3 وزارات في مهمة مقدسة.. تفاصيل الجهود الحكومية لحماية صناعة النشر
الأحد، 10 يونيو 2018 11:00 موجدي الكومي
لم تزل أصداء حملة «لا للكتاب المزور» التي أطلقها اتحاد الناشرين العرب أول من أمس، تثير جدلا كبيرا في أوساط الناشرين الذي ذهب بعضهم إلى أنها لن تلقى استجابة من الحكومات العربية في ظل تراخي تطبيق قوانين حماية الملكية والفكرية، فيما نشرت أمس صوت الأمة تقريرا عن الحملة، متبوعا باقتراحات أن تدعم الدولة صناعة نشر الكتاب الورقي، حتى لا يتعرض للموات، بسبب غلبة مافيا تزوير الكتب على السوق المصري.
وننشر هنا سبع وسائل تملكها الدولة المصرية، ممثلة في وزارات الثقافة والشباب والاتصالات يمكنها أن تحمي بها صناعة النشر، وتدعمها، وفي نفس الوقت لا تتخلى عن مسؤوليتها تجاه القارئ، أول المضارين من ارتفاع أسعار الكتب، وأول من يهرع لشراء الكتاب المزور، فتحافظ بذلك على حقوق الكاتب، ليستمر في العمل والتأليف، وتدعم الناشر، الذي يلتزم أمام الدولة بسداد الضرائب عن عمله.
ويلتزم أيضا بسداد التزاماته الأخرى من فواتير الخدمات المختلفة مثل الكهرباء والمياه والغاز، ويوظف عاملين لديه، من رسامين، ومصححين، ومصممي أغلفة، ومراجعين، كما يشارك الناشر في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي تقيمه وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الكتاب، بالتعاون مع هيئة المعارض.
وتستقبل مصر خلال دورة معرض الكتاب كل عام حوالي 700 ناشرا – شارك 950 ناشرا في دورة معرض الكتاب هذا العام- وإذا ما جاء الناشرون ووجدوا مصر وقد تحولت إلى واحة لمافيا التزوير، فإن هذا سيهدد إقامة نشاط معرض الكتاب وربما يؤدي إلى مقاطعة الناشرين المعرض لعدة دورات.
1- دور وزارة الثقافة
على وزارة الثقافة الدور الأكبر في ملف حماية صناعة النشر، ودعم الناشرين، ونصيبها على الأقل أربع أو خمس نقاط من النقاط السبعة المقترحة في رأس الموضوع، وأولى هذه النقاط هي دعم الناشرين بشراء نسخ من أعمالهم المطبوعة تذهب إلى المكتبات المدرسية، وإلى المكتبات العامة.
2- ازرع في كل حي مكتبة عامة
من الغريب على مصر وهي البلد الأقدم في تأسيس نظام المكتبات، صاحبة مكتبة الإسكندرية الشهيرة، التي تأسست منذ 23 قرنا، ثم أُعيد بنائها عام 2002 وافتتاحها أن تشهد تراجعا في عدد المكتبات العامة، بل وغلقا متعمدا لعدد من المكتبات، ومن أمثلة ذلك مكتبة عزبة أولاد علام بالدقي، التي تحتاج تزويدها بالكتب، وإعادة افتتاحها.
3- مشروعات النشر المشتركة بين وزارة الثقافة والناشرين
هذه الخطوة من أكثر الخطوات الإيجابية التي اتخذتها وزارة الثقافة منذ سنوات، وهي فتح مجال النشر المشترك بين قطاعات الوزارة التي تنشر، أو تترجم، ودور النشر الخاصة، فتعاون فعلا المركز القومي للترجمة مع دور العين، وآفاق، والتنوير، وأنتجوا أعمالا مهمة.
ولكن يبقى ملحوظة على مشروعات النشر المشتركة، هى اختلاف تسعير الكتب بين الوزارة والناشر الخاص، وهو ما يهدم أساس التعاون المشترك بين الجانبين، فكيف تمنح وزارة الثقافة سعرا للكتاب، أرخص من سعره هو نفسه الذي يبيع به الناشر الخاص، وقد ظهر هذا التضارب في حالة كتاب «أقنعة الجنسانية» الذي طرحته دار التنوير والمركز القومي الترجمة، وكان سعره في دار التنوير، أعلى من سعره في القومي للترجمة.
4- تسعير الكتب
في الوقت الذي تقفز فيه أسعار كتب الناشرين المصريين إلى أرقام تكاد تكون في غير متناول أيدي القراء، مما يجعلهم يشترون الكتاب المزور، تدير الدولة ممثلة في وزارة الثقافة ظهرها للموضوع برمته، وكأنه لا يعنيها هذا التفاوت الرهيب بين أسعار كتب هيئة الكتاب، وأسعار كتب دور النشر الخاصة، بل يبدو أن وزارة الثقافة مستمتعة بهذا التفاوت الشاسع بين أسعار كتبها.
وكأنها في مجال منافسة مع دور النشر الخاصة، بينما صناعة النشر في مصر لا تنهض على التنافس بل تنهض على التكامل والاحتواء، ومن ثم يجب أن تتدخل وزارة الثقافة لضبط منظومة تسعير كتب دور النشر الخاصة، ولا تتدخل لرفع أسعار كتبها، فالواجب الحتمي على وزارة الثقافة تجاه القراء المصريين أن توفر لهم الكتب بأسعار مدعومة، وكذلك تضبط تسعير الكتب في سوق النشر المنفلت تماما، فلا معيار واحد ثابت يمكننا منه أن يوضح لنا أسباب ارتفاع سعر كتاب عن آخر.
5- وزارة الشباب..مراكز شباب وأندية ومكتباتها مهملة
على وزارة الشباب دور كبير في مساندة صناعة النشر، ومن الغريب أن وزارة الثقافة اكتفت بتوقيع بروتوكولات إقامة معارض للكتب في بعض مراكز الشباب، لكنها لا تواصل تدعيم هذه البروتوكولات بحملات وقوافل لتزويد مكتبات مراكز الشباب المنتشرة في أرجاء الجمهورية بجديد إصدارات دور النشر الخاصة، وليس الاكتفاء فقط بالجديد الذي تطرحه هيئة الكتاب وقصور الثقافة وغيرها من قطاعات النشر من وزارة الثقافة، بل إن كتب المركز القومي للترجمة لا تجدها متوفرة في مكتبات مراكز الشباب.
6- وزارة الاتصالات..مساعدة مشاريع رقمنة الكتب وطرحها بأسعار معقولة
ظهرت عدة مشروعات خاصة في الآونة الأخيرة لرقمنة الكتب، وتحويلها إلى كتب ديجتال، ومنها مشروع «كتبي» وهو مشروع يتبع إحدى شركات المحمول في مصر، لم يسهم هذا المشروع على الرغم من استمراره حتى الآن، في القضاء على انتشار الكتب المصورة بصيغة PDF رغما عن أنف مؤلفيها ودور النشر التي أصدرتها، بل يمكن القول أن الكتاب الديجتال الذي طرحه مشروع كتبي، يقترب في سعره من سعر الكتاب الورقي، مما أفقد المشروع جاذبيته في أن يتحول القارئ المصري إلى شراء الكتب بصيغة ديجتال، بدلا من صيغة PDF، والمأمول أن تجد وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية حلا يمكن الجانبين من طرح كتب رقمية، بأسعار مخفضة تمنح القارئ المصري جذبا لتشجيع صناعة النشر، وتخطي أزمة الكتاب المزور.