التحريات "الفشنك" تبرئ شخصين من تهمة القتل العمد.. والسبب "غياب دليل الإدانة"
الخميس، 07 يونيو 2018 08:00 معلاء رضوان
«التحريات وحدها لا تكفى كدليل إدانة»..مبدأ من المبادئ القانونية الهامة التى أرسته محكمة النقض المصرية، لوقف ظاهرة القبض والحبس بسبب الخطأ في التحريات أحد أبرز الدفوع التى يتقدم بها المحامين فى القضايا.
جرة قلم من ضابط مباحث تتسبب أحياناَ بزج أبرياء خلف غيابات السجون، نتيجة «تحريات مكتبية» تُجرى عادة على يد أمناء شرطة وخفراء ومخبرو المباحث، ممن يعتمد عليهم ضباط المباحث فى كتابة محاضر التحريات، وأحياناَ ضباط شرطة، وفى النهاية تكون تلك «التحريات فشنك» كما حدث «أ.ن» و«م.ح» اللذان حصلا على البراءة فى حكم فريد من نوعه رغم اتهامهما فى قضية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
الحكم صادر من محكمة جنايات قنا، في القضية رقم 13636 لسنة 2016 برئاسة المستشار عبد الفتاح أحمد، وعضوية المستشارين عماد سامي وردخان، وحسام عبد الرازق، ومحمد عبد الناصر وكيل النيابة، ومحروس عبد اللطيف، أمين السر.
بداية الواقعة
البداية فى غضون 28 أكتوبر 2016، بدائرة مركز قنا، اتهمت النيابة العامة كل من «أ.ن» و«م.ح»، بقتل «على.م»، عمداَ مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله، وأعدوا لهذا الغرض بندقيتين آليتين محل الاتهام تالي الوصف وتربصوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاَ مروره فيه، وما أن ظفروا به حتى أطلقا صوبه وابلاَ من الأعيرة النارية من سلاحيهما الناريين، قاصدين قتله.
الإحالة للجنايات
وعقب مرور شهرين على الواقعة وتحديداَ بتاريخ 1 يناير 2017 أحيلت الدعوى إلى المحاكمة الجنائية لمعاقبة المتهمين طبقاَ للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فيما قامت المحكمة بمطالعة الأوراق وسماع أمر الإحالة وطلبات النيابة وتلاوة أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهمين، حيث شهد على الجريمة كل من رية أحمد والنقيب محمد المغربي، وما ثبت من تقارير الصفة التشريحية للمجني عليه.
شهادة الزوجة
رية أحمد الشاهدة الأولى في القضية وزوجة المجني عليه، شهدت أنه وعلى آثر خصومة ثأرية وحال تواجدها رفقة زوجها المجني عليه أبصرت المتهمان حال إحرازهما لسلاحيين ناريين بندقيتين آليتين، وما إن أبصرا المجني عليه حتى أمطراه بوابل من الأعيرة النارية، فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله.
شهادة الضابط مجرى التحريات
بينما شهد النقيب محمد كمال المغربي، معاون مباحث مركز شرطة قنا، أن تحرياته السرية توصلت على صحة ما شهدت به الشاهدة الأولى، وثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه أن إصابته الموصوفة بالرأس هي إصابة حديثة ذات طبيعة نارية حدثت من مقذوف ناري مفرد، وقد نفذت وخرجت من جسد المجني عليه وتعزى الوفاة لإصابة المجني عليه بالرأس.
دور المحامى
كل هذه الأحداث حتى جاء دور محامى المتهمين وليد إبراهيم فتح الله، الذي طلب خلال الدفاع القضاء ببراءة المتهمين تأسيساَ على تناقض أقوال شاهدة الإثبات الأولى بمحضر الاستدلال عنها بالتحقيقات وعدم وجود شاهد رؤيا وعدم جدية التحريات وانتفاء نية القتل وعدم توافر سبق الإصرار والترصد وعدم معقولية تصوير الشاهدة الأولى للواقعة لخلو الأوراق مما يفيد حدوث حدرى بالمنزل كما ذكرت بأقوالها مما يفيد أن للواقعة صورة أخرى وتناقض الدليلين القولى مع الفني.
الحيثيات
ثم جاء دور المحكمة في تفنيد كل الأحداث التي وقعت حيث أكدت خلال الحيثيات أنه لما كان من المقرر في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه في الحكم مؤدياَ إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في حكم العقل والمنطق، وكانت الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة.
المحكمة أكدت أنه من مطالعة أوراق القضية فقد خلت من ثمة دليل على ارتكاب المتهم للواقعة، فدليل الاتهام ضد المتهمين هو ما شهد به شهود الإثبات، وقد قررت الأولى بمحضر جمع الاستدلالات أن المتهمين دخلوا على المجني عليه المنزل في حين أنها قررت بتحقيقات النيابة العامة أن المتهم هو الذي خرج من المنزل، كما أنه جاء بأقوالها أن المجني عليه قد تناول طعام العشاء في حين أنه جاء بتقرير الطب الشرعي وجود آثار سائل بنى في أمعاء المجني عليه، مما يجعل المحكمة لا تطمئن إلى شهادة الزوجة لتناقضها مع بعضها البعض، كما تناقضت مع الدليل الفني بالأوراق إضافة إلى ما شهدا به كلا من أمال عبد المالك ومنى عبد المالك من أنهما كانا مع والدهما ووالدتهما حال وقوع الحادث وأن والدتهم والشاهدة الأولى لم تشاهد المتهمين، وأنها اتهمتهم لوجود خلافات فيما بينهم وهو ما تطمئن له المحكمة.