«ما تقرأش PDF وما تشتريش مضروب».. شراء الكتب المزورة يهدد صناعة النشر العربية
السبت، 09 يونيو 2018 08:00 م
تزوير الكتب أكبر تحديات سوق النشر في مصر، إذ تتراجع اقتصاديات صناعة النشر مع ارتفاع الأسعار، وتتراجع قدرات الناشرين على الاستمرار مع تنامي التزوير، وتقف صناعة الكتب في مهب الريح.
قضية التزوير أصبحت صداعا في رؤوس كل المهتمين بصناعة النشر، وقد أطلق اتحاد الناشرين العرب حملة "لا لتزوير الكتب"، استجابة لتدوينة كتبها أحد أعضاء الاتحاد عبر صفحته على واحد من مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الناشر خالد أحمد قبيعة، صاحب إحدى دور النشر اللبنانية، كاشفا أن مشكلة تزوير الكتب ليست مشكلة محلية مصرية، بقدر ما هي مشكلة عربية تعاني منها إحدى كبريات عواصم النشر العربية، وهي بيروت.
من المعروف كيف يتسبب تزوير الكتب المنشورة، أو تصويرها بعد صدورها وتداولها بصيغة "PDF" في خسائر مؤكدة للناشرين الذين يتكلفون تكاليف طباعة الكتب ويدفعون مقابل المواد الخام، من ورق وأحبار، وخامات طباعة، وكذلك يدفعون رواتب موظفيهم، وضرائب وغيرها من تكاليف، في طريقهم لإصدار الكتاب، الذي ما أن يصدر، ويحقق نجاحا مأمولا، أو يفوز بجائزة، حتى يجد مزورا في انتظاره، ينقض عليه فيزوره بإعادة طبعه في مطبعة خاصة، وبشكل سري ثم يوزعه على باعة الكتب المزورة، التي يتلقفونها فيطرحونها للبيع في منافسة للكتاب الأصلي الذي يباع بشكل شرعي في المكتبات العامة، أو الخاصة، وهو ما يقلل من بيعه، ويتسبب في خسارة الناشر الأصلي صاحب الكتاب، ومؤلفه، وكذلك المكتبات الخاصة التي لا تتعامل بالطبع في الكتاب المزور.
تبدو إشكالية تزوير الكتب غير واضحة، وغير مفهومة بالنسبة لجمهور القراء الذي يشكو من ارتفاع أسعار الكتب في فترة تسبب فيها تغيير سعر صرف العملة في ارتفاع أسعار مواد الطباعة، وهو شق آخر من المشكلة.
جمهور القراء يبحث عن كتاب بسعر معقول، لا يرهق ميزانيته، فيتجه في الغالب لشراء الكتاب المزور، وهو يظن أن بائعه، أو طابعه أتاحه بالاتفاق مع الناشر، وهو الأمر المغاير للحقيقة، فبعض الناشرين يعرف بأمر المزورين، ويبلغون مباحث المصنفات عن أنشطتهم غير المشروعة، لكن بطء الإجراءات، أو صعوبة ضبط المزور، ومخازن كتبه المنسوخة بدون وجه حق يتسبب في إفلاته دائما من قبضة رقابة المصنفات.
سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين
وخطورة الكتب المزورة، التي لا يعلمها القارئ الذي يتجه لشرائها، أنه يدفع نقوده في نهر من الأموال غير المشروعة، تذهب في النهاية إلى جيب شخص متهرب من الضرائب، يمارس نشاطا غير مشروعا في أقبية سرية، أو مطابع "تحت بير السلم" ولا يلتزم بدفع رواتب، كما لا يلتزم بدفع ضرائب للدولة عن نشاطه غير المشروع بالطبع، ولا يدفع فواتير كهرباء كالناشرين الرسميين الذين يديرون مؤسسات واضحة ومعروفة في العلن، ملتزمة بسجل تجاري، وغيرها من التزامات تأمينية تجاه العاملين بهذه المؤسسات.
أما ارتفاع أسعار العملة، وتغيير سعر الصرف، فهذا تسبب من جهة أخرى في زيادة أعباء الناشرين، مما أدى بهم إلى رفع أسعار الكتب، وهو الموضوع الذي كنا قد استطلعنا فيه آراء ناشرين وأصحاب مكتبات.
والحل المأمول، هو أن تدعم الدولة صناعة النشر، أولا بتنشيط حملات المصنفات على المطابع التي تطبع الكتب المزورة، وتعمل في استنزاف صناعة النشر، وتهددها، وتضبط مخازن الكتب "المضروبة" أو المزورة، وتحاصر باعة الكتب المزورة المعروفين الذين يعرضون بضاعتهم في أماكن معروفة بوسط البلد، وغيرها من الأماكن.
كما أن هناك حلول أخرى بوسع وزارة الثقافة أن تتخذها لدعم صناعة النشر في مصر، وحمايتها، ومنها دعم الناشرين، بتوسيع دائرة النشر المشترك، وشراء نسخ كبيرة من طبعات كل كتاب، وتوزيعها بالمكتبات العامة، أو بمكتبات قصور الثقافة المنتشرة في الجمهورية، وكذلك دعم الناشرين المصريين بشراء نسخ من كتبهم وتوزيعها في المكتبات المدرسية، بما يحقق فائدة أكبر للناشر، ولمؤلف الكتاب، وللدولة التي تحارب الأنشطة غير المشروعة التي تهدد الصناعات المختلفة، ومنها صناعة النشر.