محضر إهدار مياه للأسطى إبراهيم.. ماذا عن ملاعب الجولف؟!
الخميس، 07 يونيو 2018 02:32 م
أمام أحد منافذ مرور الدراسة وقف الأسطى إبراهيم سائق الميكروباص قرابة الساعتين ممسكا بورقة صغيرة تحمل الرقم 57، صوت نسائي أثلج صدره خرج من المايكرفون الإذاعي فوق رأس الطابور "رقم سبعة وخمسون شباك رقم 6".
طار إبراهيم أمام الموظف، يد تكرمش فلوس تجديد الرخصة التي عرف قيمتها من زملائه، ويد تمسك جميع الأوراق، فعل ذلك عشرات المرات طيلة حياته، اطلع الموظف على الأوراق، ونظر إلى الأعلى بعد رفع نظارته وبدأ الحوار.
- فين وصل غرامة الحي يا أسطى إبراهيم؟
- غرامة حي إيه سعادتك
- انت عليك غرامة بسبب محضر بيئة فين المصالحة ؟
- محضر بيئة إزاي يعني. أنا عملت حاجة بيئة
- لازم مصالحة من الحي لأنك كنت بتغسل العربية في الشارع
- يا باشا ما إحنا طول عمرنا بنغسلها في الشارع إيه اللي جرا
- اللي جرا إنك لازم تدفع الغرامة وتعمل المصالحة عشان نجدد الرخصة
بعد مناوشات وقيل وقال هدأت نار إبراهيم قليلا ليستوعب حينها وقع الصدمة، لابد أن يدفع غرامة الحي ويأتي بورقة المصالحة بسبب غسل سيارته في الشارع لتجديد الرخصة، في النهاية رضخ إبراهيم للقانون وأمره لله.
منذ شهور وشرع رؤساء الأحياء في محافظة القاهرة بتطبيق قرار المحافظ، ونتج عن ذلك تحرير محاضر بيئة لعدد لا بأس به من السائقين الذين يهدرون المياه بسبب غسل سياراتهم في الشارع، ووفقا للقرار لا يتم تجديد رخصهم إلا بعد عمل مصالحة من الحي.
ردة فعل رؤساء الأحياء بدأت من 4 شهور، بعدما أصدرت شركة مياه الشرب بالقاهرة تقريرا مفاده أن المحافظة وحدها تهدر يوميا مليون متر مكعب من المياةن وأننا اقتربنا كثيرا من مرحلةالشح المائي، ووجه محافظ القاهرة فورا تعليماته لرؤساء الأحياء بمراجعة دورات المياه العمومية بالمستشفيات والمدارس والمصالح الحكومية والمباني العامة، وتفعيل قرار بعمل محضر بيئة لكل من يتم ضبطه يرش مياها أو يغسل سيارة في الشارع وتتراوح الغرامة بين 2000 و20 ألف جنيه حسب خطورة الواقعة.
لا يمكن إنكار خطوة محافظة القاهرة القوية لمنع إهدار المياه، ولا ندافع عن مخالفة القانون بأي شكل من الأشكال، لكن أين التوعية أولا، واقعيا إذا مررت على أحد أصحاب المقاهي في الحي القريب منك وسألته عن القانون في إهدار المياه، أجزم لك أنه لن يعرف شيئا مثل كثيرين، بدون توعية المواطنين ومشاركتهم في ترشيد استخدام المياه في ظل تأثر حصة مصر من مياه النيل، لن تفلح العقوبات القانونية وحدها، وستبدأ لعبة القط والفأر.
منذ أسابيع بدأت وزارة الزراعة اتخاذ خطوات فعلية في قضية ترشيد المياه، قضى مسؤولو معهد البحوث الزراعية شهورا في إجراء أبحاث على محاصيل أقل شراهة للمياه عن المستخدمة حاليا، والقانون الجديد حدد المساحات المنزرعة في المحافظات من الأرز والقصب. تحركات كثيرة هنا وهناك من المعنيين بالأمر، كل الجهات – أحياء زراعة شرطة - تحاول توفير قطر مياه.. ولكن.
وماذا عن ملاعب الجولف والمنتجعات السياحية؟!!
كل ما يحدث في الشوارع من إهدار المياه في وادٍ، وما يحدث في ملاعب الجولف والنوادي والمنتجعات السياحية في وادٍ آخر، آلاف الأمتار المكعبة من المياه العزبة تروح سدى، ليس من المنطقي تطبيق القانون على الأسطى إبراهيم وترك الحبل على الغارب لأصحاب الكومبوندات دون مساءلة، لماذا لا تلزمهم الدولة بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر والمياه الجوفية لاستخدامها في رش الحدائق وحمامات السباحة، ومطاردتهم بالغرامات المقررة في القانون.. أليس الجميع سواء أمام القانون؟.