نكشف الشخصية الحقيقية للمسيحي محفظ القرآن في «عوالم خفية» (فيديو وصور)
الأحد، 10 يونيو 2018 09:00 مكتب- مصطفى الجمل
«وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين»، يجلس الشيخ الكفيف مردداً الآية الكريمة، وخلفه أطفاله يرددون في حماس وسعادة، لا يعير ضيوفه انتباهاً إلا بعد الانتهاء من درسه اليومي، يصرف الأطفال لمنازلهم ويأمرهم بالتمعن في معاني ما حفظوه اليوم، محدداً لهم ميعاد الغد وما عليهم فعله قبل القدوم.
ضيوفه صحفي مشهور يحقق في قضية فساد كبرى، وصديق له يعمل ضابط بجهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية، يحييهم الشيخ ويسألهم عن طلبهم، فيجيبونه بأنهم قصدوه بعدما عرفوا أنه كبير القرية وأعلم أهلها بأهلها، فهم يبحثون عن أي من أقارب 20 شاباً مسيحياً تم اختطافهم وقتلهم منذ سنوات، أثناء استقلالهم اتوبيس متوجه لأحد الأديرة، يستجيب الشيخ لطلبهم ويبعث بمنادي لأحد أهالي القرية، يأتي ويدلي بكل ما لديه من معلومات عن الحادث موضع التحقيق الصحفي، قبل أن يفجر المفاجأة ويكشف أن الشيخ الذي كان يتجلى بقراءة القرآن منذ دقائق بسيطة، يدعى ابراهيم اسحق حنا، مسيحي يُحفِظ القرآن لكل أهل القرية منذ 30 سنة، وفقد عينيه بسبب بكائه على نجلته التي كانت تستقل أتوبيس الشباب المخطوفين.
المشهد الصادم، جسده الفنان عادل إمام والفنان فتحي عبد الوهاب في عملهم الرمضاني «عوالم خفية»، انبهر الجمهور بعبقرية الصورة التي نقلها المخرج رامي إمام، بداية من اختيار الآية الكريمة التي تحض على الجدال بالحسنى كوسيلة لحل الخلاف، لأن الله وحده الذي يملك الهداية لعباده، مروراً بتجلي المسيحي بقراءة القرآن، نهاية بما قاله الشاب المسيحي عن أن أهل القرية كلها مسلمين ومسيحيين يحفظون القرآن عند الشيخ ابراهيم منذ عشرات السنوات، مما مكنهم من التفرقة الحقة بين صحيح الدين الإسلامي، وما يدعونه أصحاب الأفكار التكفيرية، والمتهمين بخطف الـ20 شاباً.
عبقرية المشهد، في حقيقة الأمر ليست من صنع مؤلفي العمل وإن كان الشكر حقاً لهم على الانتباه للتقرير الذي أذيع منذ عامين على أحد الوكالات الدولية، عن الشيخ عياد أو كما ينادى «عم عياد»، الذي يسكن قرية طهنا الجبل بمحافظة المنيا في صعيد مصر، وورث مهنة تحفيظ القرآن وتعليم الأطفال الدروس الدينية عن أبيه من 65 عاماً.
عم عياد
عم عياد، قال في تصريحات صحفية كثيرة، إنه حفظ القرآن مع زملائه المسلمين في المدرسة، وكان عندما يعود لمنزله يجد والده يحفظ أطفال القرية أمور دينهم الإسلامي، فلما وصل لسن العشرين تسلم الراية، وراح يخصص للأطفال بعد انتهاء يومهم الدراسي وقتاً لتحفيظهم القرآن وتعاليم الدين الإسلامي، مقابل مبلغ شهري رمزي مستمر، وصل في 2016 إلى 10 جنيه.
عم عياد
65 عاماً قضاهم عم عياد في تحفيظ المسلمين والمسيحيين القرآن الكريم، انتهت بتحفيظ نحو 1700 تلميذ مسلم و800 مسيحي، مرسياً دون أن يدري أو يطلب أحد منه ذلك، قيمة التسامح بين الأديان وإرساء قيم المحبة بين أخوة الوطن الواحد.
عم عياد