريون، رغم التبرعات الكثيفة لعشرات الأمور، توجيهات الدين والشرع في سداد ديون الغارمات؟