انفراجة "هداسى جاديب "
الخميس، 14 يونيو 2018 01:33 م
يقول أورسولا لى جوين " ان فى الحرب, الجميع أسرى " وتعنى تلك المقولة العظيمة أن الحرب تأسر كل الأطراف لما تلحقه بضررٍ بالغ للبشر والموارد والأرض وتترك علامة على وجه الزمان .
لذا لم تكن الحرب أو ردة فعل حربية هوجاء هى الحل الأنسب لمصر فى مواجهة مشكلة سد النهضة أو كما يٌنطق باللغة الاثيوبية "هداسى جاديب".
ورغم كل التحديات التى واجهت وعرقلت مسار المفاوضات السلمية التى ستتحول الى اتفاقيات تغلبت مصر عليها وأجبرت كل الأطراف على الجلوس على مائدة التفاوض مرة أخرى .
ففى البداية كانت العلاقات السياسية بين مصر ودولة شمال السودان متوترة بعض الشئ ثم عادت التوترات الداخلية داخل اثيوبيا والتى على اثرها ترك ديسالين رئاسة الوزراء لخلفه " أبى أحمد" لتؤثر على سير المفاوضات من مماطلة وعرقلة من جانبهم حتى أن عادت مرة أخرى منذ ايام قلائل لتثمر باتفاقيات على أراضٍ مصرية .
أن السيناريو البديل فى حالة تعطل العمل بالمفاوضات كان الحل العسكرى الذى توقعه كثير من المحللين ربما من تواجد قواتنا فى مطار جوبا أو بعد فقدان الأمل فى الوصول لحلول مشتركة وتوطيد أواصر العلاقات الطيبة بين البلدين .
فالحل العسكرى – برغم قدرة مصر عليه- وسهولته خصوصًا بعد أمتلاك مصر قطع جوية معينة وحاملة طائرات فرنسية تستطيع أن تدمر كل ما يضر بمصلحة مصر ولكن لم تلجأ له القيادة المصرية لعدة أسباب: أولها لعدم الاضرار بالاقتصاد المصرى والانفاق الحربى فى حرب مع دولة شقيقة ,ثانيها هو فتح الباب أمام مطامع الغرب فى رؤية مصر تنخرط فى حروب ولا تلتفت الى حزمة الاصلاحات التى تتم بها وربما كانت ستمول دول معادية لمصر الطرف الأخر لتكبد مصر خسائر لا حصر لها ,ثالثها وهو الجانب الانسانى الذى تراعيه مصر فى ذلك الملف وهو حرصها على عدم الاضرار بمصلحة الشعب الاثيوبى الذى يفتقر لكثير من الفرص فى حياة أفضل وتوتر العلاقات الاثيوبية الاريترية وفقدان اثيوبيا لمطل مائى .
حتى جاء أبى أحمد الى القاهرة وهو على تفهم كامل لحرص وقلق الشعب المصرى على حصته من الماء وحقوقه فى المياه ليقسم أمام الشعب المصرى ولكن فى حقيقة الأمر أن هذا القسم لم يكن للشعب المصرى قدر ما كان تعهدًا يسجله العالم ويٌحسب على رئيس وزراء اثيوبيا .
فالكلمات التى تخرج من أى مسئول كبير أمام العالم هى بمثابة وثيقة رسمية وليست كلاماتًا عابرة لا يستطيع أن يخلفها أو يعكسها وان حدث ذلك حينئذ سوف يكون العالم كله بكل مؤسسات الأمم المتحدة خاصة مجلس الأمن فى صف مصر وليتحمل هو أى عواقب!
وكما يخشى الشعب المصرى على حصته فى المياه عليه أن يرشد ويحافظ على ذلك المورد فالماء هو أكسير الحياة.